خطيبي يرفض الحوار معي بعد الخطبة فيكف أتعامل معه

2006-01-23 23:56:34 | إسلام ويب

السؤال:
الحب عند الناس الطبيعيين يعني التواصل والتفاهم وعدم وضع الحواجز أو وجود الرسميات وعدم تجاهل الحبيب أو صده وهجرانه، الحب يعني الاحترام المتبادل والتآلف والتودد أيضاً الخوف على الطرف الآخر، وفتح مجالات الحوار الهادف والبناء، والتفكير في المستقبل والتخطيط له، وخصوصاً حينما يكون بين شخصين مقبلين على الزواج وفي فترة الخطوبة التي هي من أروع الفترات التي يمر بها الإنسان في حياته، ففيها يكون كل ذكر وأنثى في أسعد حياتهما.

مشكلتي تكمن في هذا الإطار الذي رسمت، وهي فترة الخطوبة والرجل الذي اخترته ليكمل معي مشوار حياتي، فحياتي منذ بدايتها أصبحت معه جحيما لا يطاق، مع العلم أني استخدمت عدة طرق للتعامل معه وكسبه لكنه عنيد جداً، فهو إنسان طيب وخلوق، ومن أسرة محافظة، وذي طبع هادئ، ويعمل في مجال به اختلاط، ولكن المشكلة تكمن في تواصله معي وحواره، فأنا لم أعرف عن شخصيته الكثير بسبب طريقة تواصله، فأحياناً أجده متواصلا معي ويسأل عني ويغدقني بالكلام الجميل، ويبحر بي معه في بحر حبه، ويعيشني في خيال ينسجه من مخيلته لأكسب وده واحترامه، وأحياناً لا أسمع له حسا ولا خبرا، ويدوم ذلك لفترات طويلة، حتى أصبحت في ذلك مستسلمة تماماً لصراع داخلي، وذلك صراع بين حبه لي وعدم حبه.

أحسست أنه في الفترة التي يتواصل فيها معي أنه يجاملني فقط؛ لأنني سأصبح زوجة له، ولكن بدون مودة أيضاً، الذي يقلقني أكثر تجاهله لي وذلك عندما أرسل له رسائل عبر الهاتف، وأيضاً عدم زيارته لي وإحضار بعض الهدايا حتى في فترات الأعياد (وذلك كما هو متعارف، وكما هو شيء تجسده وتصنعه المشاعر النفسية لدى الفرد في أثناء الحب، فهي مجرد أوامر يعمل بها الفرد عند شعوره بذلك الحب لذلك الإنسان، فأنا لم أقصد في ذلك تصويرا لما هو متعارف لدى الناس فحسب، بل صورته أيضاً في نفسية كل شخص يعيش هذه التجربة مثل ما تحظى به كثير من بنات جنسي في هذه الفترة من أزواجهن).

مع العلم أنه لا يقصر معي مادياً إذا احتجت، ولكني أحتاجه أكثر معنويا ووديا، وعندما أناقشه في ذلك مناقشة هادئة يتحجج بأنه مشغول وأنه إنسان خجول، وأنه لا يحب التحدث في الهاتف، ويحتج قائلا بأن الكلام والحوار لا فائدة منه في علاقتنا الزوجية، ولكن العشرة والتعايش كفيلة بتعريفنا على بعض، وبالتالي طريقة التعامل، فأصبحت أشك بأشياء كثيرة يريد أن يخفيها، فأصبح عندي الآن في منطقة الشك بدلا أن يضعني هو في منطقة الأمان التي كنت أتمناها.

أريد حلاً لذلك، فلقد ساءت نفسيتي كثيراً من التفكير في هذا الموضوع، رجاء أريد أن أعرف هل هذه الشخصية طبيعية أم بها خلل؟ وكيف لي بالتالي التعامل معه وجذب انتباهه؟ وهل باستطاعتي كسبه كزوج متفاهم ومتواصل؟ أم أنني أقرر قرار حازم وجاد بالانفصال عنه؟ لأنني أخشى من كونه في هذه الفترة الجميلة يتسم بهذا الأسلوب وهذه الطباع، فماذا بعد الزواج؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الرجل يختلف في تعبيره عن حبه ومودته عن المرأة، فالرجل الذي يلبي احتياجات زوجته المادية يعبر بذلك عن حبه ومودته لها، وهذا أمر أرجو أن يكون واضحاً لأخواتنا الفضليات فالرجل يعبر عن مشاعره بالنجاح والإنتاج وهذا من الفروق الأساسية بين الرجل والمرأة في طريقة التعبير عن المشاعر الجميلة التي تدل على المحبة.

وإذا كان هذا الخاطب صاحب دين وأخلاق ومعروف بالسيرة الحسنة ومن أسرة طيبة مستقرة، وحصل بينكما تجانس بعد الرؤية الشرعية فلا داعي للانزعاج وتذكري أنه اختارك من بين جميع البنات فهذا دليل على أنه يميل إليك وسوف يسعد – بإذن الله – بقربك ويسعدك.

ولا يخفى عليك أن شبابنا في مجتمعاتنا المحافظة لم يألف كلام العواطف المنفلتة ولم يتعود على العلاقات قبل الزواج وهذا من فضل الله علينا فإن الغريبين بدؤوا يدركون خطورة العلاقات قبل الزواج على مسيرة الحياة الزوجية، حيث وجدوا أن معظم تلك الزيجات تفشل في أعوامها الأولى والسبب في ذلك واضح لأنها علاقات تقوم على الخداع والمجاملات والظهور بالمظهر الحسن والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، ولا شك أن سعادة الأسرة المسلمة تمتد طيال الحياة بل وبعد الممات إذا كانت الأسرة تحتكم إلى منهج الله الذي يوزع الأدوار ويذكر بالواجبات ويحفظ الحقوق، أما السعادة المؤقتة في فترة الخطبة أو في ما يسمى شهر العسل فهي أفكار دخيلة علينا، وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أكثر الزيجات فشلاً هي ما سبقتها عاطفة طويلة وخرجات وجلسات ومخالفات.

وإذا كان الرجل طيب وخلوق حسب شهادتك التي نشكرك عليها فأرجو أن تعطيه فرصة وتقدري أشغاله وأعذاره، فالخجل مانع وحائل.

ولا شك أن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي ويزداد مع الأيام وحسن المعاشرة قوة وصلابة، وهو حب عظيم لأنه يقوم على الإيمان والطاعة ويدفع للتضحيات الكبيرة ويعود على تحمل المسئولية.

وأرجو أن لا تفكري في الانفصال ولا تستعجلي الفراق، وحاولي أن تعرفي أخباره عن طريق أرحامك من الرجال، بواسطة أرحامه من النساء ومن خلال بيئة العمل مع تحذيرنا لك من الغيرة الزائدة فإن الغيرة المحمودة ما كانت في الريبة، فربما كان هذا الصمت طبيعة فيه وغالباً ما يكون ذلك بسبب الحياء، والحياء لا يأتي إلا بخير، وأرجو أن تعرفي أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ولا تبيح للخاطب التوسع في العلاقة مع مخطوبته ولا الخلوة بها فضلاَ عن الخروج معها.

واعلمي أن الخير كله في التمسك بآداب هذا الدين فاجتهدا في تأسيس حياتكما على الطاعة واعلماً أن للمعاصي شؤمها وآثارها: (((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63] ولعل وظيفتك الإدارية أثرت على تفكيرك فأصبحت تحرصين على معرفة كل صغيرة وكبيرة والاهتمام بالتخطيط والترتيب للمستقبل، وهذا جيد ومهم جداً ولكن يبدو أن وقته لم يـأت بعد، وليس من المصلحة السؤال عن كل صغيرة وكبيرة فقد تسمعين ما لا يعجبك، وتذكري أنه لا يوجد إنسان كامل فكلنا يخطئ ويصيب وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحر حسناته، كما أن كثرة الأسئلة مما يدفع الرجل إلى الهروب خاصة إذا كان مع الأسئلة إلحاح ونقد ولم نختار الأوقات المناسبة، ولا يخفى عليك أن الرد على الرسائل الهاتفية ليس سهلاً لمن كان مشغولاً.

فأشغلي نفسك بطاعة الله وعبادته وذكره وشكره، وأكثري من اللجوء إليه فإنه يجيب من دعاه، كما أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه سبحانه يقبلها حيث شاء، وأرجو أن تشجعي خطيبك على طاعة الله وعمل ما يرضيه ولا تطلبي منه أن يقلد ما يفعله الناس من توسع في العلاقات وسيرا على طريق الحق ولا تغترا بكثرة الهالكين.

ونسأل الله العظيم أن يلهمنا وإياك السداد والرشاد.

www.islamweb.net