كيف أقاوم التردد وأكون صارما في اتخاذ القرارات؟
2020-12-28 02:25:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا رجل عشت في هدوء، وليس لدي مشاكل حتى تزوجت، وحيث كنت لا أفهم الحياة الزوجية بمعناها الشمولي، ولا أفهم حقوقي وواجباتي تجاه زوجتي وتجاه أبي، فكنت دائماً محتاراً في إرضاء أبي أو توفير الاحتياجات الأساسية لزوجتي، فأبي كان يأخذ ما نسبته 95 % من راتبي، وكان دائماً ما يطلب مني الراتب كاملاً إلا مبلغاً يسيراً لمصاريفي الشخصية، وكان دائماً يسبني ويشتمني، وأنا بعمر فوق 25 سنة، ومرات أمام إخوتي الصغار، وأنا أكبرهم.
كانت زوجتي دائماً تقول لي: طالب بحقك وبر أباك، فهي امرأة فيها خير، وأنا دخلت في أمور نفسية، كالقلق، والشعور بالخوف بشكل مفاجئ، وجاءتني فترة أخاف من الأماكن المغلقة بشكل كبير جداً.
كان عندي مشكلة كبيرة في التردد في اتخاذ القرارات، حيث إن أبي -أصلحه الله- كان يأخذ كل شيء، ويتخذ القرارات عني بكل شيء، ما سبب لي مشكلة كبيرة في اتخاذ القرارات، وحل المشكلات.
ما هي الخطوات العملية للتغلب على مشكلة اتخاذ القرارات وحل المشكلات في مثل حالتي بشكل خاص؟ حيث إني لدي أولادا عددهم 4 أبناء وبنات في الإعدادية والابتدائية، ما هو الحل لمشكلة القلق المفاجأ والخوف؟ بارك الله في جهودكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً – يا أخي -: لا تعش أبدًا في تفكير سلبي حول الماضي، هذا مهمٌّ جدًّا، الماضي نستفيد منه كمهارات وكخبرات، حتى وإن كانت سلبية، وأنا أؤكد لك أن قوة الحاضر أفضل كثيرًا من ضعف الماضي، هذه هي النقطة الارتكازية الأساسية.
حتى يستطيع الإنسان أن يُرتّب حياته بصورة جيدة ويتخذ القرارات السليمة والسديدة؛ لا بد أن تكون هنالك أهداف حتى يتخذ حولها القرار، الذي يعيش في فراغ وفي حياة ميكانيكية وآلية وتلقائية قطعًا لا يستطيع أن يطور مهاراته، ولا يُحسن اختياراته.
أخي الكريم: الأهداف يجب أن تكون واضحة، وحسن إدارة الوقت، وطبعًا الإنسان دائمًا يُقدِّم مشيئة الله تعالى، هذا مهمٌّ جدًّا، ويأخذُ بالأسباب، ومخلص ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
هذه هي الأسس الرئيسية، والأهداف دائمًا تُقسَّم إلى:
•أهداف آنية، وهذه يجب أن تتحقق خلال أربع وعشرين ساعة.
•أهداف متوسطة المدى، وهذه تتحقق خلال ثلاثة أشهر أو ستة أشهر.
•أهداف بعيدة المدى.
الأهداف قصيرة المدى: مثلاً إذا كان هنالك شخص تعرفه وهو مريض في المستشفى، فحين تذهب لزيارته هذا هدف، وهدف عظيم جدًّا، يُحقق في خلال أربع وعشرين ساعة، وسوف تحس بالمردود الإيجابي بالنسبة لك.
مثلاً: تُقرّر أن تحفظ ستة أجزاء من القرآن الكريم خلال الستة أشهر القادمة، هذا هدف وهدف عظيم ونبيل، وتُرتِّب نفسك وتُدير وقتك بالكيفية التي تحفظ هذه الأجزاء الستة في هذه المدة.
على المدى البعيد: مثلاً أن تُقرِّر أن تطوّر مهاراتك المهنية، أن تقوم بدراسات إضافية، أن تُكمل حفظك لكتاب الله، أن ترعى أولادك بصورة جيدة وممتازة ... وهكذا.
إذًا الأهداف هي التي تُحرِّك فينا حقيقة القدرة على اتخاذ القرارات، وهذا أمرٌ ثابتٌ ومعروف، بدون أهداف لا توجد قرارات.
الأمر الثاني: هنالك بعض القرارات البسيطة التي لا تحتاج لمشورة، ولكن هناك قرارات تحتاج لشيء من التأني والدراسة والمشورة، وحتى الاستخارة.
أمَّا بالنسبة للمشاكل: أولاً عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، هذا يُقلل المشاكل والصعوبات. الأمر الآخر: احذر الدِّيون، هذا أيضًا يُقلِّل المشاكل بصورة جيدة جدًّا، وبعد ذلك تأتي المشاكل لا تحل مشكلة بمشكلة أخرى، وطبعًا كل إنسان له ظروفه وله طريقته في التعامل مع مشاكله.
أمرٌ مهمٌّ جدًّا أوصيك به، وهو: الالتزام بالواجبات الاجتماعية، مشاركة الناس في أفراحهم، وفي أتراحهم، التواصل الاجتماعي، صلة الرحم، هذه تُحسِّنُ كثيرًا من البناء النفسي للإنسان، وتعطيك الطاقات، وتعطيك المشاعر الإيجابية، وتعطيك القدرة على اتخاذ القرارات.
الرياضة – يا أخي – ترتقي بالنفس وتجعل التفكير دائمًا فيه شيء من التركيز والمنطقية، فاحرص على هذا، والصلاة في وقتها، الأذكار، هذا كله يُساعد الإنسان على اتخاذ القرارات.
أخي الكريم: هذه هي النصائح التي أريد أن أنصحك بها، وموضوع الخوف المفاجئ: حين تُمارس الرياضة وبعض التمارين الاسترخائية وتُحسن التعبير عن نفسك ولا تكتم، أعتقد أن ذلك سيزيل هذا الخوف المفاجئ كطاقة نفسية سلبية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
+++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة أ. انتصار معروف مستشارة الدعم النفسي والاجتماعي.
+++++++++
أهلاً ومرحباً بك
أستاذي الفاضل: في حياتنا اليومية العديد من الصعوبات والمشكلات التي تؤثر على حياتنا بشكل سلبي، مما يجعلنا نعاني من التوتر والقلق والخوف من المستقبل، وحتى نعيش بشكل أفضل فلا بد من أن نتحلى بالصبر والمرونة، والقدرة على التفكير بشكل منطقي، حتى نستطيع التعامل معها، وهذه المهارات حقيقة لا يمتلكها كل الناس، ولكنها مكتسبة ويمكن تعلمها.
حل مشكلتك يتطلب منك الاعتماد على الله أولا والاستعانة به، فالإنسان محتاج لمن يعينه ويمده بقوة تساعده على الاستمرار في الحياة، خصوصا مع وجود الكثير من المشاكل، ولا توجد أقوى من قوة الله، فإذا أمدك الله بقوته وأعانك فأبشر بالخير، ثم عليك الاعتماد على ذاتك، لأنك في النهاية أنت وحدك صاحب هذه المشكلة، وأنت من سيعيش مع نتائجها، لذلك عليك أنّ تتحمل مسؤولية مشاكلك دون أن تلقي باللوم على نفسك، فلا بد من تعزيز ثقتك بنفسك، فلا تنفق وقتك في القلق بشأن ما تفعله، وفي كيفية التصرف إن واجهتك أي عوائق، وأن تقوم على تقوية وتنمية شخصيتك، وليكن شعارك في هذه الحياة إعطاء كل ذي حق حقه، والتعامل مع الأمور الجدية بحزم وشدة.
من المهم أنّ لا تتراجع عن كلامك، واثبت على موقفك، واعتمد أسلوب المواجهة وتحمّل مسؤولية ما تقوم به من أفعال وأقوال، ودافع عن حقك وحق أولادك، ولا تخضع لقرارت أحد خاصة إذا لم تكن تعجبك، ولم تكن عادلة حتى لو كان والدك، عليك بره فقط.
من الخطوات العملية أن تعزل المشكلة التي تتطلب حلاً عن المشكلات الأخرى، والتي قد تكون عبارة عن نتائج أو مسببات لهذه المشكلة، حيث يجب تحديدها بوضوح، والنظر إليها بعيداً عن الانفعالات والعواطف، ثم التفكير بحلول منطقية ومباشرة، تكون في متناول يدك دون الاعتماد على الحظ، أو على شخص آخر، أو ظروف معينة.
من الجيد أن تتوقع نتائج لكل حل من الحلول المنطقية، وتحديد مستلزمات تنفيذ كل منها، مع تحديد المكاسب والخسائر التي يتسبب بها كل حل، حتى يسهل تقييمه ودراسته، ثم اختر حلا مناسبا على ضوء التقييم السابق، يمكنك تقبّل خسائر إذا وقعت، وتحمّل مسؤولية الاختيار بقلب قوي بالله، وواثق من قدراته، ولا تقلق، وتأكد أنه لا يمكنك أبداً إدراك جميع خياراتك، لذلك حاول وضع مجموعة من المعايير الواضحة لملامح القرار الذي ترغب باتخاذه، وتأكد أن تكون محددة فأنت بحاجتها.
احرص على تحديد الخيار الذي يرتبط بتلك المعايير جيداً، كما أنه لا بد من أن تحدد لنفسك مهلة زمنية لاتخاذ القرار، فهي وسيلة فعالة لتحسين قدراتك على اتخاذ القرار، ما يعزز من زيادة الرضا عن اختياراتك في حياتك.
أستاذي الكريم: إن استطعت أن تعيش بعيداً عن والدك قليلاً فذلك أفضل، وتستقل عنه بكل الجوانب، طبعاً مع الإبقاء على بره ووده، ولكن ليس على حساب حياتك وسعادة عائلتك، فمن حقك أنّ تعيش حياة كريمة ومستقلة مع عائلتك لتنعم بالسعادة.
كما أن من حق زوجتك أن تشعر بوجود زوج له شخصيته وقراراته المستقلة، لتشعر بالسند والأمان، ومن حق أولادك أن لا يفقدوا ذلك السند القوي الحنون العطوف في حياتهم، حتى يستمدوا منه تلك الصفات الجميلة، وحتى يشعروا بالأمان والأمن في ظل هذه الحياة.
من المعروف يا أخي الفاضل: أنه عند وصول الإنسان إلى "سن الأربعين" يكون قد استقر أُسرياً ووظيفياً، واكتسب كماً لا بأس به من الخبرة والدراية لبدأ مرحلة جديدة، يُكرّسها في توفير حاجات أسرته وهموم مجتمعه، كما يصحبها تحول جذري في الأفكار وبعض السلوكيات والتصرفات، كما أنه تأتي كل خطواته مدروسة ومتأنية، مدفوعاً على كل ما يطرأ في هذه المرحلة من واقع شعوره بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية.
من المعلوم أيضاً أن الوحي قد نزل على قلب نبينا الكريم في سن الأربعين، ولا بد من وجود حكمة من هذا العمر، ويقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وكثير من التجارب ثبتت أن هناك من تغيّر إلى الأفضل بعد ما بلغ الإنسان أو اقترب من هذا العمر.
تمنياتي لك بحياة كريمة مليئة بالمودة والرحمة والبرّ.