أعاني من حالة نفسية سيئة، فهل سأعود فتاة طبيعية؟
2021-01-04 03:30:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
بدأت حكايتي منذ عامين، حدث حريق أمام بيتي، وبسبب ذلك بدأت بالصراخ والهلع وكدت أسقط، ومر الأمر الحمد لله، لكن لم أنسه، فبقيت دائما خائفة أترقب، بعدها بشهر أخذت مضادا حيويا ثقيلا بدون طعام جيد ونوم خفيف أدى لهبوط ضغطي بشكل مفاجئ، ذهبت للمستشفى وعلقت محاليل ولم أنس إطلاقا.
صرت أخاف أن أكون بمفردي، أخاف أن أدخل للخلاء، وكنت أصاب بشكل شبه يومي بهلع وأخاف، وأحيانا أذهب للطبيب، مر هذا الحمد لله، عندما قال الطبيب إن مشكلتي نفسية صرت طبيعية قليلا، بعدها بسبب ضغط الامتحانات عاد لي الهلع والرعب وتوهم المرض بشكل يومي!
أصبحت طيبة، أحافظ على الصلاة والأذكار، ولكن الآن بسبب الفيروس وموت الكثير بسببه، وأنا حقا عشت في رعب وعاد لي الوسوس بشكل أكبر، فإن حدث شيء بسيط في جسمي مثل انتفاخ ضرسي أقول هذا خراج وسيفتح في أي وقت ويؤذيني، هذا شيء، وأيضا عند سماع صوت بالشارع أقسم بأني أشعر بضربات قلبي تزيد جدا، وأرتعب وأركض للنافذة للاطمئنان، أخاف كثيرا؛ لأن القلق سبب لي ارتجاعا في المريء، ومشاكل بالقولون، ويوسوس لي الشيطان أنه سيؤثر على قلبي لأني عند سماع أي صوت أخاف على مدار اليوم.
فما السبيل لأكون فتاة طبيعية أحلم بأن أعود جيدة ومطمئنة، فهل هذا ممكن؟ وما الحل؟ وهل هذا بسبب الفراغ مثلا؟ وهل حقا سيؤثر على قلبي أو صحتي أكثر؟
أحاول الهروب من هذا عن طريق أحلام اليقظة، أبني في خيالي شخصية قوية، وحولي من يدعمني، وأعوض نفسي عن كل شيء، فكيف أتوقف عن أحلام اليقظة؟ أيضا أعاني من وسواس الموت بين فترة وأخرى!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ اللهم صل على محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
الذي تعانين منه هو حالة بسيطة تُسمّى بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة، والذي يظهر أنه لديك استعداد وقابلية لقلق المخاوف، وهذا ربما يكون نتاج للبناء النفسي لشخصيتك، فأنت بعد الحريق الذي حدث أمام البيت ظهرت لديك هذه الأعراض، وبعد ذلك بدأ مسلسل الاجترارات الوسواسية، وأي حدث حتى وإن كان صغيرًا ربما يُثير لديك القلق والمخاوف والتفكير الوسواسي الافتراضي.
هذه الحالة ليست مرضية، هي ظاهرة، لكنها تستحق العلاج. الوسواس يجب أن يتم تجاهله، وتحقيره، وعدم الخوض فيه، ودائمًا يجب أن تطرحي أسئلة على نفسك: (لماذا تخافين؟ لماذا توسوسين؟ أنت لست أقل من الناس، أنت لست أضعف من الناس)، وهكذا.
اصرفي انتباهك عن الفكر الوسواسي والمخاوف من خلال حُسن إدارة الوقت، بمعنى آخر: ألَّا تتركي فراغًا أبدًا، لا فراغ زمني ولا فراغ ذهني، تكوني في حالة نشاط وأداء واجبات في أثناء اليوم، طبعًا بجانب أداء الواجبات، من حقك أن تأخذ يقسطًا من الراحة، من حقك أن تمارسي رياضة، من حقك أن ترفهي عن نفسك، هذا كلُّه مطلوب لتكون إدارة الوقت فاعلة وممتازة. نعم الصلاة في وقتها، هذا عمل عظيم، وكذلك الأذكار، وتلاوة القرآن، كلها مُعينات كبيرة لتطوير الصحة النفسية، بجانب هي واجبات دينية لابد منها. كوني أيضًا قريبة من أسرتك، شاركي في تطوير الأسرة.
بالنسبة لأحلام اليقظة: ليست كلها مرفوضة، لكن يجب ألَّا تكون بإسراف، اجعلي أحلام اليقظة هذه تتحول إلى أحلام إيجابية، فكّري في نفسك بعد ست سبع سنوات من الآن مثلاً، من المفترض أن تكوني تخرّجت من الجامعة وتُحضّر للماجستير، لديك عمل إذا كنت من الذين يرغبون في العمل، الزواج بحول الله تعالى ... فإذًا جسّدي أحلام اليقظة هذه لتكون نوعًا من الأُمنيات المشروعة والإيجابية.
هذا هو علاج حالتك، وأيضًا أنت محتاجة لعلاج دوائي بسيط، شاوري أهلك حول الدواء، وإن ذهبت إلى طبيبة الأسرة أو إلى طبيب نفسي؛ هذا سوف يكون أيضًا أفضل، لكن الحالة عمومًا بسيطة. الدواء المطلوب في حالتك هو عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى (لوسترال)، الجرعة جرعة صغيرة جدًّا، الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناولي نصفها – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
يتميز السيرترالين بأنه سليم جدًّا وغير إدماني، ولا يُؤثّر على الهرمونات النسائية، له أثر جانبي بسيط، وهو أنه ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام لدى بعض الناس.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.