التعامل مع الطفل المدلل
2005-12-12 10:23:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني هو الطفل الأول وعمره 3 سنوات ونشأ مع والديه وجده وجدته وبالغوا في تدليله حتى أصبحت كلمته هي الأولى في المنزل حتى على والديه، ومما زاد الطين بلة أنه رزق بأخ بعد بلوغه العامين و8 أشهر فاكتشفت أنه غيور جداً جداً جداً، وأصبح متعلقاً بي كالظل، ويملي علي الأوامر حتى في أدق الأمور، وتصيبه نوبات من الغضب والبكاء المتواصل لفترات طويلة حتى يرتجف وتتسارع أنفاسه لمجرد مخالفة أمره وفي مخالفته الصواب، مع العلم أنه ذكي جداً وواثق من نفسه.
والأمر الآخر أنه يؤذي أخاه بشكل قاس حتى أمام الجميع ولا يهتم، وقد جربت معه عدة طرق مثل الحبس والحرمان والتفاهم والتهديد بالوالد، يتأثر فقط للحظات ثم ينتهي المفعول، وعند النوم مستحيل أن ينام إذا لم أنم بجانبه ويبدأ بالاعتذار عما بدر منه طول النهار وإذا استيقظ في الليل ولم يجدني بجانبه يبكي ويصرخ حتى أعود إليه.
فكيف أتعامل معه؟ وكيف أتخلص من تسلطه المحرج حتى أمام الناس؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويُعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الطفل الذي يولد بين أجداده وجداته يفوز بجرعاتٍ كبيرة من الاهتمام والعواطف، خاصةً إذا كان هو المولود الأول، وهنا لابد أن ينتبه الوالدان من أجل الاعتدال والموازنة في الجرعة العاطفية، وإذا لاحظنا أن الأجداد يزيدوا من عاطفتهم واهتمامهم فإن من واجبنا أن نقلل من ذلك، بل وعلينا أن نطلب منهم تخفيف الجرعة.
ولا شك أن الصواب هو أن نهيئ الطفل لاستقبال المولود الجديد، فنخبره بأنه يحبه وسوف يلعب معه، فإذا خرج المولود فعلينا عدم إشعار أخيه الأكبر بأن الاهتمام تحول عنه إلى الطفل الجديد؛ لأن هذا يتسبب في كراهيته لأخيه، ويجعله يُكثر من البكاء والتبول في ثيابه وفراشه، وقد يرفض الطعام ليجلب العطف والحنان، وربما يحاول فرض شخصيته بالعناد والصراخ والطلبات المتكررة المملة، وليس الحل في زجره ومعاقبته، ولكن ينبغي تقدير مشاعره.
وأرجو أن تمنحيه جرعات من العطف والاهتمام، ولا تتوتري إذا أمسك ثوبك أو نام على جوارك، ولا تُثني على الطفل الجديد إلا بعد الثناء عليه أولاً، وانتبهي لتعليقات الأهل عندما يشاهدون المولود الجديد، فإن ذلك يُغضبه ويُزيد من رغبته في سماع كلمات الثناء والاهتمام.
وأرجو أن يظهر هنا دور واهتمام والده، ويفضّل أخذ الطفل معه عند ذهابه للمتاجر أو إلى مواطن الخير، فإن ذلك يخفف من شدة غيرته ويُشغله عن أخيه، ويُشعره بأنه كسب أشياء أخرى، مع ضرورة الاتفاق على منهج موحد في التوجيه بين الأب والأم، وبإمكان الأب أن يوصل له كل ما يجعله يستمع لكلام أمه ويطيعها، والأم كذلك تقوم بذات الدور.
وأرجو عدم معاقبته من قبلك عندما يؤذي أخاه الأصغر، ولكن الأفضل أن يقوم بزجره طرفٌ ثالث مثل خاله أو خالته، أما إذا كانت العقوبة من قِبل أحد والديه فإن ذلك يدفعه لمزيدٍ من العناد، ويُشعره بأنه مظلوم رغم أنه ظالم، كما أرجو أن يتولى معاقبته أو زجره شخص واحد فقط حتى لا يشعر أن الجميع ضده، ومن المهم جداً تنميه الجوانب الإيجابية فيه، وتشجيعه على حب أخيه، ومنحه الهدايا والحوافز عند كل خطوة في الاتجاه الصحيح، وحبذا لو سمع الثناء عليه من الجميع، كأن تقولوا أمام الناس فلان أصبح ممتازاً؛ لأنه اليوم لم يعتد على أخيه، وقد أصبح يحب أخاه، وأنا سوف أعطيه هدية، وكذلك أخوه عندما يكبر سوف يمنحه الهدايا لأنه يحبه.
وأرجو منح الطفل قدراً من الحرية والاستقلالية في البيت؛ حتى لا يحتاج لذلك أمام الضيوف، فإننا نلاحظ أن الأطفال المحرومين أو الذين نربيهم على الأوامر والقيود تتغير تصرفاتهم وتكثر حركتهم ودلالهم أمام الضيوف الذين غالباً ما يكون فيهم من يقول اتركوه، لا تضربوه، إنه مسكين، وهذا يزيد من إحراج الطفل لوالديه.
ولكن ينبغي أن نعلم أن لجميع الناس أطفالاً، فلا داعي للحرج الزائد، واجعلي همك أن يكونوا صالحين في وجود الناس وفي حالة عدم وجودهم، فإن الطفل إذ قلنا له: عيب! الذي يقوله الناس، زاد في عناده وتمرده في صغره وتربى في كبره على مراقبة الناس وليس على مراقبة رب الناس.
ولا شك أن حب الأجداد للأحفاد كثيراً ما يدفعهم للخطأ لشعورهم بأن هناك من يحبهم ويدافع عنهم، وهذا يجلب غضب الوالدين، وقد يفقدهما السيطرة على الوضع، وأرجو عدم إعطاء الطفل فرصة للاستفادة من تلك التناقضات.
والأمر يحتاج إلى توجه إلى من يجيب من دعاه، ثم إلى حرص على التوازن بين الدلال والقسوة، وتجنب التذبذب بين الدلال والقسوة.
والله ولي الهداية والتوفيق.