ما سبب شعوري السلبي رغم الارتياح والتوكل على الله؟
2020-11-01 01:35:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في الثانوية العامة، وطموحي أن أدرس الطب في الجامعة، وأنا متوكلة وواثقة بالله عز وجل إلى أقصى حد، ولدرجة من الاطمئنان والتوكل على الله لم أصلها في حياتي مثل هذه الفترة، وأنا مرتاحة وسعيدة لذلك، وأنا محافظة جداً على أداء العبادات من نوافل وفروض، وملتزمة بالدين كنمط حياة منذ الصغر، لكن في هذه الفترة لا أستطيع التركيز على الدراسة كثيراً، حتى أني لم أعد أستطيع أن أدرس ساعات طويلة كما كنت في السابق، بالرغم من أن هذه السنة أكثر سنة أحتاج إلى الدراسة فيها، لا أعلم لماذا أصبحت الأمور هكذا، وأنا أفكر بهذا الموضوع كثيرا وحزينة أن لا أصل إلى ما أتمناه.
أنام على وضوء، وأحلم بأشياء تفسيرها مزعج، كالإهمال في حق الله، والابتعاد عن الدين، وأن ما أريده لن يتحقق، وبعد التفسير يصيبني النكد، ويضيق صدري، وأبكي بحرقة، لأني حقا لا أشعر أني مقصرة في حق والله أعلم بذلك، وأحاول الاستغفار كثيرا لأنسى الأحلام، ماذا أفعل لكي أستعيد نشاطي الدراسي؟ ولماذا أنا مرتاحة ومتوكلة بالرغم من ذلك؟ أشعر بأن توكلي سيخيب، لا أعلم بما أفكر وماذا أفعل؟ أتمنى منكم مساعدتي، فأنا لجأت لكم بعد الله، وأعتذر عن الإطالة.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ diana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
فمن خلال استشارتك تبين لي أنك كنت متميزة في دراستك، وكنت نشيطة في التحصيل العلمي، وكان لك طموح وفجأت صرت لا تستطيعين التركيز في الدراسة، وغير قادرة على المذاكرة الطويلة كما كنت في السابق، رغم أن هذه السنة هي أهم سنة بالنسبة لك، وهي التي ستحدد الكلية التي ستدخلينها.
مثل هذه الحالات تفسر بأمرين:
الأول: قد يصاب بها الإنسان ويكون هذا من باب الفتور الذي قد يعتري أي عامل في أي مجال، وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: (إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك).
الثاني: قد تكونين أصبت بحسد، وعليه فإن العلاج يكون بأحد أمرين:
- الأول: إن كنت تشكين بأحد فاطلبي منه أن يغتسل أو يتوضأ وتأخذين ذلك الماء ثم تغتسلين به، فإن كان هو من حسدك فسوف تشفين مباشرة بعد الاغتسال وتعودين لنشاطك -بإذن الله-، فإن لم تستطيعي طلب ذلك منه، فيمكن أن تأخذوا أي شيء من ملابسه الداخلية التي تلامس جسده، ويكون ذلك قبل أن يغسل ذلك الثوب، ثم تضعين ذلك الثوب في كمية من الماء ثم تغتسلين به.
- الثاني: إن لم تكوني تتهمين أحدا، فابحثوا عن راق أمين وثقة ليستكشف حالتك، فإن تبين أنك مصابة بالحسد فابدئي بالرقية بحضور أحد محارمك، واستمري بها حتى تشفي -بإذن الله تعالى-.
ارقي نفسك صباحا ومساء بما تيسر من القرآن والأدعية المأثورة، ثم انفثي في كفيك وامسحي ما تيسر من جسدك.
أوصيك بكثرة الذكر، فاجعلي لنفسك وردا من القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة، وسيكون حرزا لك من شياطين الإنس والجن ومن أعينهم وحسدهم.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدين، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
الرؤى التي ترينها قد يكون لها علاقة بحديث النفس، حيث إن تفكيرك مركز على الحالة التي تعانين منها، ولذلك فلا تعولي عليها ولا داعي للحزن منها وتفسيرها لا يلزم أن يكون صحيحا، بل قد يكون خطئا، فلا تجعلي تفسيرها يسيطر على ذهنك.
استمري بتحصين نفسك بالأذكار حتى بعد الشفاء؛ لأن الحسد يمكن أن يتكرر وبالتحصين لا يستطاع ذلك، وأحسني الظن بالله تعالى وكوني دوما متوكلة على الله، فإن الله تعالى عند حسن ظن عبده به كما ورد في الحديث القدسي: (إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ)، واعلمي أن من توكل على الله كفاه الله قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والتوفيق.