كيف أعوض أمي على صبرها وحرمانها؟
2020-09-22 04:06:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدث شجار بين أمي وأبي قبل 10 أشهر، فطردها أبي، وأخذها إلى بيت أهلها، فتعبت نفسيا واستقالت من عملها، وبعدها بأربعة أشهر عادت إلى البيت بعد ضغط وطلب مني، لأن صحتي النفسية والجسدية كانت سيئة بسبب جرثومة المعدة التي تعافيت منها -والحمد لله-.
أبي بخيل ومتهور جدًا، دخل في مشاريع وهمية وصار مديونا، فتوقفت حياتنا، لا نخرج، لا نرفه عن أنفسنا، فقط ضروريات الحياة وبالكاد تكفينا، لا يصرف علينا ولا على أمي، ولا يكسينا، ونعيش في شقة صغيرة متهالكة، ويحسب الفلس الواحد الذي يخرج من محفظته.
أما أمي فنفسيتها سيئة من بعد عودتها إلى البيت، تشعر بأن أبي غدر بها، وإنه لا يحبها ويكرهها، ولا يتكلمان معا، ولا تخرج من المنزل، ولا تزور أحدا ولا يزورها أحد، وتنزل دموعها لاشعوريا، وهذا يقطع قلبي، ولا أستطيع عمل شيء.
أبذل جهدي في دراستي حتى أتخرج من الجامعة، وأتوظف وأخرجها من الجحيم الذي نعيشه، وعندما أحاول رفع معنوياتها تخرج السلبية التي في داخلها، ما العمل؟ أشعر بالذنب لأنني طلبت منها العودة وهي كانت لا تريد، وأفكر أن أترك الدراسة وأتوظف في وظيفة بسيطة حتى تعيش أمي مرتاحة كغيرها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Turki حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ابننا الفاضل – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والاغتمام لأمر والديك، ونؤكد أنك بهذا النضج جزء من الحل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لكم السعادة والاستقرار، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم السعادة والآمال.
لا شك أن وجودك إلى جوار الوالدة وتوفير الدعم المعنوي لها له أثر كبير، ذَكِّرْها بصبرها، وبشِّرْها بثواب الله تبارك وتعالى، وكُنْ عونًا لها على الخير، ولا تنزعج من ذِكرها للسلبيات؛ فإنها بحاجة إلى أن تُخرج ما في نفسها، فإذا أخرجت ما في نفسها ترتاح، كما يقول أهلنا المصريين (تحتاج أن تُفضفض)، فلا تنزعج من إخراجها للسلبيات، ولكن كن مستمعًا جيدًا، فإن ذلك من الضروري، حتى تجلب لنفسها الراحة.
وذكّرْها دائمًا بأن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، وأن هذه الأحوال ستنصلح باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وكثرة الاستغفار، وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي ذلك ذهابٌ للهموم ومغفرةٌ للذنوب.
ونتمنَّى أيضًا أن تجتهد في دراستك لتتفوق ولتحقق النجاح، فإن ذلك من أكبر ما يُخفف عليها ومما يُعينها على الخير.
أحسنتَ بأن كنت سببًا في رجوع والدتك إلى البيت، وأرجو أن تكون أيضًا سببًا لإصلاح الأحوال، فأنت في موقع وفي سِنٍّ تُؤهلُك لفعل الكثير لوالديك.
وبالنسبة للوالد أيضًا أرجو أن تقترب منه، وتتكيّف معه، وتتعايش معه، واجتهد في حُسن التعامل معه وتلطيف الجو بينه وبين الوالدة، فإن دور الأبناء والبنات كبير جدًّا في تلطيف الأجواء، فعليك أن تنقل للوالد أحسن ما تسمعه من الوالدة، وتنقل للوالدة أحسن ما تسمع عنها من والدك.
وإذا كان الوالد بالصفات المذكورة والتي منها البُخل فإننا بحاجة إلى أن نعرف كيف نتعامل مع أب بخيل، وكيف نجتهد في الحصول على الأمور الأساسية منه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُبدّل فقركم إلى غنىً، وأن يُصلح الأحوال، ونبشرك أيضًا بأنك ولله الحمد على أبواب التخرج من الجامعة، والغد أفضل، والوالدة صبرت الكثير، ولن يبقى أمامها إلَّا القليل.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعيد لكم الطمأنينة، وأن يُعينك لتكون مصدر فرح ووفاق وخير لأسرتك، ونحن نكرر سعادتنا بفكرة الاستشارة وبهذا الهم الذي تحمله، فتسلَّح بالصبر، وتسلَّح بالعلم، وقبل ذلك تسلَّح بالإيمان والثقة في الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.