ما أسباب تدهور مستواي الدراسي المفاجئ؟
2020-12-30 03:08:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، أريد أن أعرف ما سبب التدهور الدراسي المفاجئ؟ فقد كنت من المتفوقين الأوائل على مدرستي في المرحلة الإعدادية، ولكن بعد وصولي إلى الصف الثاني الثانوي بدأت قصتي عندما أحسست بتدنٍ في مستواي الدراسي.
حاولت التكيف مع الأمر وتابعت دون اكتراث ونجحت بمعدل عال، وما إن وصلت إلى الثالث الثانوي حتى أحسست بالتراجع الكبير، فعلى سبيل المثال كنت أبرع في الإعراب وقواعد اللغة العربية، وفجأة أصبحت غير قادر على إعراب أبسط الأمثلة، كما لم أعد قادرا على الإجابة عن أشياء كانت بالنسبة لي من الأمور البديهية، وما عدت قادراً على إجراء أبسط العمليات الحسابية في الرياضيات، وغير ذلك من المواد الدراسية، حتى إنني لا أستطيع الحفظ مهما حاولت، وقد أصبت بتبلد المشاعر، فما عدت أشعر بأي شعور، حتى الجوع والشبع، ولم تعد لدي الرغبة في فعل أي شيء.
أقضي يومي مستلقياً على فراشي ولا أرغب بالتحدث إلى أحد، وقد كنت أتأثر بسماع القرآن الكريم تأثراً كبيراً، إلا أنني فقدت ذلك التأثر، فما هو هذا الذي أمر به؟ وما السبيل للخلاص منه والعودة إلى الحياة من جديد؟ أريد فقط أن أعود إلى ما كنت عليه من الذكاء، وقوة الحفظ، والفهم، هل من أمل في أن أعود إلى ما كنت عليه أم أنه لا طريق لاسترجاع تلك القدرات الضائعة؟
علماً بأن الأمر لا يعود لتقصير مني، فلا زلت أجتهد وأفعل ما بوسعي إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه مما ذكرت، وكيف لي أن أجزم بالتشخيص الصحيح لحالتي؟
هل هي من الأمراض العضوية أم النفسية أم أنها إصابة بالعين أو غير ذلك؟
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وسيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك في عائلتك، ونشكر ثقتك بنا.
إن ما أصابك من تدهور دراسي أو تراجع من بعد تفوق هو من الحالات الشائعة لدى الطلاب المتفوقين، وفي أغلبها يكون السبب نفسي، وخاصة إن كان التراجع شاملاً لجميع المواد الدراسية وليس مادة بعينها.
لفت انتباهي وأنا أقرأ رسالتك أن لديك من الإصرار الذاتي ما يجعلك حقاً متميزاً، وأيضاً استمرارك في بذل الجهد والدراسة بالرغم من تراجعك الدراسي هو ميزة أيضاً، ومن الواضح لي أيضاً أنك شاب ذو همة عالية لا ترضى لنفسك إلا بالتميز والنجاح، لذا لا تقلق فهذه النوعية من المشكلات سرعان ما تُحل بمجرد أن يُعرف السبب.
ما هو برأيك سبب تراجعك الدراسي الذي تتحدث عنه؟ من المنطق أنه يوجد وراءه أسباب قد أدت إليه، أي من الواضح أن ثمة متغير ما، حيث يختبئ وراء تراجع أي طالب -وخاصة إن كان متفوقاً من قبل ومحافظاً على مستواه- عوامل قد يدركها هو أو لا، لذا أتمنى منك أن تساعدنا في معرفة تلك العوامل فأنت أفضل من يعرفها، وهذه العوامل هي عبارة عن متغير ما قد حدث في حياتك وأدى إلى تغير حالتك النفسية للأسوأ، (قد يكون أصابك إحباط أو قلق أو كآبة من حدثٍ ما في تلك الفترة من حياتك) سواء على مستواك الشخصي أو مستوى عائلتك أو حتى على مستوى أصدقاءك المقربين.
لذا أتمنى منك أن تفكر بمفردك وتحاول أن تتذكر ما الذي حدث معك في الفترة التي سبقت أول تراجع دراسي لك، أو التي ترافقت مع ظهور تلك الأعراض عليك (تبلد المشاعر، وفقدان الرغبة في الأكل، والقيام بالأنشطة الروتينية، أو في إحساسك بالسعادة والتأثر في الأمور التي كانت تسعدك سابقاً مثل الاستماع إلى القرآن)، فوضع يدنا على السبب هو أهم خطوة في علاج المشكلة.
أو قد يكون السبب هو تغير اهتماماتك في الحياة عموما بحكم طبيعة المرحلة العمرية التي أنت بها "المراهقة"، في حال رجّحت هذا السبب، عليك أن تستعيد كفة اهتماماتك لصالح الدراسة، أي أن تحبب نفسك بالدراسة من جديد، وذلك من خلال الربط بين دراستك الحالية واهتماماتك الجديدة، وتحقيقك لأهداف أنت حقيقة تسعى لها وتستمتع بها، فالربط بين المكانة المجتمعية والاستمتاع (أن تستمتع بالشيء الذي تمارسه) وبين الدراسة هي أكثر معادلة ستنفعك.
من الآن إلى معرفتك للسبب ومُراسلتنا من جديد إنْ أحببت، أرجو منك ما يلي:
- أن تعيد ترتيب أولوياتك في الحياة، أي أن تعيد سؤال نفسك لماذا تدرس، وما هي المكانة التي تتخيلها وتتمناها لنفسك في المستقبل وترى أن الدراسة هي وسيلتك لها.
- أن تشحذ معنوياتك من خلال متابعتك للناس الناجحين والإيجابيين، سواء قصصهم في الإنترنت، أو أشخاص من حولك، أو أن تتواصل مع أصدقاءك الذين يجمعون بين التفوق وتمني الخير لك، أو من خلال رؤيتك لفيديوهات عن تحفيز الذات لمدربي مهارات الحياة، وهي كثيرة في اليوتيوب.
- أن تركز على النوعية في دراستك وليس الكمية، أي ليس المهم كم ساعة يومية تجلسها على الدراسة، بل الأهم هو أن تكون عالي التركيز وعالي الهمة أثناء دراستك.
- من النافع أن تقوم بأنشطة ممتعة لك أثناء اليوم، بهدف رفع معنوياتك، أي لا تجعل كل يومك دراسة، ويكون ذهنك فيه بعيداً عن الكتاب، فالموازنة بين الأمور هي من أكثر عوامل النجاح في الحياة.
ختاماً: أرجو أن أكون قد أفدتُكَ بإجابتي، برعاية الله.