بعد جائحة الكورونا لم تفارقني نوبات الهلع.
2021-11-29 02:36:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم أولا على ما تقدمونه للمجتمع الإسلامي، وأسأل الله العظيم أن يجعله في ميزان حسناتكم.
في أيام ارتفاع موجة كورونا أصبت بنوبة هلع شديدة قبلها قلق حاد بسبب كثرة الوفيات والمرضى، حتى أن بعض أصدقائي أصيبوا والحمد لله شفاهم الله.
ذهب إلى طبيب عام أعطاني دواء ليزانكسيا لمدة 5 أيام، شعرت بعدها بالراحة (لكن كانت تأتيني وساوس الموت وتقلقني، لكن لا تؤثر على حياتي اليومية)، بعدها بشهرين، وقد كنت توقفت عن القهوة، وعندما عدت إليها عادت لي نوبة الهلع، لا أعلم إن كانت نوبة الهلع تقوم باستدراج أفكار الموت أو العكس؟
دخلت بعدها في قلق كبير واكتئاب، ثم قمت بتغيير أفكار الموت بأفكار صحيحة ولا زلت إلى الآن أتدرب على ذلك، ومارست الاسترخاء والرياضة، وكانت هناك تقلبات، أحيانا أشعر براحة وفرح وأحيانا بضيق وحزن، وقلق وذلك يحدث عدة مرات في يوم واحد .
الحمد لله الآن أشعر بتحسن، وزالت عني نوبات الهلع، وحتى إن جاءتني أعرف أنها نوبة وتذهب بسرعة، مشكلتي الآن هي أن الأفكار التسلطية للموت لم تذهب من عقلي، وتلازمني في كل حين حتى أستجيب لها، وتقلقني ثم أعود وأسترخي وأرتاح، لكن الفكرة لا تزول.
أما مشكلتي الثانية: كيف لي أن أقوم بالأشياء التي كنت أجد الرغبة في فعلها من قبل؟ كأن نظرتي تغيرت وأراقب نفسي هل جاءتني الفكرة الوسواسية أم لا ؟ هل أنا سعيد أم لا؟ وهل أنا مكتئب أم لا؟ وهل هذا في حد ذاته وسواس؟
أرجو توجيهي، وهل يجب أن آخذ الأدوية؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: طبعًا جائحة الكورونا سببت آثارًا سلبية كثيرة على الناس (الخوف، التوتر، القلق)، والخوف من الموت على وجه الخصوص نلاحظه كثيرًا على بعض الناس.
نوبات الهلع التي أتتك دليل على أنه لديك أصلاً شيء من الاستعداد لقلق المخاوف، وهذا لا نعتبره مرضًا نفسيًّا، هذه مجرد ظاهرة نفسية، وقطعًا تولّدت لديك أفكارًا وسواسية، وأنت ذكرتها بصورة واضحة جدًّا، فأنا أقول لك إن الأفكار التساؤلية التي تأتيك هي نوع من الوسواس.
سيكون من الجميل جدًّا – أخي - أن تفكّر إيجابيًا، الحمد لله أنت بخير وعلى خير، والله تعالى أنجاك من هذه الكورونا، نسأل الله أن يحفظ الجميع، وطبعًا من الواضح أن الكافيين أيضًا هو أحد المثيرات التي تُسبب لك قلق المخاوف، أرجو أن تتوقف عن تناول القهوة، أو أن تشرب القهوة منزوعة الكافيين.
أنت محتاج – أخي – أيضًا إلى تمارين استرخاء مكثفة، تمارين الاسترخاء خاصة تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، وكذلك تمارين التنفس المتدرج، مع ما نسميه بالاستغراق الذهني، سوف تُساعدك كثيرًا. فهنالك برامج جيدة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء هذه، كما أن الأخصائيين النفسيين – وليس الأطباء النفسيين – يُجيدون تدريب الناس على هذه التمارين، فإن كانت هنالك وسيلة أن تتواصل مع أخصائي نفسي لتدريبك عليها فإن هذا سوف يكون أمرًا جيدًا.
الفكر الوسواسي يجب أن تزيحه من خلال تجاهله، وتحقيره، واستبداله بفكرٍ إيجابي، وأريدك أيضًا أن تُخاطب الفكرة الوسواسية قائلاً: (أقف، أقف، أقف، أنتِ فكرة وسواسية حقيرة)، تُكرّر هذا عدة مرات.
وكما ذكرتُ لك أيضًا اصرف انتباهك من خلال استجلاب فكرة تكون أكثر علوًّا وسموّلاً وجمالاً من الوسواس.
وحاول أيضًا أن تربط الوسواس مع شيء مخالف أو منفّر للنفس، مثلاً: قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح صلب – كالطاولة مثلاً – والضرب والشعور بالألم حين تقرنه مباشرة مع الفكرة الوسواسية سوف يضعفها كثيرًا. هذا التمرين يحتاج أن يُكرر عشرين مرة متتالية.
ممارسة الرياضة بصفة عامة سوف تفيدك كثيرًا.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك نعم، أنت محتاج لأحد الأدوية الجيدة المفيدة والتي لا تُسبب الإدمان.
عقار (ليزانكسيا) وهو الـ (برومازيبام) دواء جيد، لكن طبعًا قد يُسبب التعود، فلا داعي لأن ترجع له مرة أخرى، الدواء الذي ننصح بتناوله يُعرف باسم (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، وله اسم تجاري مشهور، وهو (سيبرالكس)، لكن قد تجده تحت مسميات تجارية أخرى في بلادكم.
تبدأ في تناول السيبرالكس بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – أي تتناول خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعل الجرعة خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السيبرالكس. دواء رائع ومفيد وغير إدماني.
فيا أخي الكريم: أرجو أن تلتزم بالتطبيقات التي ذكرتها لك، وتتناول الدواء كما هو موصوف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.