كيف أحسن من شخصيتي وأصلح من نفسي؟
2021-01-18 02:32:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مرضت باضطراب ثنائي القطب منذ خمسة أعوام، وحالتي انتكست مرتين بسبب التوقف عن العلاج، وما زلت أتابع علاجي مع دكتور نفسي خبير، ولكنه لا يقول لي أي شيء عن حالتي، ويكتفي بتحديد جرعة الدواء.
أنا أشعر أن الدواء وحده غير كافٍ، وأشعر أنني لا أكتسب شيئا منذ نعومة أظافري حتى الآن، لا في علاقتي مع الله، ولا في ذاتي، ولا في التعامل مع كل علاقاتي حتى أسرتي، كأني طفلة صغيرة تجهل كل شيء، حتى فترة طفولتي كنت كذلك.
وأواجه صعوبات كثيرة في شخصيتي ونفسي، وفي التعامل مع من حولي، كالصعوبات البليغة في استيعاب أي شئ مثل الدراسة والتثقف في قراءة كتب لمعلومات دينية (في ما لا يسع المسلم جهله)، أو لتطوير الذات، أو منشورات على مواقع التواصل، أو حتى في الحوار مع أي شخص قريب أو بعيد، أو حتى في إدراك ما حولي، فإني إما أن أفهم كل ذلك خطأ أو لا أستطيع فهمه، وأشعر أنني في حاجة للاستعانة بشخص يساعدني في ذلك، وحتى عندما أحصل على شيء بسيط في علم من العلوم التجريبية والعلوم الشرعية لا أعرف كيف أطبقه.
أشعر دائما أنني أعجز عن تغيير صفات شخصيتي للأحسن وإصلاح نفسي، وعن تطوير ذاتي، من ثم أجلد ذاتي، وأشعر بانعدام القيمة؛ لأني أرى في نفسي كل ذلك وغيره الكثير، ولا أعرف كيف أغيره، فبم تنصحونني أفادكم الله؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حبيبة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
طبعًا الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية هو مرض بيولوجي في الأساس، بمعنى أن العلاج الدوائي يُعتبر هو العلاج المهم والرئيسي، ولابد أن تلتزمي بتناول العلاج حسب ما هو موصوف، وأن تكون لك متابعات مع طبيبك، وإن شاء الله تعالى نتائج العلاج تكون رائعة جدًّا.
بالنسبة للأمور التي أثرتها: حقيقة معظم الأطباء قد لا يُعطوا التوجيه المطلوب في مثل هذه الحالات، لكن إذا تواصلت مع أخصائي نفسي من أجل الدعم النفسي، ومن أجل – كما تفضلت – مناقشة أساليب تطوير الذات، هذا أيضًا سيكون مفيدًا لك، وعمومًا: التوجيهات الحياتية العادية هي المطلوبة.
أولاً: يجب أن تُحسني إدارة وقتك، الذي يُحسن إدارة وقته يُحسن إدارة حياته، وأفضل شيء في تحسين الوقت هو النوم مبكّرًا، هذا مطلوب جدًّا، لأن ذلك يُتيح لك فرصة الاستيقاظ المبكّر، وأنت نشطة، وتؤدّين صلاة الفجر في وقته، ويمكن أن تقومي بالكثير من الواجبات المنزلية والأعمال الصباحية التي فيها خير كثير جدًّا.
وأيضًا من حسن إدارة الوقت أن تتجنبي النوم في وقت النهار، وأنت لم تذكري عمرك، لكن قطعًا إذا كنت في مراحل دراسية فيجب أن تجتهدي في دراستك، وإن لم تكوني في مراحل دراسية هنالك الآن طرق كثيرة جدًّا لاكتساب المعرفة عن طريق دخول كورسات معينة، الحصول على شهادات، هذا أيضًا أصبح مُتاحًا، فمن خلال حسن إدارة الوقت تستطيعين القيام بكل ذلك.
ولابد أيضًا أن تكون لك الرغبة في التواصل الاجتماعي، مع صديقاتك، الانضمام لأحد مراكز تحفيظ القرآن مثلاً، هذه فيها خيرٌ كثير وفائدة كبيرة جدًّا، زيارة الأرحام، الجلوس مع الأسرة، والدخول في حوارات إيجابية ... هذه كلها أمور أساسية جدًّا.
ولا تُقلِّلي من شأنك أبدًا، لا تنظري لنفسك نظرة سلبية، أنت لست بأقلّ من الآخرين بأي حال من الأحوال، ودائمًا الإنسان أيضًا يبحث عن النماذج الطيبة في الحياة ليقتدي بها، فأنا متأكد أنه لديك صديقات، لديك زميلات، لديك أقارب من النساء الصالحات، فيمكن أن تجدي فيهنَّ من تقتدي بها.
وطبعًا تعلُّم العلوم الشرعية الحمد لله الآن متاح، من خلال الإنترنت، من خلال الاستماع إلى المحاضرات، الإلمام والمعارف الشرعية الأساسية الإنسان لابد أن يكون سليم العقيدة من ناحية التوحيد، لابد أن يكون لديك قدرة على تجويد القرآن الكريم، وترتيله بصورة صحيحة، لابد أن يكون لك أيضًا معرفة بالعبادات، بالمعاملات، وتوجد كتب ممتازة جدًّا في هذا السياق متوفرة، فيمكن من خلال اطلاعاتك الخاصة أن تطوري نفسك وتطوري ذاتك بصورة ممتازة جدًّا.
واجعلي لنفسك أهدافا في الحياة، الأهداف دائمًا تكون قصيرة الأمد، ومتوسطة الأمد، وبعيدة الأمد، الهدف قريب المدى هذا نطبقه في خلال أربع وعشرين ساعة، مثلاً: الذهاب لزيارة مريض، هذا هدف وهدف سامي جدًّا، يمكن للإنسان أن يقوم به في خلال اليوم، وعلى المدى المتوسط مثلاً تُقرّري أن تحفظي ستة أجزاء من القرآن الكريم في خلال ستة أشهر، هذا هدف متوسط المدى ويتحقق، بل بعض الناس يحققه في ثلاثة أشهر وأقل من ذلك، والمدى البعيد يكون أيضًا لديك طموحات أخرى للحصول على شهادات، لإكمال حفظ القرآن الكريم، كما يمكنك الانضمام لعمل خيري أو اجتماعي أو ثقافي، وأن تسألي الله تعالى أن يسهل لك أمر الزواج، وأن يجمعك بالزوج الصالح.
هذه آمال وطموحات واقعية جدًّا، وتحدد للإنسان طريقه ومساره، وتبعد الإنسان من الخواء الفكري والتخبط وعدم القدرة على تحديد اتجاهاته والسير في الطريق الإنمائي والتطوري الصحيح.
أنا أريدك أيضًا أن تقرئي بعض الكتب المفيدة، هنالك علم يُسمَّى (علم الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني) وهو مهم جدًّا، نعرف أنه يوجد الذكاء الأكاديمي أو الذكاء العادي والطبيعي، وهو الذي يوجّهنا في الحياة، أمَّا الذكاء الوجداني فهو الذي يعلمنا كيفية أن نفهم أنفسنا، كيف أن نوجّه أنفسنا، وأن نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، كما أنه يعلِّمنا كيف نفهم الآخرين، وكيف نقبلهم، وكيف نتعامل معهم إيجابيًا.
توجد مؤلفات كثيرة في هذا السياق، ومن أفضل هذه المؤلفات الكتاب الذي ألَّفه رائد هذا العلم (دانييل جولمان) كتب كتابه الشهير عن الذكاء العاطفي عام 1995، وهو متوفر في نسخة عربية جيدة جدًّا، فيمكنك الحصول عليه، وتوجد كتب أخرى كثيرة، كما أنه توجد مواقع كثيرة على الإنترنت تتكلم حول الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، فهذا يمكن بابًا من أبواب الاطلاعات المفيدة لك جدًّا.
ختامًا أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب.