كيف نتعامل مع أختي المريضة نفسيا؟
2020-09-20 04:34:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
نشأت في عائلة ذات مشاكل، نظرا لأن أمي من جنسية مختلفة عن جنسية أبي، العائلة لا تحبها ودمرتها نفسيا إلى أن وصلت لأخذ الكلوبيكسول ديبوت في العضل كل شهر بسبب الانفصام.
أختي عمرها 42 سنة، وأنا وأخي بعمر 34 سنة، وهو متزوج ويعيش في بلد عربي، أختي الكبيرة تعاني من وسواس قهري منذ 15 سنة، وقد ازداد كثيرا هذه السنة، لا تمسك مقابض الباب، تصاب بالهستيريا إذا لمس أحد أغراضها، ونصف يومها تقضيه في غسل يدها، وتصرخ على أمي ولا تحترم والديها، وتتعامل معهما بقسوة، على الرغم أنها طيبة عندما تضعف، تحبني ولكن تغارمني جدا لدرجة الحسد قولا وفعلا، عندما أتعب -لأني مريضة قولون عصبي وبواسير- تخاف علي، وأخبرتني أنها تحبني ولا تستطيع الاستغناء عني، لأن بعد وفاة أبي اعتنيت بالبيت وبأمي، وهي لا تستطيع فعل كل هذا، تتجنب الإرهاق في خدمة البيت، ولكن إذا كان شيئا في مصلحتها تقوم به حتى التعب، وتدعي أنها تحبنا، كانت متدينة جدا، وفجأة خلعت العباءة، وقلت فروضها وأورادها.
أما أنا فأرملة، فقدت زوجي وابنتي منذ 10 سنوات، أرفض كل عريس؛ لأن أختي هددتني أنه لن تعتني بأمي لو تزوجت وتركت البيت، وأنا كل ما يهمني أمي، فهل من طريقة للتعامل مع شخصية أختي؟ علما أنها ترفض الذهاب لطبيب، وتدعي أنها بخير ونحن نريد أذيتها، أرجو منكم المساعدة، فلا يوجد من يساعدنا من العائلة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم شفيعة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وقد تدارستُ رسالتك وتفاهمتُها تمامًا، وقطعًا أتعاطف معك كثيرًا.
الإنسان مهما كانت هنالك صعوبات في حياته أسرية – أو غير ذلك – يجب أن يعيش على الأمل والرجاء. الله تعالى أعطانا الطاقات الكامنة والقوية جدًّا التي تُعيننا حتى في أصعب الأوقات.
أنا أعتقد الآن أن الإشكالية الأساسية هو مرض هذه الأخت – عافاها الله وشفاها – بالفعل هي تُعاني من وسواس قهري، وأعتقد أنها تُعاني من صعوبات أخرى، لها أفكار ظنانية، اعتقادها بأنكم تُريدون إيذائها، هذه التقلُّبات الشديدة في حياتها؛ بعد أن كانت متدينة وخلعت الحجاب، أصبحت غير ملتزمة كما كانت في السابق، تُبدي عطفها ومودتها لكم ثم بعد ذلك تنقلب إلى مشاعر معاكسة، وهكذا.
أنا أعتقد أنه لديها بعض الأفكار الظنانية التي قد تكون وصلت لمرحلة من الذُّهانية، وعشرة بالمائة من الذين يُعانون من الوسواس القهري قد يُعانون أيضًا من حالة ذُهانية، خاصة أن هذه الأخت – حفظها الله وشفاها – لديها قابلية؛ لأن الوالدة – شفاها الله – لديها مرض أساسي، فالتأثير الجيني لا نستطيع أن ننكره أبدًا، حتى وإن كان تأثيره تأثيرًا بسيطًا.
أعتقد أن علاج هذه الأخت مهمٌّ وضروري، وهي ترفض أن تذهب إلى الطبيب، لكن نحاول ونحاول معها، ونحاول أن نُحدد شخصًا يستطيع الكلام معها وإقناعها بأن تذهب إلى الطبيب النفسي، أو على الأقل أي طبيب – كطبيب الأسرة، وحتى طبيب الباطنة – لديه خبرة في الأمراض النفسية يمكن أن يصف لها العلاج الدوائي.
يمكن أن تستفيد فائدة كبيرة جدًّا من بعض الأدوية المعروفة، مثلاً عقار مثل الـ (بروزاك/فلوكستين) دواء سليم جدًّا وممتاز جدًّا، يُضاف إليه جرعة صغيرة من عقار (رزبريادون)، هذه الأدوية سوف تفيدها كثيرًا في الوساوس وفي التوترات وفي هذه التقلُّبات والشكوك التي تعاني منها.
فأعتقد محاولة إقناعها بالذهاب إلى الطبيب يجب أن تستمر، وحتى إن وصلتم لمرحلة أن تُعطوها الأدوية التي اقترحتُها لا بأس في ذلك، هذا جائز أخلاقيًا وقانونيًا وشرعيًّا، لأن وصفك دقيق، والحالة المرضية واضحة جدًّا جدًّا، وهذا أمرٌ فيه مصلحة عامة، وهذا يجعلني أن أذكر لك جرعة البروزاك/فلوكستين: تبدأ بكبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلين الجرعة كبسولتين في اليوم، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تكون كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ.
وأنا متأكد أن هذه الأخت بعد أن تتحسّن أحوالها بعد شهرين أو ثلاثة من بداية العلاج سوف تقتنع بالذهاب إلى الطبيب النفسي، وهذا يعطينا -إن شاء الله- فرصة لأن نتابَعُ بصورة ممتازة.
أمَّا جرعة الرزبريادون فهي: واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعليها اثنين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يتم التوقف عن تناوله.
وبالنسبة لك – أختي الكريمة – كما ذكرتُ لك: كوني في جانب التفاؤل، حاولي أن تنظمي وقتك، اعتمدي على النوم الليلي، مارسي أي رياضة تكون مفيدة، الحرص على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار، لا شك أن فيها معين كبير جدًّا للإنسان، و-إن شاء الله تعالى- بِرِّك بوالدتك يفتح عليك أبواب الخير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.