أمي تريد أن أزورها في بيت أختي الذي تعرضت فيه للإهانة.. ما نصيحتكم؟
2020-08-19 03:31:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
كنت أعيش مع أمي بوطني، وزوجتي وأولادي في نفس الشقة ببلدي، وعانيت كثيرا من المشاكل بسبب هذا الوضع، فقررت السفر للخارج، مع العلم أن والدي متوفى وأمي طاعنة في السن، ولكنها بصحة جيدة، وتقدر على رعاية نفسها.
أنا حاليا مقيم بدولة أجنبية، ومعي زوجتي وأولادي، وأمي جاءت إلى نفس البلد لتقيم فيها مع أختي الغير شقيقة التي تكبرني في السن، وكانت أمي تريد أن تقيم معي في نفس المسكن، ولكن لضيق المكان، وتجنب الخلافات بينها وبين زوجتي، فضلت أن تقيم أمي في منزل أختي، فلديها مكان لاستضافتها، ثم حدث خلاف كبير بيني وبين أختي في بيتها، وأهانتني هي وزوجها في حضور أمي وأولادي بسبب اعتراضي على تدخلات أختي المتكررة في حياتي، فقررت أن أبتعد عنها، وألا أدخل بيتها مرة أخرى؛ لأنها كررت إهانتي هي وزوجها ولم أعد أحتمل.
انقلب الموقف وانحازت أمي لأختي وقاطعتني، ومنذ حوالي شهر لا تريد التواصل معي ظنا منها أني سأذهب لهذا المنزل الذي تمت إهانتي فيه لأسترضيها، بالرغم أنه لم يحدث أي شيء بيني وبين أمي، هي فقط تريدني أن أذهب إلى منزل أختي وأنا رافض ومصر على موقفي.
أخشى ما أخشاه أن أمي امرأة عجوز أن ينقضي أجلها، وهي تقاطعني، ولا تريد الحديث معي، ولا أعلم إن كنت بذلك أعق أمي، يشهد الله أني لم أتعرض لها بأي أذى، فقط قررت الابتعاد عن أختي وزوجها لتجنب المشاكل والإهانات المتكررة.
أرجو الإفادة، وحكم الشرع في هذا الموقف.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – أخي الفاضل – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يرحم الوالد، وأن يُصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
لا شك أن الذي حصل من الشقيقة الكبرى ومن زوجها أمرٌ لا يُرضي أحد، ولكن ينبغي أن يكون للوالدة عناية واهتمام، وأؤكد أن ذهابك من أجل الوالدة لا يعني أنك قدَّمت تنازلات، وهذه الأخت تظلُّ أختًا رغم الخطأ الذي وقعت فيه، وأرجو أن يكون صدرك واسعًا، وأرجو أن تُراعي ما يُرضي الوالدة، فإن في مثل هذه الأحوال نحن نُركّز على إرضاء الوالدة الذي هو واجب من الواجبات، فافعل ما يُرضي الوالدة، وافعل ما يُريح الوالدة، واذهب إليها، ومن حقك ألَّا تُطيل الزيارة، والوالدة ستتفهم الوضع، وإن جلست وأقمت الصلح بينك وبين شقيقتك فهذا أيضًا أمرٌ لا بأس به، وإن كنت تخاف من تكرار الإحراج فلا تذهب بأولادك، ولكن اذهب وحدك من أجل الوالدة، وقدِّم لها صنوفًا من البر والاهتمام والإحسان، وأيضًا تواصل مع الوالدة، واعلم أن الأفضل هو الذي يبدأ بالسلام بناء على قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).
ومهما كانت إهانة الأخت لك فهي الأكبر، نحن لا نؤيدها على ما يحصلُ منها، ولكن أرجو ألَّا يكون ذلك سببًا في القطيعة بينك وبين الوالدة التي لها الحقوق المضاعفة، فالإنسان ينبغي أن يسعى في إكرام والدته، ونعتقد أن ذهابك وحدك إلى الوالدة والكلام معها والجلوس ولو لوقت قريب سيجلب لك إرضاء الوالدة، وسيكسر الحاجز الذي بينك وبين الشقيقة، فأنت أيضًا مطالب أن تتواصل معها وأن تصبر عليها رعاية لصلة الرحم، وهذا الأمر الذي يُرضي الوالدة نحتاج نحن أن نتنازل من أجل أن نحقق إرضاء الوالدة.
فلذلك أرجو أن ينتهي هذا الرفض للذهاب لمنزل الأخت، وتكفي هذه المدة في التعبير عن عدم رضاك لما حدث، وعلى الأخت أن تعلم أنها عندما تتطاول عليك فإنها تُهين نفسها، فأنت أخ لها، وكون ذلك أمام عيالك وأمام الآخرين؛ هذا ممَّا يُنزّلُ من قدرها، ولا يضرُّك كثيرًا، فكن الرجل العاقل الذي يطلب ما يُرضي الله تبارك وتعالى، وهذا ظنُّنا بك، والدليل على هذا أنك تكتب هذه الاستشارة التي تدلُّ على وازع خير ونفس لوّامة تلومك وتدعوك إلى بر الوالدة، والتواصل مع هذه الأخت، فإن صلة الرحم أيضًا تحتاج إلى صبر على المرارات ونسيان للجراحات، واعلم أن مهر الجنة غالٍ، وأن الجنة تُنال ببرِّ الوالدة وبصلة الرحم التي هي الأخت، ولا تُقابل إساءتها بالإساءة، ولكن ادفع بالتي هي أحسن، واحلم عليها ولا تُسيء إليها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على تجاوز هذه الجراحات، وهذه المواقف التي حدثت، واعلم أن الدنيا من أوّلها إلى آخرها لا تستحق مثل هذا الهجر ولا مثل هذا الغضب، والذي يفعل الخير فلنفسه، ومن أساء فعليها.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، وضرورة إبقاء شعرة العلاقة مع الأخت، وضرورة الاهتمام بالوالدة وبرّها، وإذا كان ذهابك إلى بيت الأخت يُرضيها فاذهب بيتها، وستجد الخير الكثير من الله تبارك وتعالى بناءً على هذا البر، واطلب مساعدة الوالدة أيضًا في تحسين الوضع، وفي ردِّ الأخت الشقيقة إلى صوابها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.