هل البراعة في حل الألغاز دليل على ارتفاع معدل الذكاء؟
2020-12-02 04:04:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- هل من الممكن لشخص ذي ذكاء طبيعي (من درجة 90-110) أن يحل بعضا من الألغاز؟
- وبشكل عام الشخص الذي يحل بعض الألغاز هل بالضرورة أن يكون معدل ذكائه فوق الحدود الطبيعية؟ أخي قال لي ذات مرة: عندما كنت في سن 17 عامًا كنت لست ذكيا يعني طبيعيا، ولكنني الآن وأنا في سن 23 عاما قمت بحل عدد من الألغاز، لكن وأنا في سن 20 عاما كنت في المستوى الأول في كلية الهندسة، فدكتور الفيزياء قال: أن الشاطر (يقصد الذكي) هو الذي سيحل السؤال الفلاني، وأنا نظرت إلى السؤال فلم أتمكن من حله وحله طالب آخر.
وبعد سنة من ذلك (وأنا في سن 21 سنة في المستوى الثاني) رجعت إلى نفس ذلك السؤال الفيزيائي وحللته بطريقة غير الطريقة التي حله بها ذلك الطالب ومنذ ذلك الوقت حللت عددا من الألغاز، علما أني أكثر ما فعلته مما يؤثر على معدل الذكاء هو الدراسة بمراحلها الأساسية والثانوية وحاليا الجامعية، يعني السؤال: كيف تمكنت أنا من حل عدد من الألغاز في سن 21 عاما مع أنني لم أتمكن من حل تلك المسألة الفيزيائية التي أشار إليها الدكتور عندما كنت في سن 20؟ وهل يمكن للشخص أن يزداد ذكاؤه (المنطقي) من الحدود الطبيعية إلى الحدود ما فوق الطبيعية بالدراسة فقط (بمراحلها المختلفة)؟
وكذلك أنا دخلت الصف الأول في سن 5 أعوام، وقمت بإعادة الصف مرة أخرى رغم نجاحي؛ لأن أبي رأى أنني لا أعرف ما درست، ولكن أخي الأصغر مني بعامين تقريبا دخل الصف الأول في سن 5 أعوام ولم يعد السنة، والآن أنا حللت عددا من الألغاز وهو كما في الظاهر لا يحل كما أنا أحل، فكيف ذلك؟
وشكراً، جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أيها الفاضل الكريم: حل الألغاز ليس دليلاً أو مؤشرًا فاصلاً لنحكم من خلاله على مستوى ذكاء الإنسان، فالذكاء يعتمد على درجة التكيُّف الاجتماعي والنضج الوجداني، هذه عوامل أخرى مهمَّة جدًّا. كما أن رغبة الإنسان تلعب دورًا في مقدرته على حل هذه الألغاز التي تحدثت عنها، هنالك مَن لديه رغبة ويُحب حل الألغاز، وهنالك مَن تدرب عليها لفترة طويلة.
هذه كلها عوامل أخي الكريم، فلا أعتقد أن هذا الأمر أمر معياريّ لتحكم به على مستوى ذكائك، وكما ذكرتُ لك الذكاء المعروف هو مؤشر واحد فقط لقياس مقدرات الناس، والآن أصبح موضوع الذكاء الوجداني – أو ما يُسمَّى بالذكاء العاطفي – ربما يكون أهمَّ من الذكاء الأكاديمي هذا والذكاء المعرفي، والذكاء الوجداني من خلاله يستطيع الإنسان أن يتفهم نفسه من حيث مقدراتها، وأن يتعامل معها بصورة إيجابية، كما أنه يستطيع أن يتفهم الآخرين ويتعامل معهم بصورة إيجابية أيضًا، وهذا مهمٌّ جدًّا. الشخص الذي لديه ذكاء اجتماعي أو ذكاء عاطفي عالٍ يستطيع أيضًا أن يؤدي بصورة أفضل من خلال ذكائه الأكاديمي أو ذكائه المعرفي.
إذًا هذه الأمور متصلة مع بعضها البعض، وبفضل الله تعالى الذكاء العاطفي يتطور، يمكن للإنسان أن يطور من ذكائه العاطفي، وتوجد برامج كثيرة في هذا الشأن، وكُتبت كتابات كثيرة جدًّا عن الذكاء العاطفي وأهميته، ومن أفضل المؤلفات في هذا السياق كتاب الدكتور (دانييل جولمان) والذي كتبه عام 1995، وهو يُعتبر من أوائل رواد هذا العلم.
فيا أخي الكريم: لا تُدخل نفسك في هذا التفكير النمطي الوسواسي، وحتى بالنسبة لأخيك أيضًا الأمر ليس مِعياريًّا وليس مقياسيًّا أبدًا. رغبة الإنسان تُحدد أشياء كثيرة، لذا يجب ألَّا نعتمد على عامل واحد فقط، أعتقد أن هذه الإجابة تكفي تمامًا، وحل الألغاز ليس مقياسًا لمقدرات ذكاء الإنسان، حتى الحفظ ليس مقاسًا لذكاء الإنسان، لأن الحفظ ليس أعلى المراتب المعرفية عند الإنسان.
ومن المهم أن الإنسان يطور نفسه من خلال الاطلاع، من خلال التفاعلات الاجتماعية الإيجابية، من خلال الاستفادة من التجارب الماضية، وهذا يؤدي إلى تطوير كبير جدًّا في الذكاء الوجداني والعاطفي، ويكون له أيضًا انعكاسًا إيجابيًّا ليس على مستوى الذكاء المعرفي في حد ذاته، لكن تكون له إيجابيات كبيرة جدًّا على القوة الاستنباطية عند الإنسان، وهذه مهمة جدًّا، وكذلك درجة النضج المعرفي، تتطور، لكن الذكاء في حد ذاته قد لا يتطور.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.