كرهت الحياة، فأنا عاطل عن العمل وأشعر أن أهلي يكرهونني!
2021-01-04 01:48:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لا أعرف من أين أبدأ؟! أهلي أمي وإخواني يكرهونني، وهذا ليس بشعور، بل هو واقع، حيث إن أخي الأكبر مني دائما يدعو عليّ ويسبني بحضور أمي، وهي لا تفعل أي شيء، فأنا عمري ٢٨ سنة، أنهيت التحصيل الجامعي منذ ٥ سنوات، وعملت في شركة وعدة محلات، وهم دائما يهددونني بطردي من المنزل؛ لأنني لا أعمل.
لا يوجد عمل في البلد الذي أعيش فيه وهو الأردن؛ حيث أن وضع البلد متدهورا، وفي الأصل لا يوجد عمل إلا بواسطة، فمنذ عدة أيام ذهبت لكي أعمل في محل، فطلب مني خبرة لكي أعمل كأمين صندوق، فكرهت نفسي، وكرهت الحياة، وضاقت علي الأرض بما رحبت.
كنت أصلي في السابق، وأما الآن لا أصلي، وإذا قلتم لي التزم وصلي فهل سيوقف الله كرههم لي؟ أنا شاب مثلي مثل من هم في جيلي، لدي كمبيوتر ألعب عليه من ساعتين إلى أربع ساعات، ودائما أسمع كلامهم أنني مريض نفسيا بسبب الهاتف والكمبيوتر، فماذا على شاب مثلي أن يفعل؟ فهل أنا خاطىء؟
اليوم تأكدت من كرههم لي، حيث يعاملونني مثل الأطفال ويريدون أخذ جهازي الذي اشتريته من مالهم، فأنا أكرههم، وخصوصا أمي فهي دائما تقف بجانب أخي ضدي، مهما قال عني.
سؤالي: هل الذي ينتحر يخلد في النار؟ أكتب لكم وأعلم أنه لا يوجد أحد عامله أهله مثلما يعاملونني، أليس من الأفضل أن أبقى في المنزل على جهاز الكمبيوتر الخاص بي من أخرج وأصبح من الهمل؟ مع أنني لا أجلس إلا في المساء ٤ ساعات على أكثر تقدير، أفيدوني فأنا كرهت الحياة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
إن الذي يرزق العباد هو الله سبحانه تعالى، كما قال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا).
الغاية التي خلقنا الله لأجلها هي عبادته سبحانه، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فعلينا أن نحقق هذه الغاية فنؤدي الصلاة، ونكثر من نوافل الصلاة والصوم، ونقرأ القرآن الكريم ونحافظ على أذكار اليوم والليلة، ونتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى أثناء السجود، ونطلب منه سبحانه أن يرزقنا، وأن يهيئ لنا الأسباب، وأن نكون راضين بقضاء الله تعالى وقدره ومتفائلين، وأن نظن بربنا خيرا، فالله عند ظن عبده به، فإن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله.
لقد جعل الله تعالى للرزق أسبابا كثيرة، فعلى العبد ألا يكون عاجزا، وأن يعمل بالأسباب، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
- تقوى الله: يقول سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، ويقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
-كثرة الاستغفار: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
- المحافظة على أداء الصلاة في جماعة: قال العلامة ابن القيم: (الصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مطردة للأدواء مقوية للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل).
- صلة الأرحام: فهو من أهم أسباب زيادة الرزق والبركة في المال، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).
- الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-: فقد قال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) ومن الهموم هم الرزق.
- شكر لله تعالى على سبيل الدوام: فالشكر الدائم يزيد الأرزاق ويفتح الأبواب المغلقة لقوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
- الهجرة من أجل طلب الرزق: فمن الناس من خرج من بلده بعد ضيق في العيش ففتح الله عليه أبواب الرزق، يقول تعالى: (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً)، وإن كان من أهل التفسير من قال إن المقصود بالهجرة هنا الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام لكن العبرة بعموم لفظ الآية.
- السعي في مناكب الأرض وعدم البقاء في نفس المنطقة، قال سبحانه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
- اشغل نفسَك بالذكر والاستغفار، والدعاء، وأكثر من دعوة يونس عليه وعلى نبيِّنا السلام حين قال: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. [الأنبياء: 87]، فهي مِن أعظم ما قيل في ذَهاب الهمِّ، فالله قال في الآية التي تعقبها: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 88].
- الاستقامة على دين الله تعالى يقول تعالى: (وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا).
أنت اليوم رجل، وأهلك ربما ضجروا من بقائك بدون عمل، حيث يشعرون أنك عبء عليهم، وأنا على يقين أن نظرتهم ستتغير إن وجدت عملا بل سيصيرون يتقربون منك ويتوددون إليك.
لا تتعلل بأن الأعمال واقفة، وعليك أن تبحث عن أي عمل، ولا تربط نفسك بعمل معين، ويمكنك أن تعمل عملا حرا مع البحث عن الوظيفة التي تريدها فيما بعد.
قدم أوراقك وشهاداتك لشركات داخل وخارج بلدك عبر المواقع الإلكترونية، فلعل الله جعل رزقك خارج بلدك.
يجب أن تكسر الجمود الذي أنت فيه، وتبدأ رحلة البحث عن عمل، مع الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، فمن توكل على الله كفاه ومن سأله أعطاه.
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يفتح عليك، وأن يرزقك، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
لا تحمل في نفسك شيئا على أمك وإخوتك، فأنا على يقين أنك لو كنت تعمل وتصرف على البيت وأحد إخوانك عاطل عن العمل ويتكاسل عن البحث ستعامله بنفس الطريقة التي يعاملونك بها؛ لأن الإنسان يشعر بالغضب من ذلك التصرف.
لو أنك بذلك جهدك في البحث عن واسطة من أجل أن تحصل على عمل فلعلك تظفر بذلك فإن لم تجد فليس عيبا أن تعمل بأي عمل متاح، والعيب كل العيب أن تبقى كلاً على غيرك تنتظر متى يعطونك لقمة.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق، وأن يرزقنا وإياك من حيث لا نحتسب.