كيف أستطيع التخلص من التعلق المرضي بالأشخاص؟
2020-10-21 02:32:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٢ عام، مشكلتي هي أني دائمة التعلق بالبشر، مررت بحالات يتعلق فيها قلبي بأشخاص وأمر بحالات نفسية عصيبة لوحدي، لا أبوح لأحد بهذا المرض والضعف الذي أشعر به في قلبي.
مرة تعلق قلبي بشاب، ولكن الحمد لله أنا مؤمنة بالله، جرى ذلك فقط داخل قلبي ولم أكلمه قط ، وهذا الشاب الآن تزوج من أشهر قليلة، ولكن الله جبر قلبي فلم أعد أحبه أو متعلقة به، وهذه المرة دفعني لأن أسألكم، لأن هذا الحال ضاق بي وأريد أن أعيش حياتي سعيدة بعيدا عن التعلق بأشخاص ينتهي بهم المطاف إلى الرحيل.
تعلق قلبي بصديقة لم نعد نتواصل بحكم تخرجنا من الجامعة، قضينا أوقاتا قليلة جميلة سويا ولكن لا زلت أشتاق إليها وأشعر بالحزن والضيق كلما أتذكر لحظاتنا سويا، لا أعرف هل هو ترابط أو تلاق روحي مثلا أو تعلق مرضي؟ لا أتكلم معها لأني لا أريد أن أظهر ضعفي وهشاشتي وأبدو كالطفل المتعلق.
أنا شخصية قوية ولدي كبرياء ولا أحب أن أبدو ضعيفة أمام أي أحد سوى أمي وأهلي ورب العالمين أولا. أريد أن أعرف ما هو سبب التعلق بالأشخاص، أنا دائما أذكر الله وأصلي وأدعو الله أن يعلق قلبي به وحده وأن يصرف قلبي عمن سواه.
التعلق مرض قلوب وأعلم أن الله يعاقب الإنسان بالشيء الذي تعلق قلبه به، لذلك ألاحظ أن الأشخاص الذين تعلق قلبي بهم رحلوا عني ولم يبقوا في حياتي، وأكيد أنا راضية وأعلم أنه خير لي ولحياتي، ولكن أريد أن أسأل ما هو سبب التعلق، وهل عند الزواج يختفي؟ وهل هناك أدعية وأذكار معينة تعينني على التقليل من التعلق؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك بنتنا الفاضلة، وشكرًا لك على هذا السؤال الرائع، ونحيي المشاعر التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يُعمّر قلبك وقلوبنا بحب الله تبارك وتعالى، وبحبِّ ما يُحبُّه سبحانه وتعالى، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
لا شك أن الشعور بالمرض هو البداية الصحيحة لطلب العلاج وللسير في الطريق الصحيح، كما أن الدافع والرغبة والسؤال تدلُّ على أنك على خير، وأنك مستيقظة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على كلِّ أمرٍ يُرضي الله تبارك وتعالى.
نحن طبعًا ننصحك وننصح أنفسنا بأن يكون قلب الإنسان متعلِّقًا بالله تعالى وحده، ثم بعد ذلك ننطلق في محابنا انطلاقًا من حُبِّنا لله تبارك وتعالى، فإن حب الله هي قاعدة كل حب، الإنسان ينطلق من حب الله فيُحبّ الرسول الذي أرسله، ويُحب الدِّين الذي جاء به الرسول، ويُحبّ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويُحب الصحابيات، ويُحبّ كل ما يُقرِّبه إلى الله تبارك وتعالى، ثم نأتي بعد ذلك هناك حب طبيعي: حب الوالدة، وحب الوالد، ثم يأتي الحب العاطفي الذي ينبغي أن يكون أيضًا منصرفًا فيما يُحبُّه الله تبارك وتعالى.
فالحب الحلال الصحيح هو الذي يبدأ بالخطبة واللقاء الشرعي، يعني: يبدأ بالخطبة، عندما يأتي الشاب ويطرق الأبواب ويقابل الفتاة فتجد في نفسها ميلاً وارتياحًا وانشراحًا، هنا يأتي الحب العاطفي، وهي تُؤجر على كلِّ هذا، تُؤجر على حب والديها، وتُؤجر على الحب الحلال لزوجها الحلال الذي طرق بابها، وبعد ذلك تُحبّ أهل الإيمان، وتحب صديقاتها المؤمنات، بل وتجعل المقياس أن تزيد حبها لأختها بمقدار طاعتها لله، وأن يكون في هذا الحب تناصح، أمرٌ بالمعروف، ونهي عن المنكر، تواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر.
إذًا نحن نريد أن نقول: عندما نجعل القاعدة في الحب تنطلق من حُبِّنا لله تبارك وتعالى؛ فإن هذا الحب يتحول إلى أجرٍ وثواب ورفعة ودرجات عند الله تبارك وتعالى.
وننصحك من الناحية العملية بأن تكوني صديقة لكل مَن حولك من محارمك – الوالد، الوالدة، العم، العمّة، الخال، الخالة – ثم بعد ذلك صديقاتك، واسألي الله أن يُقرِّبك من الصالحات، يعني: الإنسان يسأل الله أن يُحبّبه إلى خلقه، وأن يُحبب إليه الصالحين منهم أو الصالحات منهنَّ. ثم بعد ذلك إذا جاء مَن يطرق بابك فلا مانع من أن تُحبيه، ويكون له مكان في قلبك، وأنت أيضًا تُؤجري على هذا الحب.
إذًا هذه العاطفة عاطفة الحب أوجدها الله تبارك وتعالى عند الإنسان، والإنسان ينبغي أن تكون هذه العواطف وهذه المشاعر والغرائز تحتكم ويحكمها بقواعد وضوابط هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وأمَّا لماذا سرعة التعلُّق؟ فهذا بسبب ربما عندك نوع من الحساسية الزائدة، لذلك نحن نوصيك بأن تركزي على دين مَن تقابليهم، وتركزي على أخلاقهم، وعلى المعاني الشرعية، وننصحك بأن يكون لك عدد كبير من الصديقات، حتى تتوزع هذه العواطف بين هذا العدد الكبير، وحتى لا تتأثري بفوات واحدة أو بموت أخرى، وهذا معنى من الأهمية بمكان، ثم احرصي على أن تكون الصداقات لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.