هل علاقتي بصديقتي خاطئة؟
2020-09-09 06:16:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة مسلمة -والحمد لله-، ومن عائلة محافظة، لدي صديقة أحبها كثيراً وأعتبرها أختي، وهي كذلك، نصلي ونخشى الله، وحلمنا متابعة دراستنا، والعيش معاً، علما أنها قد سافرت منذ عامين إلى بلد آخر، وننتظر اليوم الذي سنلتقي، نحب بعضنا كثيراً، ويشهد الله أن علاقتنا كالأخوات تماما، بعض الأحيان نغار على بعضنا، ونتبادل كلمات الحب باستمرار، ونتكلم ساعات في الهاتف، وأخاف عليها كثيرا، فبعض الناس يصفون علاقتنا بالشذوذ، وطبعا كلام الناس لا يهمنا، فالله يعلم أننا لسنا كذلك، ونحن نعلم أننا لسنا كذلك، فنحن نحرص على الصلاة وقراءة القرآن معا، ونتخيل أنفسنا معا في الجنة، ولا نفكر مجرد التفكير أن يميل تفكيرنا، فنحن نخاف الله، فكيف لنا أن نفكر بالشذوذ، وحلمنا أن ندخل الجنة معا.
فهل علاقتي بصديقتي أمر قد يغضب الله؟ علما أن ليس لدينا تصرفات سيئة مع بعضنا قد تغضب الله، كل الأمر أننا نحب بعضنا كثيراً، ونرغب في العيش سويا، ونريد هذا في الآخرة قبل الدنيا، لذلك نحرص على طاعة الله، ونحاول التقرب منه، وننصح بعضنا البعض، ولا نسمح لبعضنا بالوقوع في الأخطاء، أرجو مساعدتي، فالحيرة قد غلبتني من كلام الناس، وفي الوقت ذاته أنا موقنة بأننا فتاتان صالحتان، ولدينا حرية اختيار حياتنا كما نريد لا كما يريد الناس، لمجرد اعتقادهم أن هذا غير طبيعي، أرجو الرد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يحفظك وصديقتك، وأن يجعل هذه الصداقة في الله ولله وبالله وعلى مراد الله، وأن يجمعكما بهذه المحبة مع حبيبنا ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- في فردوس ربنا الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
لا شك أن الحب في الله ولله وبالله منزلة رفيعة، من حق الرجال ومن حق النساء أن يكون السعي لهذه المنزلة، كما قال نبينا: ((ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه))، هذا ليس خاص بالرجال، ولكن حتى لو فتاة لها صديقة في الله، والصداقة تقوم على قواعد هذا الدين العظيم، تُراع فيها الأحكام الشرعية، والحدود الشرعية، وتقوم على التواصي بالحق والتواصي بالصبر، يعني: هذه الصداقة ليس لها ما يشوبها.
وأرجو ألَّا تتأثري، إذا كان الأمر كما ذكرت وكما وضحنا أرجو ألَّا تتأثري بكلام الناس، فإن الناس بكل أسف شاهدوا صورًا شائبة، شاهدوا صورًا من التعلُّق - وهذا لا أقول حب ولكنه تعلُّق - يتحول إلى ممارسات خاطئة كممارسات محرمة، ولذلك أرجو أن تُحيطا هذه العلاقة بما يلي:
أولاً: عليك وعليها الدعاء لله تبارك وتعالى بأن تظل الصداقة لله وبالله وفي الله، لأن الله يقول: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين}، فلا تدوم إلّّا الصداقة التي كانت على التقوى وعلى الإيمان بالله تبارك وتعالى.
ثانيًا: أرجو ألَّا يكون التعلق لأجل جمال الشكل أو لأجل ظرف اختيار الموضات أو الاشتراك في الاهتمامات، هذه كلها أمور لا بأس بها، لكن لا تُبنى عليها العلاقة، إنما تُبنى العلاقة على الحب في الله وعلى طاعة الله، وبعد ذلك إذا جاءت أمور أخرى، كلاكما تحب السمك، كلاكما تحب اللون الفلاني، هذا لا إشكال فيه.
ثالثًا: أنصحك وأنصح الصديقة بأن توسعا دائرة الصداقة، فليس من مصلحة أي فتاة أن تكون لها صديقة واحدة، هذه الصديقة تتزوج فتتأثر الأخرى، قد تموت والآجال بيد الله فتتأثر الأخرى، قد تبتعد فتتأثر الأخرى، لأننا إذا كنا نبني الصداقة على الصلاح وعلى الطاعة لله تبارك وتعالى فما أكثر الصالحات، وما أكثر المُطيعات لله تبارك وتعالى.
رابعًا: حتى تكون الصداقة صافية ينبغي أن يزداد الحب مع كل طاعة لله، وينبغي أن نكره العصيان، أنت تقولين: (أنصح لها، وتنصح لك) وهذا رائع ومؤشر جميل، لكن أرجو أن يتوقف أو يقلّ الاهتمام أو نرفض العصيان، يعني: هناك من تُجامل صديقتها حتى لو خالفت، لكن أنت أشرت إلى أن بينكما نصح، هذا أيضًا من النقاط التي نحب أن نؤكد عليها.
خامسًا: أرجو أن تكون لكل واحدة منكنَّ تدعو للأخرى أن ييسر الله لها الحياة الأسرية الصالحة، ولا مانع بعد ذلك إذا رزقها الله بزوج صالح أن تحاول أن يكون زوجك صديق لزوجها حتى يتم الارتباط لتكون أسر متصادقة، وكذلك أنت إذا طرق بابك رجل صالح وكان في أهله أهل صلاح فينبغي أن تعرضي صديقتك على إخوان زوجك، بهذه الطريقة، لأن هذه من الضمانات التي تُعين على الاستمرار في هذه الصداقة.
سادسًا: ينبغي لهذه الصداقة ألَّا تتعدّى المعقول فتؤثر على الواجبات، يعني من البنات من تكلّم صديقتها ولا تُلبي الوالدة، الوالدة تحتاجها وهي تتكلم، الصلاة تتأخر وهي تتكلم، فهذا التواصل أيضًا ينبغي أن يكون موزونًا ومعقولاً، ولا يُصادم واجبات أخرى كبرِّ الوالدين أو أداء الصلوات، أو القيام بالمهام الأخرى تجاه أفراد الأسرة.
إذا تمت مراعاة هذه الضوابط التي أشرنا إليها، وكان الأمر كما ذكرتِ، فبشرى لك ولها بهذه الصداقة، ولا تُبالي بما يقوله الناس، ولكن صححي عندهم المفاهيم، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولها التوفيق والسداد.