كيف نتعامل مع إساءات قرابتنا؟
2020-09-13 05:22:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
قصة مع أقاربي، باختصار عندما نذهب عندهم ويضيع شيء يتهموننا بالسرقة، ويحتقرون أمي، وعندما ظهرت مشاكل بين أبي وأمي لم يتوسطوا للإصلاح بينهم، بل ساعدوا أبي وجعلوا له أمر الطلاق سهلاً، رغم أن أبي هو الظالم، فهو لا يريد تحمل مسؤولية البيت.
أقاربي يملكون بناتا عاملات ولهن اعتبار، ونحن أبناء يريدون احتقارنا، وأصبحوا يتكلمون وينشرون الإشاعات علينا، والقصة كبيرة فلو أكتب إلى السنة المقبلة لن تكفيني.
بعد الطلاق -الحمد لله- ابتلانا الله سبحانه وتعالى بمصائب كثيرة ومتنوعة، منها أن أخي تعرض لمحاولة قتل، وفي الأخير أنا لم أقم بقطع الصلة مع أبي، ولكن اتخذت القرار بأنني حتى في الموت لن أذهب لجنازة أحد منهم، وهل يعتبر ذلك أني قاطع لصلة الرحم؟ وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أخي الفاضل- ورداً على استشارتك أقول:
هذه الدنيا دار ابتلاء، وليست دار سعادة دائمة، بل كلها أكدار، والمؤمن مبتلى فيها، وكلما كان إيمانه قوياً كان ابتلاؤه أشد، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).
عليك أن ترضى بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخط، وإلا فالجزاء من جنس العمل، والاتهام دون أي دليل أو برهان جناية كبيرة وذنب عظيم، وإن أمهل الله الشخص الذي قام بالاتهام إلا أنه ستدور عليه الدوائر ولا شك، فالله تعالى يمهل ولا يهمل.
التحريض والحث على الطلاق وعدم التوسط لإيجاد حل يعد كذلك من الذنوب، خاصة إن كان ليس هنالك أي سبب وجيه يحمل الزوج على الطلاق، وسترى عدالة الله بأم عينيك.
اجتنبوا هؤلاء الناس بقدر الإمكان، واجعلوا تواصلكم معهم محدوداً للغاية، حتى تخرجوا من قطيعة الرحم، ولا تهتموا بما يفعلونه أو يقولونه، لأن عاقبته ستكون عليهم، وإن طال الزمان.
عليكم بتقوى الله تعالى، فإن الله سبحانه سيجعل لكم فرجاً ومخرجاً من كيد هؤلاء، كما قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ويقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
الطلاق قد وقع من والدك فإن كان ثمة إمكانية لمراجعة والدتك فكونوا واسطة خير، وإن لم تكن إمكانية فقدر الله وما شاء فعل، وعليكم أن تصلوا والدكم ووالدتكم بما أمركم الله به، وعاملوهم بالحسنى، وبروا بهما، فأنتم محاسبون على ذلك، وأما ما دار بينهما فكل وعمله والله أعلم بهما.
أوصيكم بالاستقامة في أمر الله، والقيام بما أمر به، وخاصة الصلاة وأكثروا من تلاوة القرآن الكريم، وحافظوا على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلوبكم الطمأنينة والسكينة.
استعينوا بالله تعالى وكونوا متوكلين عليه، واعملوا بالأسباب التي تجعلكم متميزين في مجتمعكم، واعملوا بالأسباب التي تجلب لكم الرزق.
التفاؤل من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، والرضا عن الله عنوان السعادة، فمن رضي فله من الله الرضا ومن سخط فله السخط.
الزموا الاستغفار وأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تضرعوا بالدعاء بين يدي الله تعالى، وأنتم سجود لله، وتحينوا أوقات الإجابة، وسلوا الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، وأكثروا من دعاء ذي النون، (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
بروا بآبائكم واقضوا حوائجهم واطلبوا رضاهم ودعاءهم فإن دعاء الوالد لا يرد.
لا يصلح أن تترك جنائز من مات من أسرتك، مهما حصل فإن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم، فكيف إذا كان الميت من أهله.
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لكم التوفيق وأن يكفيكم ما أهمكم إنه سميع مجيب.