نوبات الهلع وكيفية التعامل معها
2021-08-25 03:43:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عانيت منذ فترة قريبة، والمشكلة الكبيرة أني في الغربة حيث لا أقارب، ولا أصدقاء مقربين، ولا مواسين، فأدى الحدث لصدمة كبيرة، ونوبات قلق وهلع، فأنا شخص في طبيعتي قلق قليلاً، وعندي نسبة قليلة من الوسواس، فأصبحت أعاني من وسواس حول أمراض القلب والجلطات، وأصبحت غالبا أراقب قلبي، وأخاف أن يحصل شيء، وأحيانا تؤرقني هذه الحالة.
عندما أصابتني نوبات الهلع ذهبت للطبيب، وشعرت بتحسن بعدها حيث قال أني لا أحتاج لعلاج دوائي، ولكن فقط أن أغير نمط الحياة، وأن أثقف نفسي عن الحالة، وبالفعل ارتحت قليلاً، ولكن الآن أعاني من تلك الوساوس فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.
أيها الفاضل الكريم: عليك بالدعاء لوالدك، هذا هو الذي ينفعه مِصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ)، ودعائك له إن شاء الله يعود عليك وعلى والدك بخير كثير.
والقلق والوسوسة حول الموت وحول أمراض القلب شائعة جدًّا، لكن الإنسان إذا تفهّم حقيقة الموت على أسس شرعية، وهي: الموت حق ولا شك في ذلك، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن كل شيء هالك إلَّا وجه سبحانه، وأن كل مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، وأن الإنسان إذا خاف من الموت فعليه أن يُقدّم لموته ويقدم لحياته.
وكن على يقين أن الآجال مكتوبة ومعدودة ومعروفة، ولذا دائمًا نسأل الله تعالى حُسن الخاتمة، والمؤمن يسأل الله تعالى ويقول: (اللهم أسألُك عيشة هنية، ومِيتة سوية، ومردًا غير مخزٍ ولا فاضح)، ويقول: (اللهم إني اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، ويقول: (للهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم توفنا على الإيمان والتوحيد، وابعثنا على الشهادة، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويوم يقوم الأشهاد يا رب العالمين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم، واغفر لوالدين وللمؤمنين، ولا تخزنا يوم يُبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
فغيّر - أخي الكريم - مفاهيمك حول الموت، كما أن الأمراض لا تقتل، الذي يُؤدي إلى الموت هو نهاية أجل الأنسان، قال تعالى: {لكل أجل كتاب}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.
أنت في سِنٍّ صغيرة، ليس لك قابلية حقيقة نحو أمراض القلب، لكن يجب أن تعيش أيضًا صحيّة، أن تمارس رياضة، رياضة المشي، أن تهتمّ بغذائك، أن يكون غذائك متوازنًا، وتبتعد عن الدهنيات، أن تكون في راحة بال، وهذا يأتي - أيها الفاضل الكريم - من خلال المحافظة على الصلاة، والأذكار، والورد القرآني اليومي، وهذا كلُّه متاح.
أنت ذكرت أنك في الغربة، وأنه ليس لديك أقارب أو أصدقاء. من السهولة - يا أخي - التعرُّف على بعض الصالحين من الشباب، تجدهم في المساجد، تجدهم في مكان العمل، والتواصل أيضًا أصبح سهلاً، فلا تفرض على نفسك هذه الوحدة التي هي بالفعل تكون مملّة، وتؤدي إلى الضجر.
بجانب الرياضة تمارين الاسترخاء مهمّة جدًّا، تمارين التنفُّس المتدرجة أيضًا تُساعد الإنسان كثيرًا، وتوجد برامج على اليوتيوب يمكنك الاطلاع عليها، ومن خلالها التدرُّب وتعلّم كيفية ممارسة هذه التمارين.
أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأشياء الأساسية التي أودُّ أن أنصحك بها، وأرجو أن تكون مطمئنًا، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن تكون شخصًا إيجابيًّا في تفكيرك، وتتخلص من الأفكار السلبية.
وبالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنه لا بأس أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وتوجد أدوية ممتازة وسليمة، عقار مثل الـ (سيبرالكس) والذي يُعرف علميًا باسم (اسيتالوبرام) سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، والدواء ليس إدماني.
تبدأ السيبرالكس بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - وتتناولها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك تتناول حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء، والذي يتميز بأنه غير إدماني وغير تعودي، وسليم جدًّا كما ذكرتُ لك، وتوجد أدوية أخرى لها فعالية مشابهة للسيبرالكس، لكنه هو الأفضل، وهو قطعًا يُعالج الوساوس ويُعالج المخاوف وكذلك التوترات الأخرى.
فإذًا احرص على تناول الدواء، وقم بتطبيق الإرشادات السلوكية التي أوردتُها لك في هذه الاستشارة، وأشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب.