أريد التغلب على الشيطان ونسيان الماضي، فكيف يمكنني ذلك؟

2020-07-19 06:12:08 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب هداني الله إلى طريق الاستقامة، ولكن هناك شيء لم يمسح عن ذاكرتي وهو مشاهدة الأفلام الإباحية.

الأفلام الإباحية دائما تراودني في تفكيري عند مروري في الطريق إلى أن وصل الحد أني أتذكر ذلك في صلاتي أعوذ بالله من ذلك، بحثت في كل ضروب الحياة لم أجد حلا، هل سكني في البيت مع أسرتي لديه أثر في ذلك.

أردت أن أحفظ القرآن فلم يفلح الأمر معي نسبة لذلك الفعل، ولم أجد طريقة لكي أحفظ، فأنا أردت أن أحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لكي أصبح داعيا وأخرج الأمة مما فيه، أتمنى أن أجد عندكم حلا لكي أنسى هذا الفعل الشنيع، وأعيش حياتي مطمئنا، فأنا لم أجرب حياة الاطمئنان يوما.

علما أني لم أخرج من مدينتي يوما، فتعلمت بين أصدقاء سوء وعندما عرفت الحق هجرتهم، فعندما شاورت والداي في أن أحفظ القرآن في خلوة أو في مكان تحفيظ لم يجدِ نفعا إلا أنهم ردوا بالنفي، ولم يجد نفعا في كلماتي.

السؤال: هل من الممكن أن أهجر أسرتي من أجل أن أكمل استقامتي وأتعلم الحقوق الواجبة علي في أمور ديني؟ فقد فعلت كل ما بوسعي حتى أصبحت مهموما لا أتحمل شيئا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
نحمد الله تعالى الذي من عليك بالتوبة والاستقامة، ونسأله سبحانه أن يثبتك على ذلك، وأن يعينك على تقوية إيمانك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة كنوافل الصيام، والصلاة، وتلاوة القرآن، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة.

أخي العزير: لا يمكن للإنسان أن ينسى ما فعله في حياته خاصة إن كانت ذاكرته حية، فكل ما فعله من خير أو شر سيبقى في ذاكرته يتذكره ما بين الحين والآخر، فكون تلك المشاهد القذرة تجول في خاطرك ما بين الحين والآخر حتى إنها لتعرض عليك في صلاتك أمر طبيعي، وهذا كله من عمل الشيطان الرجيم الذي يأتي ويذكرك ويعرض عليك بعض تلك المشاهد ليفسد عليك صلاتك أو ينقص من أجرها، ولكن عليك أن تجاهد نفسك في دفع تلك الوساوس بقطعها فور ورودها، وعدم الإصغاء أو الاسترسال معها أو التفكر بها، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والتفل عن يسارك ثلاثا من دون ريق فهذا هو العلاج النافع الناجع لدفع هذه الخواطر، كما أرشدنا لذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.

بقاء الإنسان التائب في الأماكن التي ارتكب فيها الذنوب تذكره بفعلها، فكلما دخل المكان الذي فعل فيه الذنب تذكره، ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يترك بيته ويغادره، وهنا تأتي مجاهدة النفس، وقد يكون البقاء في البيت نعمة على البعض؛ لأنه كلما تذكر انكسر بين يدي ربه وأكثر من الاستغفار، بل إنه لو غادر البيت لا يعني أنه سينسى تلك الذنوب ومكان ارتكابها؛ لأن الشيطان هو من سيأتي لتذكيره لأنه يطمع في عودته إليها.

حفظ القرآن ميسر بإذن الله تعالى، ولكن عليك أن تقلل من المحفوظ وتكثر من المراجعة، وأن تختار الوقت الذي لا يكون فيه ذهنك مشغولا من أجل الحفظ، وكذلك تختار المكان الذي ليس فيه ما يشوش ذهنك، وأحسن الأوقات بعد الفجر، وحين تفرغ من جميع أعمالك.

أكثر من استماع القرآن وتلاوته نظرا مع النظر في تفسيره وأسباب النزول فذلك مما يعين على الحفظ -بإذن الله تعالى-.

ابتعد عن الذنوب كبارها وصغارها فإن الذنوب تحول بين العبد والحفظ.

أخي الكريم: تذكر الماضي السيء أمر طبيعي، وعليك أن تأخذ منه الدروس والعبر، ولا تطلب الأمر المحال وهو نسيانه، لقد كان الصحابة الكرام بعد أن أسلموا يتذاكرون في المسجد أيام الجاهلية وماذا كانوا يصنعون فيضحكون ويتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو كان ذلك مما لا يحل للإنسان تذكره لما أقرهم على ذلك.

أكثر من التقرب إلى الله تعالى بالطاعات بدون غلو ولا تنطع، وعش حياتك بطريقة اعتيادية، ولا تضغط على نفسك في هذا الأمر فقد تبت منه -والحمد لله-، وهنا تأتي كما قلت لك المجاهدة التي يؤجر عليها الإنسان.

خالط الصالحين واحضر حلقات العلم والذكر، واعلم أن كل إنسان ميسر لما خلق له، فبعض الناس لا يتمكن من الحفظ ولا من طلب العلم لكنه يبقى محبا للدين وأهله مستقيما على أمر الله تعالى وهذا يكفيه بإذن الله تعالى.

احذر من مخالطة رفقاء السوء مرة أخرى فإنهم سم زعاف، وعليك بمصادقة الصالحين الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه.

عليك بطاعة والديك ونيل رضاهما فهما مفتاح كل خير في حياتك، ويمكنك ترتيب أوقاتك فلو أنك حفظت خمس آيات في اليوم لأكملت القرآن بإذن الله تعالى.

لا أنصحك أن تترك والديك ولا أن تخالف مرادهما ما لم يأمراك بمعصية، وحفظ القرآن سيتيسر لك بدعوات والديك وعملك بالأسباب، فكم من أصحاب المهن من يحفظ القرآن.

أكثر من تلاوة القرآن واستماعه، وحافظ على أذكار اليوم والليلة فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يعينك ويوفقك لحفظ كتابه، وأن يرزقك الثبات على الدين، وييسر أمورك، وأكثر من من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

www.islamweb.net