هل أنا أعاني من مرض عضوي أو مرض نفسي؟
2020-11-30 00:25:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب بعمر 18 سنة، أعاني منذ سنوات الخوف من الإصابة بالأمراض، وأؤول أي شيء يحدث لي بأمراض خطيرة، مثل الأورام -عافاكم الله- ومنذ كنت صغيراً بعمر (٩-١٠-١١) تقريباً، كنت أعاني من كوابيس، وأستيقظ في الليل، وأهلوس، وفي الصباح لا أتذكر أي شيء سوى بعض الثواني، لكن هذه الحالة اختفت تماماً قبل ال ١٤ من عمري.
قبل ٣ سنوات تقريباً بدأ يحدث شيء غريب، وهو شعوري بالانفصال عن الواقع، وأحس نفسي غريباً، وجسمي غريب، المهم جاء عام 2020م وجاءت معه المصائب والحجر الصحي والتخوف، وبإحدى الليالي قبل النوم صار عندي ضيق تنفس، من هنا بدء التوتر والقلق الزائد، والميل للغثيان والتقيؤ وارتفاع الحرارة وإسهال شديد.
علماً أني بطبيعتي دائماً أعاني من ضيق نفس، لكن ليست بهذه الشدة، المهم خطر في بالي مرضان، هما فايروس كوفيد 19 وورم رئوي، ذهبت إلى الطبيب ففحصني سريرياً، وقال لا توجد مشكلة، لكني أصررت على عمل أشعة، والأشعة كانت سليمة جداً، وأعطاني أدوية للقولون والتهاب المعدة، علماً أنه لم يجر سوى فحص سريري، وبعد فترة بدأت أشك بإصابتي بورم دماغي بسبب وجع الرأس المتقطع، وليس صداعاً مستمراً.
عند بداية النوم تحصل حركة لا إرادية سريعة في القدم أو اليد أو الرأس، تجعلني قلقاً جداً، وكنت أشعر بوجود شيء في حلقي، وأحس أن أعصابي خربت، كل هذه الأعراض كانت تأتيني قبل فترة الامتحانات، والحمد لله، تغلبت على هذه الظروف وكان معدلي 98.5/100 يؤهلني لدخول المجموعة الطبية، ولا تزال الكثير من هذه الأمور ملتصقة بي.
سؤالي: هل أنا أعاني من مرض عضوي أم أعاني من مرض نفسي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
أنا أبشرك أنك لست مريضًا نفسيًّا ولا عضويًّا، أرجو أن تكون هذه الرسالة رسالة أكيدة وقوية وتأخذها بجدية.
الذي لديك هو أمرٌ بسيطٌ جدًّا، لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف الوسواسي، وكما تفضلت هذا الأمر قد بدأ معك في مرحلة الطفولة المتأخرة واليفاعة، والمخاوف المرضية منتشرة جدًّا، لأننا أصبحنا نعيش في زمانٍ قلَّت فيه الطمأنينة وكثر فيه موت الفجأة، وكثرت الأمراض، وكثرت المعلومات الطبية المغلوطة، وهذه إشكالية كبيرة جدًّا.
هذه الظاهرة موجودة، وأنا أريدك أن تكون مطمئنًا، أن تستفيد من وقتك بصورة صحيحة، لأن الإنسان إذا أدار وقته بصورة صحيحة وانصرف لما هو مهمٌّ وضروريٌّ فإن المخاوف المرضية تتقلَّص جدًّا.
الأمر الآخر هو: أن يعيش الإنسان حياة صحيّة طبيعية، والحياة الصحية تتطلب: حُسن تنظيم الوقت، والصلاة في وقتها، وأن يكون لديك وردًا قُرآنيًّا يوميًّا، وأن تحرص على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار الاستيقاظ، وأن ترفه عن نفسك بما هو طيبٌ وجميل، وأن تمارس الرياضة، الرياضة تعطي الإنسان طاقات نفسية وجسدية إيجابية جدًّا، وألَّا تقرأ كثيرًا عن المواد الطبية، أو حاول أن تبتعد عن ذلك تمامًا، وأن يكون لديك تواصل اجتماعي جيد مع أصدقائك.
هذه هي الأسس التي تجعلك تعيش في شيء من الأمان والاطمئنان، لأن الممارسات الصحية الاجتماعية السليمة من النوع الذي تحدثتُك عنه هو الذي يُبعد قلق المخاوف من النوع الذي تعاني منه.
الحمد لله تعالى أنت متميز في دراستك، وهذا أمرٌ جيد، وأمرٌ مُشجع جدًّا، أسأل الله تعالى لك المزيد من النجاح والتوفيق.
طبعًا موضوع جائحة كورونا وما سبَّبته للناس من إشكالات نفسية واجتماعية وصحيّة؛ أمرٌ معروف، لكن إن شاء الله تعالى هذا الأمر ينصرف وتعود الحياة لطبيعتها.
باختصار شديد: أنت يظهر أنك حسَّاس، ولديك القابلية لقلق المخاوف، لكن القلق أيضًا أفادك أن تكون متميِّزًا أكاديميًّا، فالقلق طاقة نفسية إنسانية مطلوبة، لكن إذا زاد عمَّا هو مطلوب قد يتحوّلُ إلى احتقانات سلبية، ويؤدي إلى مخاوف مرضية.
أرجو أن تُطبق ما ذكرتُه لك من إرشاد، وإن شاء الله تعالى سوف تعيش حياة صحية، ولا تتنقّل بين الأطباء، هذه نصيحتي لك. وليس هنالك ما يمنع حقيقة أن تتناول أحد مضادات المخاوف، أحد الأدوية السليمة والجيدة، هنالك عقار يُسمَّى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام) يُناسب عمرك تمامًا، يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
لا تتناول الدواء بدون مشورة أهلك، وإن أردتَّ أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، لكن حالتك بسيطة، وأعتقد أن ما ذكرتُه لك من إرشاد يكفي تمامًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.