الخوف من الموت أفقدني لذة الحياة وهو مسيطر علي!

2020-12-01 05:23:46 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا ما زلت صغيرة، عمري 17 سنة، منذ 5 شهور بعد ضغط شديد، ومشاكل مع زوج والدتي وضغط من موضوع كورونا، وأمور كثيرة أخرى شعرت بإحساس الخوف من الموت، كل أمر أقوم به أقول هذه آخر مرة سأقوم بها وسأموت، ولكني ما زلت موجودة ولم أمت فقد صار لي 5 أشهر.

المفروض أن عقلي يقتنع ولكن الأفكار لا تذهب من عقلي، ذهبت إلى طبيب نفسي، وكتب لي دواء أخذته منذ شهر، وتحسنت حالتي، وأوقفته لمدة شهرين خوفاً من الاعتياد عليه، خصوصا أنني ما زلت صغيرة، وبعدها تعبت مرة أخرى، وذهبت إلى الطبيب ذاته، وكتب لي العلاج.

الخوف من الموت مسيطر علي دائما في كل شيء أقوم به في حياتي، حرفياً كل شيء حتى لو أنني مسافرة والمفروض أنسى الموضوع وأكون سعيدة، ولكن عقلي يقول لي لا أنت ستموتين هذه آخر مرة تشربين بها، وآخر مرة تأكلين.

طبعا كل هذه أمور بيد الله، ولكن أنا أقول لنفسي أنا ما زلت صغيرة أتمنى أن أعيش أكثر، ومع انتشار منشورات موت الشباب على الفيسبوك زادت عندي الحالة النفسية أكثر، وأيضا سرعة في نبضات القلب، والخوف الدائم، والتعاسة الدائمة.

أنا في الثانوية العامة، وأتمنى أن أركز على دراستي، وأحصل على مجموع يفرحني ويفرح والدي -الله يرحمه-، وأدخل الكلية التي أتمناها، ولكن أن تعبانة من كثرة الأفكار وليس لدي طاقة.

آسفة على الإطالة، ولكن فعلا كنت أتمنى أن أشارك وأقول شكرا، أتمنى الرد على سؤالي لأنني فعلا تعبت، وشكرا مقدما.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله العلي العظيم أن يُطيل عمرك في عمل الصالحات.

الخوف من الموت ظاهرة معروفة جدًّا، وكثير من الناس لا يتحدثون حول هذا الأمر، لكنه يُؤرِّق كيانهم كثيرًا، والآن هنالك اتجاه في الطب النفسي أن يُسأل كل الذين يرتادون العيادات النفسية عن موقفهم من الموت وإن كانت لديهم مخاوف أو وساوس حول هذا الأمر، لأنه بالفعل تفشَّى وانتشر جدًّا.

والخوف من الموت قد يكون خوفًا محمودًا، وقد يكون خوفًا مرضيًّا، الخوف المحمود هو الذي يجعل الإنسان مقتنع بالحقيقة الأزلية للموت، وهو أن الأعمار بيد الله، وأنه لن تموت نفس بغير يومها، وأن أجل الله إذا جاء لا يؤخّر، وأن هذا الأمر كُتب على الإنسان وهو في بطن أُمِّه، وأن الإنسان يعيش حياة طيبة وحياة قوية وحياة جميلة، يُساعد في عمارة الأرض، ويكون نافعًا لنفسه ولغيره، وحين يأتي أجل الله سوف يأتي ويكون للعبد اليقين القاطع أن ما عند الله خير له.

هذا هو الخوف المحمود، الخوف الجميل، الخوف الذي يجعلنا نتوكل لا نتواكل، الخوف الذي يجعلنا نعمل لا نتكل ونتكاسل عن عمل الصالحات، لا الخوف المرضي الذي يكون الإنسان فيه متلبسًا بالذنوب والآثام والحرام ويأتيه الموت، لا.

هذا منهج جيد – أعني الخوف المحمود – والذين يخافون من الموت على هذه الشاكلة ليس لهم خوفٌ حقيقي مرضي، إنما هو خوف الشخص المتعظ، الشخص الحكيم، الشخص الكيس، أمَّا الذين يُصيبهم الوجل والخوف وتتشتت أفكارهم وتظهر عليهم التعاسة والتوتر والفزع من الموت؛ فهذا خوفٌ مرضي، يجب على الإنسان أن يتخلص منه، أن يُحقّره، وأن يحوّل خوفه من خوفٍ مرفوض وخوفٍ من الموت من النوع المرضي إلى خوف محمود.

هذا هو المطلوب منك – أيتها الابنة الفاضلة – وهذا هو العلاج الأساسي لحالتك، أن تنطلقي في الحياة، وتعيشي الحياة بقوة، وتُصلي صلاتك، وتحرصي على الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء – وتحافظي على وردك القرآني اليومي، الدعاء، الدعاء شيء عظيم جدًّا، والدعاء هو العبادة، وتجتهدي في الدراسة، وتحتمي على نفسك أنك يجب أن تكوني من المتميزات في دراستك، وأن تكوني بارَّةً بوالديك، وتمارسي الهوايات الطيبة الجميلة، وترفّهي عن نفسك بما هو جميل، وتمارسي بعض التمارين الرياضية، القراءات غير الأكاديمية، مجالسة الصالحات من البنات، حفظ شيء من القرآن، تنظيم غذائك.

هذه هي الأسس الرئيسية التي تزيل عنك هذا الخوف، هذا خوفٌ مرضي، وأنا أعرف أن فيك خير كثير، وإن شاء الله تعالى بالاقتناع بهذا التوجُّه الفكري السلوكي الذي ذكرتُه لك سوف تعيشين حياة طيبة وحياة جميلة، وهذا هو المنهج الذي أراه، وهذا هو المنهج الذي يجب أن نتبعه في حياتنا.

العلاج الدوائي: طبعًا لا بأس به، لكن العلاج الفكري السلوكي المعرفي الوجداني هو المهم، ولا مانع مثلاً أن تتناولي حبة من عقار يُسمّى تجاريًا (سبرالكس)، سليم، وفاعل، وغير إدماني، ولا يُؤثّر على الهرمونات النسائية، وسوف يجعلك في مسار التفكير الصحيح حول الموت، ويزيل عنك هذا الخوف المرضي.

يمكن أن تشاوري أهلك أو طبيبك حول السبرالكس، تتناولينه بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا – أي عشرة مليجرام – لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول السبرالكس.

وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (2405159 - 2323709 - 2322784).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net