خطر التهاون بالمعاصي والذنوب
2003-12-12 10:16:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني في الله! أنا شابٌ من الله علي بتعلم بعض علوم دينه، وحفظ معظم آيات القرآن منذ الصغر، والحمد لله فأنا شابٌ أزهري، ولكنني نشأت بين قوم يستسهلون صغائر الذنوب فعودوني عليها، كسماع الأغاني والتلفاز، فأغواني الشيطان وأنساني ما كنت عليه من التدين الذي اكتسبته من تعلم الدين، وعند مرحلة الشباب تحولت نفسي إلى شيء أكرهه، فأنا لم أعد أمنع نفسي عن المعاصي، بل أصبحت أدافع عنها، وأشد فتنة علي هي النساء، فإن منعت نفسي عن الزنا فأنا لا أمنعها عن مشاهدة الأفلام الجنسية، وممارسة العادة السرية، وأتحجج أن ذلك لعدم قدرتي المادية علي الزواج، وخوفي من الزنا الذي أصبح من أسهل ما يكون، وأقول: إن ذلك يساعدني علي تفريغ الشحنة العاطفية، ولكن لا يزال قلبي ينبض بما شربه من نهل القران، وكلما حاولت الرجوع إلى الله أضلوني، حتى أنني فكرت أن أترك أهلي وأمضي وحيداً، فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن العزيز المهندس/ علاء السيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك بين إخوانك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يطهر بدنك وقلبك من المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يباعد بينك وبين خطاياك كما باعد يبن المشرق والمغرب، وأن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يبدل سيئاتك حسنات، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه جوادٌ كريم.
وبخصوص ما ورد في رسالتك: فإني أكتب إليك هذه السطور وقلبي يعتصره الحزن والألم لما ألم بك وحدث لك ومعك، تصور كم خسرت الأمة الإسلامية بفقدك وعدم قيامك بدورك في خدمة أمتك؟ وبدلاً من ذلك استخدمك الشيطان في خدمته، وجعلك عبداً له، وآلة إفساد وهتك لأعراض المسلمين الغافلين، ولا أدري ولدي المهندس علاء ماذا ستقول لربك يوم القيامة عن هذه الأوقات التي تضيع في معصيته ومخالفة أمره، ماذا ستقول لله عن هذه المعاصي التي لم تستحِ من الله فيها؟ ماذا ستقول لله عن هذا القرآن الذي هجرته واتخذته ظهرياً؟ كم أود وأتمنى من ولدي العزيز المهندس علاء أن يقف وقفة متأنية مع نفسه ليسألها هذا السؤال: إلى متى يا نفس! هذا العصيان للرحمن؟ إلى متى هذه الغفلة؟ إلى متى هذه المعاصي؟ إلى متى هذا البعد عن الله؟ إلى متى هذا التسويف في التوبة والاغترار بطول الأمل؟
وكرر هذه الأسئلة مرات ومرات، واعقد العزم من أعماق قلبك على ضرورة تغيير هذا الواقع المؤلم؛ لأنه لن يخرجك مما أنت فيه إلا أنت، ولن ينقذك مما أنت فيه إلا أنت، ولن ينتشلك من هذا الوحل إلا أنت، واعلم أن الحق جل جلاله أخبرنا قائلاً: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11] ولا تنس ولدي المبارك! أن الله من عليك بعقل راجح استطعت به أن تكون مهندساً، فلا يليق بمثلك أن يتعذر بأي عذرٍ من أعذار الجهلة وضعاف الأنفس، فجاهد نفسك في الله يا ولدي! وقف معها وقفةً صادقة، وحدد لها موعداً قريباً للتوبة والتوقف عن هذا الانحدار، وحاول وستنجح، وحاول وستحقق ما تتمنى، فلقد طوعتها لرغبتك عندما أردت أن تدرس الهندسة، فلم تتأفف أو تتمرد أو تعترض على طول السهر وكثرة المذاكرة، والصبر على الدراسة الشاقة، وكانت النتيجة أن أصبحت مهندساً يا ولدي!
فلماذا لا تقف معها وقفة أخرى من أجل الله والدار الآخرة؟ هل الدراسة أعز عليك من الله يا ولدي؟! هل الدنيا أحب إليك من الجنة؟ قطعاً ستقول لا وألف لا؟ فلماذا لا تلزمها الطاعة وترك المعاصي كما ألزمتها مذاكرة الهندسة وسهر الليالي؟ حاول يا ولدي! وبصدق، وستنجح إن شاء الله، بشرط أن تكون صادقاً في توبتك ورغبتك في ترك تلك المحرمات، والعودة إلى حظيرة الإيمان وأولياء الرحمن.
وهناك عوامل مساعدة يمكنك بها أن تتقوى على تحقيق ما تريد، منها:
1- ابحث عن صحبةٍ صالحة، واربط نفسك بها، ونفذ معها مشروع: أجلس نؤمن ساعة. فابحث عن بعض الأخيار، وتآخى معهم؛ فإن مجالسة الصالحين رحمة، والبعد عنهم سخط الرحمن.
2- اربط نفسك بمشروع دعوي أو خيري أو اجتماعي، تستهلك فيه الوقت الزائد عن نمط حياتك وطبيعة عملك؛ لأن الفراغ من أهم عوامل الإفساد.
3- اخرج هذه الأجهزة من غرفتك الخاصة، واجعلها في مكانٍ عام في المنزل؛ حتى لا تضعف إذا كنت وحدك.
4- ضع لنفسك برنامجاً يومياً لإعادة حفظ القرآن، وإكمال ما تبقى منه، وألزم نفسك بهذا الجدول مهما كانت الشواغل التي عندك.
5- ضع لنفسك برنامجاً علمياً تدرس من خلاله بعض الكتب الشرعية، خاصةً ما يتعلق بزيادة الإيمان.
6- احرص على صلاة الجماعة، وألزم نفسك بذلك خاصة صلاة الفجر.
7- عليك بقيام شيء من الليل؛ فإنه شرف المؤمن ودأب الصالحين من قبلنا.
8- أوقات فراغك التي تكون بين الأعمال اجعلها في ذكر الله ولو كانت دقيقة واحدة؛ لأن مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت.
9- عليك بسلاح المؤمن الفتاك وهو الدعاء، فألح على الله، وأكثر من رجائه وطلب عونه وعفوه وغفرانه، ولا تنس الصلاة على طبيب القلوب ودوائها صلى الله عليه وسلم.
وأخيراً: لك دعواتنا بالتوفيق، ونأمل أن تبشرنا بأخبارك الطيبة مستقبلاً، ونتركك في عناية الله ورعايته. وبالله التوفيق.