كيف أسترجع الكتاب الذي أعرته لشاب ملحد؟
2024-05-05 00:15:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
قبل 3 سنوات تقريبًا كنت على معرفة بشاب كان يدرس معي في نفس الثانوية، وكان للأسف الشديد ملحدًا، وأذكر أني أعرته كتابًا عبارة عن مجموعة كبيرة من الأساطير الإغريقية والصينية والهندية، ولم يُرجع لي الكتاب، وأعطاني مقابلًا لذلك رواية، ثم نشب بيننا خلاف وانقطعت الأحاديث، ولا رغبة لي في معاودة الكلام معه.
المشكلة أن الكتاب يحتوي على أساطير، وأخاف أن أجمع ذنوبًا كثيرة إن قرأ ذلك الكتاب شخص آخر أو آخرون، علمًا أني لم أكن أدري حقيقةًَ حرمة مطالعة هذه الكتب، فقد كنت أحسب أن الأمر مجرد تطلع على ثقافات الشعوب الأخرى، وزيادة في المعارف، فماذا عليّ أن أفعل؟
علمًا أني أكره وبشدة الحديث معه، وروايته التي أهداني إيَّاها تخلصت منها، والحديث معه أمر أكرهه بشدة، وربما فوق طاقتي؛ لأني أعاني مؤخرًا من عدة مشاكل نفسية، وعندما أقوم بشيء أكرهه أو بشيء سيئٍ، أو عندما تقوى الوساوس أحس بخوف شديد داخلي غير مبرر، والحديث معه أمر مرعب بالنسبة لي، فهل إذا لم أحادثه عن الكتاب يكون علي إثم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك - أختنا الكريمة - في موقع إسلام ويب، وردًّا على استشارتك نقول:
أولًا: نوصيك بتقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فبالإيمان والعمل الصالح يسعد الإنسان، وبدونهما يشقى ويعيش في ضنك، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].
ثانيًا: مما لا شك فيه أن كل نفس بما كسبت رهينة، كما قال ربنا: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]، وقال: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21].
ثالثًا: من واجب المسلم النصيحة بقدر استطاعته، سواء كان ذلك بالكلمة، أو بالكتابة، والنصيحة تقدم للمسلم قبل الكافر، كما كان منهج نبينا (ﷺ)، وبما أنك أعطيت ذلك الشاب الكتاب المذكور، وقد تكون فيه دعوة للشرك، أو مسائل تثبته على ما هو عليه من الإلحاد -والعياذ بالله تعالى- فإن من واجبك أن تتبرئي من ذلك الكتاب وما فيه، ولا يلزم أن تحادثي ذلك الشاب وجهاً لوجه، وإنما يكفي رسالة مكتوبة ورقياً أو عبر الهاتف، المهم أن تكون الوسيلة لا تجلب لك الضرر -وأنت أعرف بذلك- وبهذا تكون ذمتك قد برئت من ذلك الكتاب وما فيه.
رابعًا: نوصيك أن تعتزلي الخلطة بالرجال، والتي تتسبب لك بالفتنة، أو تعرضك للمذلة أو التحرش، فدينك يريدك أن تكوني عزيزة، وصاحبي الخيرات من بنات جنسك؛ فإن الرفيق الصالح يدل على الخير ويعين عليه، والصديق السيئ يدل على الشر ويعين عليه، ثم يتخلى عن رفيقه في أحلك الظروف؛ حاله حال الشيطان الرجيم الذي يحث على ارتكاب الذنوب، ثم يتبرأ من أتباعه يوم القيامة.
خامسًا: أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه؛ فذلك مما يجلب للقلب الطمأنينة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
سادسًا: الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي (ﷺ) فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب؛ ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال (ﷺ) لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها؟ (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
سابعًا: تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، وتحيني أوقات الإجابة، وأكثري من دعاء نبي الله يونس (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله (ﷺ): (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
ثامنًا: أكثري من دعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات.