أعاني من اضطراب نفسي شديد، ولا أعرف كيف أتخلص منه؟
2022-03-28 00:04:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من اضطراب نفسي منذ طفولتي، عدم الراحة، وضعف شخصيتي، عدم الرغبة بأي شيء، لا طعام ولا أصدقاء، لا أهتم بمن حولي أبدا، ولا تهمني التفاصيل، أدت هذه الحالة إلى ضعف جسدي وعدم الرغبة بالطعام أبدا، وضعف ذاكرة وانطواء، وليس عندي أصدقاء.
دائما مزاجي غير جيد وغير مسرور، وأضحك وأجامل كذبا، لا أفكر بالزواج بسبب هذه الحالة، أخاف من أدق التفاصيل حتى عند نومي، أستيقظ وأجد فراشي مبهدلا بسبب تقلبي الشديد.
غير قادر على تطوير نفسي، وأفقد الأمل والرغبة من كل شيء، أريد الخروج من حالتي لأصبح إنسانا طبيعيا، أصبح عمري 35 سنة، وأظن أنني لن أستطيع التغير.
المشكلة منذ بداية طفولتي ودخول المدرسة وأنا أعاني من هذه الحالة، وكأنني ولدت بها، لذلك لا أجد أملا، ولا يمكن أن أقول لأحد ما بداخلي، لأنني أعلم أنه لا أحد يقدر على مساعدتي، وسوف يدعمني بالكلام فقط والمواعظ.
أنظر للحياة على أنها تافهة، ولا يوجد فيها شيء ممتع، ولا تستحق الركض والتعب لأنني سوف أموت، أنا أعلم أنني مريض، وأعلم ما هو مرضي ومدرك بما أفعله، هل يمكن لشخص بمثل حالتي أن يشفى ويتغير؟
جربت الكثير من الطرق ومنها أخذ فيتامينات، أو المداومة على الصلوات، ولكن لم أستطيع الخروج من مرضي -للأسف-.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي الكريم: الإنسان يستطيع أن يتغيّر ولا شك في ذلك، والفكر الإنساني يُؤثّر على مشاعر الإنسان، وكذلك على أفعاله، فالفكر السلبي دائمًا يؤدي إلى مشاعر سلبية وإلى أفعال سلبية، وقد وجد علماء السلوك أن الشخص الذي يشتكي من نفس الشكوى التي تشتكي منها عليه أن يعتمد ما يُسمَّى بقوة الآن، بمعنى: ألَّا يلتفت إلى الماضي، لأن الماضي أضعف، والماضي قد انتهى، ويجب ألَّا يكون حكم الإنسان على نفسه حُكمًا نمطيًّا، بمعنى أنني من الطفولة هكذا فلن أتغيّر، لا، هذا ليس صحيحًا.
قوة الآن هي أحد المنافذ العلاجية العظيمة جدًّا، بمعنى أن أقيّم نفسي، أن أعرف مصادر القوة التي حباني بها الله تعالى وأحاول أن أنمّيها بالتدريج، مثلاً: أنت لو بدأت برنامج رياضي بسيط جدًّا، عشر دقائق مشي، ثم زدتها بعد يومين إلى رُبع ساعة وهكذا، هذه بدايات ممتازة جدًّا، لو بدأت مثلاً أن تقرأ في بعض الكتب المفيدة، أليست هذه ذات فائدة عظيمة؟ نعم، إذا بدأت مثلاً أن تهتمّ بالواجبات الاجتماعية، سمعت بصديقٍ، قريب، شخص تعرفه مريضًا بالمستشفى وذهبت إلى زيارته، هذا يعود عليك بمردود عظيم، دُعيتَ لمناسبة طيبة، زواج أو غيره، لبّيت الدعوة، سمعت بعزاء ذهبتَ وقدّمت واجب العزاء، مشيت في جنازة، اتصلت بقريبٍ لك أو أحد أرحامك وتواصلت معه أطراف الحديث.
فيا -أخي الكريم-: البدايات تكون هكذا، والحق عز وجل أعطانا الموهبة، وأعطانا الطاقات، وأعطانا المهارات، قد تكون مختفية، قد تكون جامدة، لكن حين يكون لدينا العزيمة، حتى ولو عزيمة بسيطة، إرادة بسيطة للتغيّر الإنسان يتغيّر، {إن الله لا يُغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، {فسنيسره لليسرى}.
وأنا -أخي الكريم- عمّار: أنصحك بأن تكتب برنامج يومي، برامج بسيطة جدًّا، أولاً ابدأ بالنوم الليلي المبكّر، جرّب هذا، ثم قل لنفسك: (سوف أصلي الفجر حاضرًا في المسجد) وسوف يوفقك الله على ذلك، هذه بداية طيبة، ثم بعد ذلك تقول: (أنا سوف أقوم بالاستحمام بعد الصلاة، وأشربُ الشاي، وأؤدي تمارين إحمائية بسيطة، وسأقرأُ أذكاري بعد ذلك) ثم تنخرط في أي عمل، تذهب قطعًا إلى عملك، وأنت تعمل، ويجب أن تحب عملك -أخي الكريم- أقدم على عملك، وأنت حين تبدأ بداية ممتازة في الصباح سوف تجد انفراجًا كبيرًا في طاقاتك، لأن البكور فيه بركة كثيرة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بالبركة في بكورها فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، وقال: (بورك لأمتي في بكورها)، ونعرف أن المواد الإيجابية الدماغية تُفرز في أثناء الصباح، فهكذا -أخي الكريم- يستطيع الإنسان أن يبني ذاته.
أن تعتمد على قوة الآن، الآن أقوى بكثير من الماضي، وتعيش المستقبل بأملٍ ورجاء.
وأنا حقيقة رأيتُ أيضًا أن أصف لك أحد الأدوية التي تُحسّن الدافعية -إن شاء الله- عندك وتُحسّن مزاجك، وتعطيك طاقات نفسية طيبة، الدواء يُعرف باسم (بروزاك) واسمه العلمي (فلوكسيتين) هو في الأصل مضاد للاكتئاب، وأنت لست مكتئبًا من وجهة نظري، لكن هذا الدواء أيضًا يفيد في مثل حالتك، تبدأ بكبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها كبسولتين -أي أربعين مليجرامًا- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله، دواء فاعل وممتازة وسليم جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء، ونسأل الله تعالى أن يبلغنا جميعًا شهر رمضان المبارك، وأن يجعلنا من الصائمين القائمين.