الرغبة في الانفصال بسبب الغيرة.
2020-09-17 00:44:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابة متزوجة من رجل متزوج من غير جنسيتي، وأحسبه على صلاح، ولا أزكي على الله أحدا، زوجي لم يخبر زوجته بزواجنا بالرغم من أن هذا كان اتفاقنا لكن لم يفي به.
ذهبت أنا وهو إلى بلد أجنبي، وعشنا هناك لمدة 8 أشهر، وبسبب الكورونا لم نستطع العودة، وكان ينوي إحضار زوجته كذلك، لكن كل شيء تأجل بسبب كورنا.
الآن أنا عدت لبلدي وهو لا يزال هناك، وقد جاءت زوجته وأخبرها.
هل يجب أن يعوضها عن الأشهر الثمانية؟ علما أنه لم يكن باختياره، فالطيران توقف، وماذا عني أنا؟ صعب علي جدا أن أعيش ثمانية أشهر بدون زوجي، سأتضرر.
المشكلة الثانية: أنني شديدة الغيرة على زوجي، فأنا شخصيتي حساسة، وقد تعبت من تخيل زوجي مع زوجته يضحكون ويلعبون ( أعلم أنه من حقها، وأريد أن أتخلى عن هذه الأنانية وأتقبل الواقع)، كيف السبيل إلى ذلك؟ لأنني بدأت أفكر في طلب الطلاق مخافة أن أعيش في تعاسة، علما أني أتقرب إلى الله وأخشاه، وأخاف أن يكون مصيري جهنم إذا ظلمت زوجي أو زوجته.
أخيرا زوجي يقول لي أنه تزوجني لأنه يريد عائلة كبيرة، لكن كثيرا من تصرفاته تثبت العكس، وأن هذا ليس السبب الحقيقي، هل من حقي أن أسأله عن السبب الحقيقي بزواجه ( أفكر أنه يكون سببا حساسا بالنسبة له ولذلك لا يشاركني بالسبب الحقيقي، لأن الكثير من تصرفاته تثبت أنه كان عنده نقص في الاهتمام وحتى على مستوى العلاقة الحميمة والله أعلم)، ولكن همي الأكبر هو كيف أتغلب على الغيرة وأتقبل أنها زوجته؟ وكيف أتعلم الصبر؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
لقد تزوجت وأنت تعرفين أن زوجك متزوج، وإن كنتما قد اتفقتما على أنه لا يخبر زوجته الأولى إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون سرا إلى ما لا نهاية له وليس هذا أيضا من صالحك لأنه سيكون لك أبناء منه وإشهار الزواج فيه حفظ لحقوقهم.
الرجل الحازم هو الذي يواجه الجميع بمثل هذا الأمر ولا يخفي عليهم؛ لأن الإخفاء فيه كذلك طعن في عرضه لأنه قد يراه الناس معك وقد يظنون أنه يفعل أمرا محرما.
من حقك ومن حق زوجته الأولى العدل في القسم وفي السرية إضاعة لذلك العدل الذي سيحاسبه الله سبحانه عليه.
من حق زوجته الأولى أن تشعر بالأمان، وهذا من حقك كذلك، ولا يمكن أن يكون كذلك ما لم تكن الحياة سائرة وفق الضوابط الشرعية.
مهما كانت غيرتك فإننا نقدرها وهذا طبع خلقه الله في المرأة، ولكن عليك أن تجاهدي نفسك في الرضا بما قضاه الله وقدره، وأن تلهجي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، مع تحين أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يخفف من غيرتك، وأن يرضيك بقضائه سبحانه، وعليك أن تشغلي نفسك بما يلهيك عن التفكير في زوجك أثناء بقائه مع زوجته الأولى، فاشغلي فراغك في حلقات التحفيظ وأعمال البر والخير وغير ذلك من الأعمال النافعة.
أكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
زوجك جلس معك مدة من الزمن بغض النظر عن السبب الذي جعلكما تتأخران خارج البلد فالواجب عليه أن يقضي زوجته الأولى.
أختنا الكريمة: لقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم، ثم قال ومن يتصبر يصبره الله.
أنت في محك ابتلاء من الله تعالى لينظر رضاك من تسخطك، فإن رضيت فلك منه الرضا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره وحذار أن تتسخطي وإلا فالجزاء من جنس العمل.
الطلاق ليس حلا، بل ستبقين تتذكرين علاقتك مع زوجك، وربما تندمت على الطلاق، فأوصيك أن تكوني متأنية، واحذري من الاستعجال فإنه من الشيطان يقول عليه الصلاة والسلام: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).
كثرة تفكيرك وغيرتك بسبب وجود الفراغ في حياتك، ولو أنك شغلت أوقاتك في الأعمال النافعة ورزقت بأبناء ستقل هل الغيرة لا محالة بإذن الله تعالى.
لا داع أن تسألي زوجك عن السبب الحقيقي للزواج بك، ويكفي أن تشعري بحبه وحنانه، والأمر يرجع في الأول والآخر إلى حسن تعاملك معه، وإشباع حاجته من الناحية العاطفية والعناية بمختلف أنواعها، فهذا ما سيجعلك تنالين حبه، وتأسرين قلبه، وعليك أن تتعرفي على الأمور التي تسعده فتفعليها، والتي لا يحبها فتجتنبيها.
الوضع الراهن لن يستمر بإذن الله، وستعود الحياة لطبيعتها، وتحصلين على حقك، وعليك أن تحسني التعامل مع زوجك، وتحسني استقباله وتوديعه والعناية بطعامه ومظهره وحسن ترتيب بيته، وانظري ما يشتكيه من زوجته فسدي ذلك الجانب، وهذا ما سيجعلك تتميزين.
بما أن زوجك على صلاح كما ذكرت، فهذا جانب سيجعله عادلا معكما، وسيرده صلاحه عن أي جور بإذن الله تعالى.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث:
(مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فهذا من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.