تراودني وساوس حول عدم توفيق الله في مشروعي!
2020-11-25 00:08:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أرجوكم أفيدوني في مشكلتي؛ لأنها تتفاقم يوما بعد يوم، وسببها الوسواس في المال والعبادات.
مشكلتي هي أنه بدأت تراودني وساوس حول عدم توفيق الله في مشروعي، والذي هو شركة تسويق إلكتروني، المشكلة أنه كلما فعلت إثما أو ما شابه ذلك يأتيني الشيطان، ويقول لي: أنت فعلت هذا الذنب، وتريد الله أن يوفقك في مشروعك ... لا لن يوفقك، غير اسم موقع المشروع، لكي يوفقك الله. وبدأت تتكاثر معي هذه الوساوس إلى أنه في يوم أقسمت بالله 3 مرات على أنني لن أغير اسم موقع المشروع استجابةً لهذه الوساوس، بعد ذلك توكلت على الله وقمت بتسجيل شركتي في بريطانيا بنفس الاسم والحمد لله.
المشكلة الان هي أنني قبل يومين من طرح هذا السؤال، كنت أصلي صلاة العصر، وفي التشهد الأخير نسيت، هل سجدت سجدة أم سجدتين، وبدأت أوسوس أنني إذا أكملت الصلاة هكذا ستكون صلاتي ناقصة، وهنا أتاني صوت داخلي -أي حدثت نفسي- قال لي: إذا أعدت الصلاة فمشروعك التسويقي حرام، والأموال التي ستكسبها من ذلك حرام، لأنك تتلاعب بالصلاة، ووافقت على ذلك في نفسي، لكن بعد ذلك قطعت الصلاة وأعدتها خوفا من أن تكون صلاتي ناقصة وأن لا أكون موفقا في عملي بعد الصلاة.
لكن بعد ساعة تقريبا، بدأت الأفكار تتكاثر علي بأنه يجب علي أن أغير اسم موقع المشروع؛ لأن اسم المشروع الأول ستكون أمواله حرام، وسأبني تجارتي بحرام، فأنا خائف من ذلك للغاية.
أرجوكم ساعدوني، هل يجب علي أن أغير اسم موقع المشروع؛ لأنني وافقت في نفسي على أنني إذا أعدت الصلاة ستكون تجارتي والأموال التي سأكتسبها..؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdelkrim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك – أخي الكريم – في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.
أخي: قطعًا الذي تعاني منه هي أفكار وسواسية، وقطعًا الشيطان يريد أن يحزنك؛ فأقول لك وبكل قوة: لا تُغيّر أبدًا اسم الشركة، من أخطر الأشياء السلوكية هو أن يستجيب الإنسان للوسواس، والاستجابات للوسواس تؤدي إلى حالة تُسمَّى بـ (الوسواس القهري مع افتقاد البصيرة) يعني أن الوسواس يستحوذ ويُهيمن ويسيطر بصورة مطلقة، ويكون الإنسان دائمًا تحت إملاءات الإلحاح الوسواسي.
لا تضع نفسك في هذا الموقف –أخي الكريم– حقّر الوسواس، خاطب هذه الأفكار مخاطبة مباشرة، قائلاً: (أنت أفكار حقيرة، أنا لن أتبعك أبدًا ...) وهكذا، ما نسميّه بـ (إيقاف الفكر الوسواسي) من خلال المخاطبات المباشرة. هو تمرين سلوكي ممتاز جدًّا إذا طبَّقه الإنسان بالصورة الصحيحة.
يُضاف إلى ذلك – أخي الكريم –: هناك علاجات تسمى بالعلاجات التنفيرية، الوساوس القهرية حين تكون في بداياتها –أي حين تكون الخاطرة قد أتت ولم تتحول إلى فكرة أو صورة عقلية كاملة– هنا يربط الإنسان هذه الخاطرة أو بداية الفكرة مع تفاعل مختلف جدًّا، مثلاً: الإنسان إذا تذكّر شيئًا كارثيًّا، حدثًا كارثيًّا، احتراق طائرة مثلاً – لا قدر الله – أو شيء من هذا القبيح، ويربط هذه الفكرة الكارثية بالفكرة الوسواسية، أو مثلاً تقوم بشم رائحة كريهة إن وجدتها، وفي نفس اللحظة استجلب الفكرة الوسواسية.
وهنالك تمرين تنفيري سهل جدًّا، هو: أن تجلس أمام طاولة في داخل الغرفة، وتقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة، ويجب أن تحس بألم بشدة، وفي لحظة الإحساس بالألم تستجلب الفكرة الوسواسية، وتُطابق ما بينهما، وتُكرر هذا التمرين عشرين مرة على الأقل بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.
هذا من التمارين التنفيرية الممتازة، علماء السلوك وجدوا أننا إذا ربطنا الوسواس بما يُخالفه من أحاسيس أو أفكار أو مشاعر؛ هذا يؤدي إلى تحقير الوسواس، وتفتيته، والتخلص منه، وأهم شيء ألَّا يسترسل الإنسان في الوسواس، لا يُحاور الوسواس، ولا تخضع الوسواس لمنطق، ولا تستجب له. هذه – يا أخي – هي البوّابات التي يجب أن تُغلق في موضوع الوساوس القهرية.
وأنا أبشرك أن هذا النوع من الوساوس يستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا.
فيا أخي الكريم: لا تحرم نفسك من نعمة الدواء، نعمة العلاج، فما جعل الله من داء إلَّا جعل له دواء، فتتداووا عباد الله.
من الأدوية الممتازة التي سوف تساعدك العقار الذي يُعرف باسم (فلوكستين) وهو الـ (بروزاك)، وهنالك دواء آخر هو الـ (سيرترالين) وهو الـ (زولفت) أو (لوسترال) أيضًا دواء مفيد، والـ (سبرالكس) وهو الـ (استالوبرام) أيضًا من الأدوية الرائعة، والـ (فافرين) وهو الـ (فلوفكسمين) دواء ممتاز، وجيد جدًّا وفاعل جدًّا.
أخي: يمكنك أن تذهب إلى طبيب نفسي، وإن لم تستطع الذهاب واقتنعت بفكرة استعمال الدواء فتواصل معي لأصف لك أحد هذه الأدوية بصورة مفصلة.
سوف يفيدك الشيخ أحمد الفودعي حفظه الله حول الجوانب الشرعية الإرشادية فيما يتعلق بالتعامل مع الوساوس القهرية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
+++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي الاستشاري التربوي والنفسي.
+++++++++++++++++++++
مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يعافيك من هذه الوساوس ويصرفها عنك.
وثانيًا: أنت تعاني – حبيبنا – من الوساوس وليس أكثر من ذلك، وهذه الوساوس إذا تسلَّطت على الإنسان أفسدت عليه حياته وأوقعته في أنواع من المصاعب والمشاق، ولذلك فنصيحتُنا لك أن تكون جادًّا في التخلص منها لتستريح من عنائها.
وليس هناك طريق أفضل ولا أعظم تأثيرًا لإزالة هذه الوساوس من الإعراض عنها، فدواؤها الأمثل والأفضل هو هجرها وتركها وتحقيرها وعدم الالتفات إليها، وعدم المبالاة بها، فلا تشتغل بها، ولا تعمل بمقتضاها، هذا أول الحلول، وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ولينتهِ)، فأعرض عنها إعراضًا كُلِّيًا، ولا تصدّق ما تأتيك به من أن صلاتك ناقصة إذا أنت أعرضت عنها، وأنك ارتكبت ما حرَّم الله، ولا تُصدّق ما تُمليه عليك هذه الوساوس بأنك إذا لم تُعد الصلاة فإن مشروعك سيفشل أو سيكونُ حرامًا أو غير ذلك، فكلُّ هذه أكاذيب من الشيطان، يُريدُ أن يُدخل الحزن إلى قلبك ويُفسد عليك حياتك.
فهذا هو الدواء الأمثل، الإعراض بالكلية، فكل ما ذكرته أوهام ووساوس لا حقيقة لها، ومن الأدوية النافعة أن تلجأ إلى الله تعالى بالاستعاذة وتطلب منه الحماية من الشيطان، وتُكثر من قراءة القرآن، وتتحصَّن بالأذكار عمومًا، فهي بإذن الله وقاية من هذه الوساوس.
وبهذا تُدرك أنه لا يجب عليك أن تُغيّر اسم موقع المشروع، كما ذكرتَ، بل ينبغي أن يكون الأمر على خلاف ذلك، أن تُعرض عن هذه الأفكار بالكلية، فإذا فعلت هذا وصبرت عليه فإنك بإذن الله ستُشفى، وسيزول عنك هذا العناء.
نسأل الله تعالى أن يمُنَّ عليك بالعافية، وييسِّر لك الخير.