أخاف على أمي من الموت، فماذا أفعل؟
2022-09-01 00:08:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
كيف أتخلص من الخوف أن أفقد أمي التي تبلغ من العمر 63 سنة، هذا التفكير يدمر سعادتي، مع العلم أنها تعيش في مصر وأنا خارج مصر، ولست متزوجةً، وكل فترةٍ أذهب إليها في إجازةٍ لمدة 3 شهورٍ، ولقد توفي أبي منذ 10 سنواتٍ فجأةً دون مرضٍ.
أنا أستطيع تحمل مسؤولية نفسي، ولا أعتمد على أمي، ولكني أحب وجودها، إذا لم أسمع صوتها في اليوم أكثر من 3 مرات أشعر بالاكتئاب الشديد، وإذا لم ترد على التليفون عند اتصالي في نفس اللحظة تنتابني حالةٌ من الرعشة وخفقان القلب والرعب حتى ترد على اتصالي، وجودها هو الأمان بالنسبة لي، ماذا أفعل؟ في كل يومٍ وكل وقتٍ هناك أفكار سوداء في رأسي لا أستطيع التحكم بها؟ أرجوكم ساعدوني بدون أدويةٍ.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله أن يتقبل منك بر الوالدة وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يطيل عمرها في طاعته، وأن يجعلنا جميعاً ممن طال عمره وحسن عمله.
أنت مأجورةٌ على هذه المشاعر التي نرجو أيضاً أن تكون في حدودها المعقولة، فهذا الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وما منا من إنسان إلا ويتمنى أن يطول عمر الوالد وعمر الوالدة وعمر كل من يحب، ولكن لكل أجلٍ كتابٌ، والإنسان ينبغي أن يعلّم نفسه الرضا بقضاء الله وقدره، والصبر عند الصدمة الأولى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- مر على امرأة تبكي على قبرٍ، فقال لها يذكرها بالصبر، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي -ولم تعرفه- فقيل لها إنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتت إليه لتعتذر، ولم تجد عنده بوابين، فقال لها: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
الإنسان لا يتمنى لوالديه إلا الخير، ولكن أيضاً ينبغي أن يوقن بأن تلك اللحظة ستأتي عليهم أو علينا، وأن الإنسان ينبغي أن يرضى بقضاء الله وقدره، ومما يعين الإنسان على تحمل هذه الصدمة وتحمل مصيبة الموت، تذكر مصابنا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، أغلى مفقودٍ عليه صلاة الله وسلامه، ثم القناعة بأن الله قال لنبيه: (إنك ميتٌ وإنهم ميتون)، ثم أيضاً اليقين بأن ما عند الله خيرٌ للأبرار، فليست القضية أننا نموت أو أن أحبابنا يموتون، لكن القضية أن نجتهد نحن وأن ننصح لأحبابنا بأن يقدموا لأنفسهم، فاجتهدي في بر الوالدة واعتدلي في هذا الجانب، ومما يعينك على الوصول إلى المستوى المقبول شرعاً، زيادة جرعة الإيمان، الثقة بالله، حسن الظن بالله تبارك وتعالى، اليقين بأن الموت ليس نهاية المطاف، بل هو محطةٌ إلى سعادةٍ بالنسبة للمؤمنين، ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وخيراً.
ولكن أنت بحاجةٍ إلى أن تستدعي عناصر الإيمان، إلى أن تتذكري أن الموت هو مصير كل الأحياء بلا استثناءٍ، ولا يبقى إلا وجه الله سبحانه وتعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)
ونسأل الله أن يعينك على تفهم هذه المعاني، والإنسان إذا تيقن المعاني الشرعية، تذكر الذين مضوا من خلق الله تبارك وتعالى، تيقن أننا جميعاً نمضي، المهم أن تجتهدي في برها في حياتها والاهتمام بها، وتجتهدي في الوفاء وبرها أيضاً بعد وفاتها، وهذه من نعم الله علينا أن بر آبائنا والأمهات لا ينتهي بموتهم، ولكن يمتد بالدعاء لهم، والاستغفار لهم، والصدقة عنهم، الحج والعمرة نيابةً عنهم، صلة الرحم التي لا توصل إلا بهم، هذه أبواب من الخير وغيرها يمضي بها البر بعد أن يمضي الآباء والأمهات، فرحم الله الوالد رحمة واسعة، وأطال الله في عمر الوالدة وفي عمر كل من يعز علينا وعليكم، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.