تركت من أحب فصار يلاحقني ويهددني فكيف الخلاص؟
2020-07-15 05:43:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع القيم، وجعله الله في ميزان حسناتكم يارب.
لا أدري من أين أبدأ وكيف أخرج مما أنا فيه، معضلتي هي أنني كنت على اتصال بشخص على أساس الزواج، وتكلمنا لمدة معينة، فاكتشفت بعد وقت أنه متزوج ولم يخبرني بالأمر، وفور علمي بذلك قطعت الاتصال به ولم أعقب.
لكنه استمر بالاتصال بي وفي كل مرة أصده وهو يلح جداً، على ماذا كان يلح على أن آتيه بالحرام، يالله عند سماعي بهذا، عرضت عليه الحلال لكنه تحجج بأنه تزوج حديثا ولا يستطيع الآن.
كنت أراه أينما ذهبت واجهته بكل ما لدي من قوة، ولكن خارت قواي، وذهبت إليه و-الحمد لله- الله حفظني من الفاحشة -أعوذ بالله- منها.
مشكلتي الآن أنه مازال يلاحقني، وأنا يتيمة الأب ولا أخ لدي، هل أخبر أختي بما أمر به أم أبقي الأمر سرا وأحارب وحدي، فإن كان كذلك كيف أصده وأصد غيره؟
لم أخبر أحدا بهذا خوفا من هتك ستر الله، ومع ما مربي أصبحت أرى نفسي من المنافقين ، إذ أنه كيف يعقل أنني شكلا ملتزمة ولكني لم أستطع النفوذ من أمر كذها، لقد فقدت ثقتي بنفسي وضاعت.
أرجو منكم المساعدة في أقرب الآجال، لا تنسونا بالدعاء فأنا أحتاجه جدا، شكرا لكم وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شاهدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –ابنتنا الفاضلة– في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونُحيّي المشاعر النبيلة التي دفعتك للسؤال، ونحيي النفس اللوامة التي تدفعك عن الوقوع فيما يُغضب الله تبارك وتعالى، وننصحك بالابتعاد التام وإيقاف هذه المهزلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يُيسّر لك الحلال، وأن يكتب لك السعادة ويُحقق لك الآمال.
لاشك أن ما يحصلُ من تواصل ينبغي أن يتوقف فورًا، لأن الشيطان هو الثالث، ولأن الصمود له حدود، ولأن الإغراءات من أمثال هؤلاء الشياطين –وهم ذئابٌ بشرية– تؤثّر على الفتيات، فلذلك لابد من إيقاف هذا التواصل جُملة وتفصيلاً، بل ننصحك بالتخلص من كل ما يُذكّرك به، بل ننصحك بالابتعاد عن الأماكن التي تتوقعي وجودُه فيها.
أمَّا بالنسبة لما سألت عنه من إخبار الأخت: فلا تُخبريها بالتفاصيل، ولكن اطلبي منها أن تكون إلى جوارك، وبيّني لها أن هناك مَن يتواصل معك، لا مانع من هذا، لكن ما حصل ينبغي أن يظلَّ سِترًا، فلا تُخبري أختك بما حصل بتفاصيله، ولكن إذا احتجت إلى حماية فإن الأخت لها دور كبير، لكن لا تفضحي نفسك، واطلبي مساعدة عادية إذا ألحَّ واستمر، كأن تبدأ تتكلّم معه، وتقول (ابتعد عن شقيقتي، وأنت احترم نفسك، وحافظ على أسرتك)، ونحو هذا الكلام، لأنها ستبدأ معه الحوار، وإذا عرفت أنه متزوج ستقول له: (اتق الله في نفسك، حافظ على بيتك، ابتعد عن أختي) ونحو هذا الكلام.
لكن لا تُخبريها بأي شيء ممَّا حصل، بل لا تُخبريها بأنه كان بينك وبينه تواصل، فإن الأخت اليوم إذا غضبت منك غدًا قد تُخرج ما كان سِرًّا.
لذلك من مصلحة الإنسان أن يحافظ على سِرِّه، فإذا أذاعه أصبح مِلْكًا لغيره، بل الأفضل من هذا أن تُقاتلي وحدك مستعينةً بالله، وعليك أن تُبصري العواقب الوخيمة لمجرد التواصل؛ لأن البدايات التي يَغُرُّ بها الشيطان الناس يريدُ بها النهايات المحزنة والمخزية، والإنسان إذا دخل في هذا الطريق لا يملك نفسه، وتأتي اللحظة التي تنهار فيها قوة الإنسان بفعل هذه الجاذبية (الشهوة) وتأثيرها.
ومن هنا كانت عظمة الشريعة في أن تُحرِّم الخلوة ((لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة فإن الشيطان هو الثالث))، أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-، بل شدد السلف في هذا: «لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة حتى لو كان يُعلِّمُها القرآن»، لأن اللحظة التي يكون فيها السقوط لا ندري متى تأتي.
أمَّا مسألة الثقة في النفس: فأرجو أن تعلمي أنك على خير، والدليل هو هذه الأسطر التي وصلت إلينا، والدليل هو هذا الرفض للشر، واحمدي الله الذي أخرجك من تلك الورطة ومن ذلك الموقف الصعب، واجعلي حمدك وشكرك لله عملاً بطاعته، فإن أهم ما ينبغي أن نشكر به الله أن نعمل بطاعة الله، قال الله لنبيه سليمان –عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه -: {اعملوا آل داود شُكرًا وقليل من العبادي الشكور}، أي أن الشكر عمل باللسان وعمل بالقلب وعمل بالجوارح.
فلا تفقدي ثقتك بنفسك، ولكن اجعلي هذه الثقة فرع من ثقتك بالله، الذي يتطلب الاستعانة به، والتوكل عليه، والتعوذ بالله من شر كل ذي شر، تعوذي به، الجئي إليه، تضرعي إليه، كوني معه سبحانه وتعالى، {فالله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الرحمين}.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ومرحبًا بك في موقعك إخوانًا وأخوات كلُّهم على استعداد أن يكونوا إلى جوارك، لكن لا تواجهي هذا الشر وحدك، ولكن استعيني بالله، ثم استمري في التواصل مع الموقع في كل خطوة، ثم لا مانع من أن تطلبي مساعدة الأخت بالشرط الذي ذكرناه، شريطة ألَّا تذكري أي تفاصيل ممَّا حصل؛ حتى لا يُساء بك الظنّ، وحتى لا يكون ذلك مدخل آخر من مداخل الشيطان عليك أو عليها.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.