أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي!
2020-07-14 04:30:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أرجو سرعة الرد.
أنا بفضل الله تعالى أصلي الفروض والسنة، وأحاول دائما الإكثار من الأعمال والدعوة إلى الله، وترك المعاصي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتفقه في الدين، وحفظ القرآن والقراءة للسلف، وذكر الله، والله سبحانه وتعالى يوفقني ويسهل لي الأمور، ويسهل لي تقبل الفروض والشرائع، لكني لا أشعر بشيء في قلبي لا أبكي لله، لا أرتجف عند سماع الجنة، أو النار، لا أبكي عندما أتوب، أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي.
حاولت السماع عن النار، وموجبات العذاب، حاولت أن أتجنب الموجبات، وفكرت تفكيرا عقليا بحتا، ولكن لم أشعر بشيء، وكأني آلة تعمل بلا روح أو قلب، لا أدري لماذا هذا يمكن أن يكون ذلك بسبب سماعي لشبهات عندما كنت صغيرة، واستقرت في قلبي دون شعور، فأصبحت عندما أدعو الله شيئا ما في داخلي يقول وما أدراكِ بوجود الله، وما أدراكِ أنكِ على صواب، فسمعت محاضرة ذاكر نايك في هل القرآن كلام الله، فاقتنعت جداً، لكن العقل هو الذي اقتنع وكأن الروح ماتت أصلاً، أنا أحب الله، وأحب الاسلام، وأحب الإيمان، وأكره الكفر، وأكره نفسي، وأنا أعلم أن الله يعلم ما أكتب الآن لكم، لكن ماذا حدث لقلبي لا أعلم، أنا متأكدة من أن الإسلام هو الدين الصواب، ومؤمنة بالله، لكن روحي وقلبي لم يعودا موجودين أصلاً، ما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقًا وصلاحًا واستقامة.
لقد سُررنا كثيرًا بما ذكرتِ - أيتها البنت الكريمة - من الأعمال الصالحة التي تقومين بها وتحافظين عليها، وهذا من فضل الله عليك، فينبغي أن تكوني شاكرة لله تعالى بقلبك ولسانك وجوارحك، وأن تسألي الله تعالى كثيرًا أن يثبتك على هذا.
ثانيًا: ينبغي أن تعلمي - ابنتنا العزيزة - أن الإنسان المؤمن عُرضة للزيادة والنقص، فإيمانُه يتراوح بين زيادة ونقص، وهذه طبيعة الإنسان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الإنسان خُلق مُفتَّنًا توَّابًا نَسِيًّا))، فهذه ثلاثة أوصاف وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الإنسان المسلم بأنه مُفتَّن، يعني: مُعرَّضٌ للفتن وللاختبارات، وأنه في نفس الوقت سريع التوبة إلى الله تعالى، وهذا من مقتضيات إيمانه، وأنه - ثالثًا - إنسانٌ ينسى، وهل سُمِّي إلَّا لنسيه ولا القلب إلَّا أنه يتقلَّبُ.
فهذه صفاتٌ في الإنسان من حيث هو إنسان، فإذا شعرت بشيء من ذلك، فلا ينبغي أن يكون ذلك سببًا لليأس والقنوط، أو اتهام النفس بحيث يرجع هذا الاتهام إلى التثبيط عن العمل الصالح واليأس من فضل الله تعالى ورحمته، فهذا من عمل الشيطان، يريد أن يصدّك عن ذكر الله وعن الصلاة وعن الأعمال الصالحة، ولكنه يلتمس أفضل الطرق التي يصل بها إلى هذا المقصود الخبيث.
فإذًا ينبغي أن تكوني شاكرة لله، مسرورةً بما تفعلينه من الأعمال، فإن الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن))، ولكن إذا حصل شيء من التقصير، فسارعي إلى الاستغفار.
وأمَّا ما ذكرتِ من عدم بكاءك أو نحو ذلك من الأحوال التي ينبغي أن تكون حالة كاملة للإنسان المؤمن، نقول: هذه الحالة ليست شرطًا للإيمان، فالمؤمنون يتفاوتون في درجاتهم وفي تأثّرهم، فإذا حصلت تلك الأحوال الكاملة فالحمد لله، وإذا لم تحصل لا ينبغي أن يعود الإنسان على نفسه بهذا النوع من التثريب واللوم حتى يؤدي به إلى التقصير أو التضييع، والله تعالى يريدُ مِنَّا أن نقيم حدوده، فنؤدِّي الفرائض التي فرضها الله علينا، ونجتنب المحرمات التي حرمها علينا، فإذا فعلنا ذلك نجونا برحمة الله تعالى، والأعمال إنما هي أسباب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي حلف ألَّا يزيد على الفرائض، قال: ((أفلح إن صدق))، فما زاد على الفرائض، من النوافل التي يرتقي بها الإنسان في درجات الجنان، وهي مطلوبة لتكميل الفرائض، وما قد يحدث فيها من نقص، ولكن إذا وقع شيءٌ من التقصير فيها، فهذا ممَّا سامح الله تعالى فيه وعفى عنه، فلا ينبغي أن تُكثري من التثريب على نفسك في هذا.
ننصحك بمجاهدة نفسك لتفريغ قلبك أثناء الذكر وانقطاع عن شواغل الدنيا وقت الأذكار والصلوات، وستصلين بإذن الله تعالى إلى حالة أرفع ممَّا أنت فيه إذا صبرت وداومت على هذا الطريق.
وأمَّا هذه الوساوس التي ذكرتِها فإنها من الشيطان، فلا تلتفتي إليها، ولا تأبهي بها، فعلاجُها تركُها، وهي لا تضرُّك لأنك كارهةً لها، فكراهتك لها دليل على وجود الإيمان في قلبك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.