زوجة أخي جعلتني أكره الحياة وأعتزل الناس.
2020-10-28 10:50:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أخي متزوج منذ 8 سنوات، وساكن معنا في المنزل، ونفسيتي تعبانة منذ ذلك الحين بسبب أسلوب زوجته غير المحترم، فهي عديمة الأخلاق، ولا تشبهنا في أي شيء لا في الأخلاق ولا في التصرفات، مع أنها ساكنة منذ 8 سنوات ولكنها لم تتأقلم على أسلوبنا، كنا معارضين لها بسبب أسلوبها مع أخي وعدم احترامها له، ولكنه يقول: سأجعلها تتأقلم علينا وتتطبع بأسلوبنا، ولكنه فشل، وهذا غير إحراجها لنا أمام الناس وتشويه صورتنا أمامهم، فكل هذه الأمور جعلتني أتعب نفسيا ولا أتحمل أن أسمع صوتها أو أراها أمامي، ولكني لا أبين لها شعوري تجاهها حتى لو كانت تشعر بذلك، لا يعد نفاقا ولكني لا أستطيع أن أعبس في وجهها وهي تبتسم لي، أبتسم لها ابتسامة خفيفة، فأنا أتعذب من التصنع.
قلت لوالدي يجب على أخي الانتقال والعيش في منزل مستقل لهم، رفض بحجة أنها من الممكن أن تؤذينا، وأيضا عندما كنت أعلق على خطئها يتم إسكاتي، فأخي ضربني بسببها، فأنا معتزلة في غرفتي منذ سنة وأكثر، فأصبحت أرى الأشياء الخاطئة أمامي ولا أتكلم؛ لأن النصيحة لا فائدة منها لدرجة أن أبي وأمي يخدمون أبنائها، وإذا حصل للأبناء أي مكروه والدهم يحمل أمي المسؤولية، فأنا لا أستطيع تحمل كل هذا.
وأيضا أولاده يشاركونني الغرفة وهذا مسبب لي الضيق، كرهت حياتي وبيتنا بالأخص، فأنا لم أجلس مع والدي منذ سنة وأكثر، أتمنى أن أجلس معهم وأعطيهم حقوقهم، فأنا لا أخرج من غرفتي بسببها.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ حياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بنيتي حياء: إن المشاكل العائلية موجودة في كل بيت من بيوت المسلمين، حتى بيوت الأنبياء لم تكن خالية منها، لكن المهم هو الطريقة والآلية التي نعالج بها هذه المشاكل، هل بروح التسامح والصبر، أم نسعى لتضخيم المشاكل من خلال تدخل أطراف خارجية؟! وهل العلاقة يسودها الاحترام المتبادل بين أفراد العائلة أم المناخ والأجواء تشبه ميدان معركة، وننتظر إعلان رابح وخاسر؟!
وأما بالنسبة لعلاقتك بزوجة أخيك والخلاف والاختلافات بالطبائع التي تحصل بينكما؛ فاعلمي -بنيتي- أن أغلب البيوت العربية تعاني من هذه المشاكل بسبب القرب الزائد في العلاقات، والمكوث مطولاً في نفس المكان، والحل الوحيد أن تجدي لنفسك منهجًا جديدًا في التعامل، وهذا لا يعني قطع العلاقات مع والديك وأخيك وزوجته وأولاده، ولكن كل ما عليك أن تخففي الشكوى والتذمر من علاقتك مع زوجته، راضية بما قسم الله لك، وأن تشعري بنعمة أن لك أسرة وإخوان وأخوات يخافون عليك، وتذكري أن هناك الكثيرين ممن حُرموا هذه النعمة، وهي وجود أهل يلجؤون إليهم في وقت الشّدة.
واجبك أن تكوني ابنة بارة لوالديك، وهما لم يقصرا معك، ومن المؤكد أنّ ظروف شقيقك المادية لا تسمح له بشراء منزل مستقل وما زال يسكن معكم في نفس المنزل، ووصيتي لك: أن تغيري من نظرتك إلى الأمور؛ حتى تري الأمور الجميلة الموجودة في حياتك، وأن تغلقي كل المنافذ في وجه إبليس الذي يتربص في نفسك ويوسوس لك أن كل شيء سيء في حياتك، وأن حياتك سوف تستمر هكذا، وأنت تستمعين إليه، لدرجة قلت: كرهوني في حياتي وفي الدنيا وفي بيتنا" وتقضين معظم وقتك في غرفتك منعزلة، ونظرتك إلى نفسك أصبحت سوداوية، رغم أنك ما زلت في عمر الزهور والعطاء.
بإمكانك أن تسعي إلى تغييرها لتصبح وردية ومفعمة بالحياة، فنحن خُلقنا لنعيش الحياة ونتمتع بما أنعم الله علينا من نعم ضمن الحدود الشرعية، فنحن لدينا الكثير من الأجواء الإيجابية في عالمنا العربي والإسلامي، فقط انظري حولك غاليتي، واعملي بهذه النصائح، وتوكلي على الرحمن:
* ارفعي من قدر نفسك، واعلمي أن محبتك لله أولاً ثم لنفسك ثم الآخر سوف تجعل منك فتاة جديدة وقوية، مقبلة على الحياة بروح الثقة بالله، وليكن هذا شعارك في الحياة؛ وهذا سوف ينعكس إيجابيًا على طريقة تفكيرك.
* لا تضخمي المواقف التي تحصل بينك وبين زوجة أخيك، الاختلاف بوجهات النظر أمر طبيعي، وكل ما عليك التغاضي قليلاً، وأن تحترمي رأيها وما تقوله وبإذن الله تعالى ومع مرور الوقت سوف تتحسن العلاقة بينك وبين زوجة أخيك، وكل ما عليك أن لا تشتكي زوجته أمام والديك بعد الآن.
* اهتمي بنفسك ولا تهمليها، ولا تسترسلي بالأفكار السلبية، والتي تنعكس على صحتك ونفسيتك؛ حتى لا تصابي باكتئاب مزمن، فأنت تمرين في فترة صعبة، وبحاجة إلى تعديل طريقة ونمط حياتك في التعامل مع جميع أفراد أهلك قبل أن تخسري روحك العاشقة للحياة.
* أشغلي روحك وفكرك بزيادة برّ والديك وصلة أرحامك، واهتمامك بمستقبلك؛ فهذه الأعمال تغذي النفس بما فيها من منفعة لك ولغيرك.
* ثقفي نفسك وطوريها وأشغليها في أوقات فراغك، فأنت في عمر تحتاجين إلى معرفة الكثير عن الحقوق والواجبات كابنة وعمة، وعن كيفية التعامل مع المشاكل، واقرئي عن إدارة الغضب، وعن النفس البشرية بشكل عام؛ فكل هذه الأمور تجعل منك فتاة مسلمة قوية ومتميزة، فالعلم نور الحياة غاليتي.
* ولا تنسي أن تمارسي الرياضية بما يتناسب مع ظروفك، لأن فوائدها كثيرة على الصحة الجسدية والنفسية، ولها أثر على طريقة نظرتنا إلى الحياة، فقط ابدئي بها، وسوف ترين الفرق في المشاعر.
* اعلمي أنه لا يوجد إنسان بدون عيوب، وعليك تقبل عيوب زوجة أخيك أمام الأهل والناس؛ فواجبك أن تبدي احترامك لها، وأن تُسمعي والديك كلامًا طيبًا يخفف عنهما؛ فالكلام الطيب يؤنس وينسى التعب والمعاناة ويُقرب المسافات ويمنع البغضاء والجفاء.
* تقربي من الله -عز وجل- بالصلاة والصوم، وفوضي أمرك إلى الله، واعلمي أنه لا يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، يقول الباري: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
* اعلمي أن إحسانك إلى زوجة أخيك صدقة، ومما يسهم في التقارب بينكما التحلي بالأخلاق والمعاملة الحسنة وتحملك ما يصدر منها يدل على أخلاقك العالية، وداومي على الإحسان لها وإن هي صدت وأعرضت؛ فهي بحاجة إلى الشفقة، وأن تدعي لها أن تتخلص من هذه الأفكار السلبية، واعملي بقول الله العزيز الجبار: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".
* ومهما حاولت زوجة أخيك أن تثيرك ببعض السلوكيات أمام الناس، فينبغي أن تكوني أنت العاقلة، وأن تعلمي أيضا أن بعض الزوجات تغار من أخوات الزوج، لذلك أنصحك بالعناية والاهتمام وحسن التعامل مع أبناء أخيك؛ لما في ذلك من حفظ حقوق الأخ والأولاد والتقارب بينكم، وأحسني إلى الجميع، وأنّ تكوني على ما يرضي الله -عز وجل-، لعل طريقة زوجة أخيك معكم أمام الناس تزول بالحوار وحسن المعاملة معها، ويسهم في تغييرها وإصلاحها -بإذن الله تعالى-.
جعلك الله من أهل الجنة وبدون حساب، ومعززة مكرمة في حياتك.