فرق السن عائق بيني وبين الرجل، فهل أقبل به؟

2020-07-20 05:26:44 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبني ابن خالة والدتي وعمري لا يتجاوز العشرين، وأنا طالبة وموفقة والحمد لله في دراستي وأعشقها، مع العلم أنه أكبر مني بكثير فهو أربعيني ولكن لا يظهر ذلك عليه بتاتاً، وهو غير متعلم، لكنه لطيف وخلوق، وعقله منفتح، وتظهر عليه سمات الوقار ورزين.

المهم أنا رفضت بداية دون أي نقاش، بعدها بمدة كنت جالسة لوحدي حتى قررت أن أقبل بدون تفكير وبغتة شعرت برغبة جارفة في القبول، نظرا لظروفي النفسية، إذ أعاني من الوحدة والتفكك الأسري والاجتماعي كذلك، المهم أن الرجل يجهز المسكن في مزرعة والديه، كما له الآن محل يشتغل فيه ومستقر، عندما قبلت شرطت أن أحصل على إجازتي، وأن أشتغل إذا سمحت لي الفرصة كما كنت أحلم، فقبل بكل سعة صدر، وبعد الرؤية الشرعية شعرت بفرحة وارتحت له، وعندما تحدثنا أخبرني أنه كان يتمنى هذا الزواج ويطلب الله لتحقيقه سنوات، ولا مشكلة في أن تكون زوجته متعلمة وهو لا، كما أبدى لي انفتاحه ورغبته في التعلم وأنا استخرت الله.

هذه مجموع الأشياء الإيجابية التي دفعتني للقبول، ولكن معها أيضا تلك السلبيات التي ذكرتها والتي تأتيني كوساوس بخصوص أنه غير متعلم وأنا كنت دائما أتمنى زوجا متعلما، وبخصوص أننا سنقطن بالضيعة وأنا كبرت في المدينة بالرغم من الفقر الذي كبرت فيه والحمد لله ولكن هل سأتأقلم؟ مع العلم أنه أخبرني أننا لن نجد صعوبة بهذا الخصوص فهو سمح لي بالعمل، وبخصوص فارق السن الكبير جدا الذي بيننا كذلك أتمنى أن تنصحوني وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

مرحبًا بك - بنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يجمع بينك وبينه بالحلال، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُعمّر دياركم بالخير والعيال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

لا شك أن الزواج من الرجل بالمواصفات المذكورة، أنه طيب، أنه منفتح، وأنه حريص، وأنه راغب في الزواج منك، وعلاقته بالوالدة، وسماحه لك بأن تُكملي تعليمك وأن تعملي، ووضعه المادي الجيد، وانفتاحه على الحياة، وحرصه على تلبية كل الطلبات: لا نريد أن تفرّطي في مثل هذا الزوج، ولا تندمي على مثل هذا القرار، واستعيني بالله تبارك وتعالى، وتوكلي عليه، واعلمي أن هذا الارتياح والقبول الذي حصل بعد الرفض دليل على أن الأمر فيه خيرٌ، واعلمي أن ((الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)).

واعلمي أن الحب والميل والنجاح لا يعرف فوارق العمر ولا مثل هذه الفروق التي تُشيرين إليها، واعلمي أنه ليس المهم في الرجل الشهادات التي يحملها، ولكن المهم طبعًا الدِّين الذي عنده، والطيبة التي معه، والنجاح المجتمعي، الحضور بين الناس، ليكون صاحب وجاهة وصاحب مكانة وصاحب كلمة، هذه أهم المؤهلات التي ينبغي أن تسعد بها الزوجة وتفرح بها، وأيضًا انفتاحه ورغبته في أن يطوّر نفسه ويطوّر ما عنده من معلومات، هذه من الأمور المهمّة جدًّا.

أمَّا بالنسبة لفارق العمر أيضًا فأرجو ألَّا تخافي، لأن الرجل ليس عنده إشكال في مسألة العمر، والرجل عطاءه يستمر لسنوات طويلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير وأن يسعدك، واعلمي أن هذه الوساوس التي تأتيك من عدوّنا الشيطان، الذي لا يريد لنا الحلال، بل همُّ هذا العدو أن يحزن الذين آمنوا، وهم هذا العدو أن يقعد في طريق مَن يريد الحلال، واعلمي أن الأمر كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لمن شاوره: (الحب من الرحمن) وما عند الرحمن نحن نقول: لا يُنال إلَّا بطاعته، فكوني مع الله، واحرصي على طاعته ولا تُبالي، ثم قال له: (وإن البغض من الشيطان، يريد أن يُبغض لكم ما أحلَّ الله لكم)، فما من فتاة وما من شابٍّ يُقبل على حياته إلَّا ويأتيه الشيطان يُذكّره ببعض المنغصات من أجل أن يشوش عليه.

واعلمي أننا في هذه الحياة رجالاً ونساءً لا نخلو من النقص، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاتُه في بحور حسناته.

إذًا ندعوك إلى أن تُقبلي على هذا الزوج وعلى هذه الحياة الجديدة، وأنت شاكرة لله، ذاكرةً لله تبارك وتعالى، حريصة على كل أمرٍ يُرضيه، منفتحة على الحياة، واعلمي أننا في زمانٍ أصبحت فيها الأرياف مثل المُدن، فمعظم الخدمات التي تُوجد في المدن متوفرة في القرى وفي الأرياف، والوصول إليها أصبح سهلاً، ولذلك لن تُعاني الفرق بين نشأتك في المدينة وبين هذا المكان الذي ستعيشين فيه وتُكملي مع هذا الزوج مشوار الحياة.

واعلمي أن الزوجة تسعد مع زوجها في أي مكان عاش معها فيه، وهذه من المعاني المهمة، فللرجال خُلقت النساء، وللنساء خلق الرجال.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُوفقك ويُسدد خطاك، ونكرر الترحيب بك في موقعك لأي استشارة أو لأي موضوع تحتاجين فيه إلى استشارة، ونحن والموقع في خدمة بناتنا وشبابنا من أمثالك، لعلنا نساعد في العون في نجاح هذه الحياة، وقد عرفت طريق الخير، ومرحبًا بك بين آباءٍ وإخوانٍ لك في هذا الموقع، سعداء بك، وحريصين على أن تنالي الخير والنجاح في الحياة، فأنت في موقعك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.

وهذه وصيتنا لك ولزوجك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واحرصا على بناء البيت على تقوى من الله ورضوان، وعلى قواعد هذا الدين، وعلى التناصح بينكما، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net