الرهاب من مواجهة الناس، لا يجعلني أستمتع بحياتي

2021-04-01 01:16:42 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا فتاة عمري 21 سنة، في السنة الجامعية الأخيرة، لم أحضر طيلة السنوات الماضية إلا عند الامتحانات وتسليم المشروعات لأنني أخاف من مواجهة أساتذتي، رغم أنهم لا يعرفونني ولا يتذكرونني، وأخاف من سماع كلمات جارحة، وأخاف من الخجل أمام زملائي، وأشعر دائما أنهم لا يحبونني، دائما أفكر ماذا سيقولون لي، وكيف سأستطيع الرد بأدب، وكيف سأحمي كرامتي؟ في الوقت ذاته فكرت أن أذهب وأقول لهم ما أشعر به، ولكنني أعلم أنهم لن يفهموني، ولا يهمهم الأمر، حتى أمي وأصدقائي لا يفهمونني.

أمي تتهمني بالكسل، وأصدقائي يتهمونني بالمبالغة، عندما أذهب إلى الجامعة أشعر أنني غريبة عنهم، وأشعر بالحزن والشفقة على نفسي، أرى الجميع سعيدا إلا أنا، أراهم يمزحون ويضحكون فأقرر أن أنسحب من المكان فورا وأعود للمنزل، وقد تحطم فؤادي فأبدأ بالبكاء في غرفتي.

لا أريد الإطالة أكثر، فسؤالي هو: كيف أواجه أساتذتي، وماذا أقول لهم، وكيف أحمي قلبي وكرامتي، كيف أتخلص من هذا الحمل الذي أثقل قلبي؟

أفكر في الانتحار كثيرا عندما تزيد علي الضغوط، ولكنني أخاف الله ولن أفعلها، ماذا أفعل؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Alaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونحن في هذه الأيام الطيبة، موسم الخيرات، مقدمين على رمضان، أسأل الله أن يُبلغنا الشهر الكريم، وأن يحفظك وأن يعافيك.

أنا تدارست رسالتك، وأقول لك: -إن شاء الله- ليس لديك مشاكل أساسية، كل الذي بك هو نوع من الخجل الاجتماعي، -وإن شاء الله تعالى- فيك الكثير من الحياء، والحياء خيرٌ كله بل كله خير، وهو شعبة من الإيمان.

والذي لاحظته أيضًا أنك تركزين كثيرًا على بعض السمات السلبية في شخصك الكريم، أنا أريدك أن تفتحي كتاب الإيجابيات، وسوف تجدين أشياء رائعة جدًّا في حياتك، أشياء جميلة كثيرة جدًّا، (طاقات، مقدرات، آمال، طموحات، سمات طيبة)، فيجب ألَّا تُركزي على السلبيات بهذه الكيفية، ويجب أن يكون هنالك توازن، والإنسان يجب أن يكون مُنصفًا مع نفسه حين يُقيِّمها.

فأنا أريد أن ألفت نظرك لهذه الحقيقة المهمّة جدًّا، ودائمًا نحن نقول: إن الإنسان من الناحية النفسية والسيكولوجية هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، فالأفكار يجب أن نحوّلها دائمًا إلى إيجابية، وكذلك المشاعر، وأن تكون دائمًا أفعالنا إيجابية، الإنسان يسعى وسوف يصل -إن شاء الله تعالى- فأرجو ألَّا تظلمي نفسك من ناحية تقييمها، انظري إلى الجوانب الإيجابية في شخصك الكريم.

أمَّا بالنسبة لهذه المخاوف الاجتماعية البسيطة: فمن الجميل جدًّا أن نحترم الأستاذة لكن لا نرهبهم، لا نخافهم، هم بشر ونحن بشر، وأنت بشر، والله تعالى خلقنا سواسية تمامًا، ولا فرق لمخلوق على آخر إلَّا بالتقوى، فمبدأ الاحترام هو المطلوب وليس مبدأ الخوف.

أريد أن تكون مشاركاتك إيجابية، تجلسين مثلاً في الصف الأول، دائمًا احرصي على ذلك، وأن تُطوري المهارات الاجتماعية، خاصة مهارة لغة الجسد -كحركة اليدين- نبرة الصوت يجب أن تكون متوازنة، تعابير الوجه يجب أن تكون معبِّرة ومتناسقة مع الفكر بشيء من التدريب البسيط -إن شاء الله تعالى- تصلين لهذه الغايات التي ننشدها دائمًا.

طبعًا انزعجتُ كثيرًا حين تحدثت أنك فكّرت في الانتحار: هذا أمرٌ محزن، لكن الحمد لله تعالى مخافتك لله تعالى تمنعك من ذلك، وأنا أقول لك: إن الحياة طيبة وجميلة، فلا تدعي مثل هذا الفكر السخيف يُهيمن عليك أبدًا.

أرجو أن تُحسني إدارة وقتك، تجنبي النوم النهاري، واحرصي على النوم الليلي المبكّر، الاستيقاظ المبكّر، وأنت في غاية النشاط، أداء صلاة الفجر، وبعد ذلك يمكنك أن تدرسي لمدة ساعة مثلاً قبل الذهاب إلى الجامعة، حسن إدارة الوقت دائمًا يجعل الإنسان متميِّزًا وسعيدًا.

أرجو أن تدخلي فيما نسمّيه بالتعريض النفسي في الخيال، مثلاً: أنت جالسة في مكانٍ هادئ كالغرفة، تصوري نفسك أنك تُقدمين محاضرة أو حديثا، أو أنك مشاركة في ندوة، وأمامك من المستمعين والحضور عدد كبير جدًّا من الناس، فيهم بعض الأساتذة، وتحضرين فعلاً المادة التي تودّين الحديث عنها، وتبدئين في هذا النشاط كأنه حقيقة واقعة. هذا مهمٌّ جدًّا، هذا نسميه بالتعرُّض في الخيال، وهو ذو فائدة كبيرة جدًّا على الإنسان.

أريدك أيضًا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدًّا، توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب، إن شاء الله تعالى سوف تفيدك.

أريدك أيضًا أن تطوري ما نسميه بالذكاء الوجداني أو العاطفي، توجد كتب ممتازة جدًّا في هذا السياق، منها كتاب دانييل جولمان، والذكاء الوجداني أو العاطفي، وهو الذي من خلاله نتعلَّم كيف نتعامل مع أنفسنا إيجابيًّا، وكذلك مع الآخرين.

أخيرًا: أود أن أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا لعلاج المخاوف والقلق الاجتماعي، الدواء يُسمَّى (سيرترالين) يمكن أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول السيرترالين، هو دواء سليم وفعّال جدًّا، والجرعة التي وصفت لك هي الجرعة الصغرى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net