أحتاج للتوضيح بخصوص تلبس الجن وما إلى ذلك.

2020-07-07 05:15:13 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا فتاة مصابة بمرض نفسي، وهي نوبات الهلع والوسواس، وقد وجدت إحدى المعالجات على الفيسبوك قامت ببث حلقة عن علاج القولون العصبي، وتكلمت عن الأمراض الروحية، وكيفية علاجها بالملح الصخري ونقع الرجل، وتكلمت عن الجن العاشق، فأخبرتها أني أؤمن بتلبس الجن للإنسان، ولكن ما الدليل على وجود جن عاشق؟ فلم تجبني، بل شرعت بتعريف الجن وأعراضه، فأخبرتها أنه ليس كل تعطيل دليل على مرض روحي، فقد يكون بسبب مرض نفسي، فقام بعض الناس في البث بشتمي، واتهموني بأني شيطانة، وأحارب الإسلام، وهذا أثر علي كثيرا، ثم قالت لي: راجعي علاقتك مع الله، فهل ما فعلته خطأ؟ وهل أعتقادي أنه لا وجود لجن اسمه جن عاشق يجعلني كافرة؟ هل عندما أخبرتني قالت أقسم بالله أن الناس علاجهم بالرقية، فقلت لها قولي الله أعلم، قالت لي هذا كلام الله فلماذا أقول الله أعلم؟ ربما يبدو الأمر تافها، لكنه أثر علي وجعلني في حالة نفسية.

أرجو أن تجيبوا على أسئلتي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بشرى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا – أختنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، وأن يرفع عنك هذا البلاء الذي نزل بك.

وأمَّا ما سألت عنه من شأن مناقشتك لهذه المرأة فقد أحسنت صُنعًا، وكلامك صحيحٌ سليمٌ ليس عليه أي اعتراض شرعيٍّ، فإن الجِنّ وما يتعلَّقُ به من أمور الغيب لابد فيها من أن تتلقى من مصادر صحيحة سليمة، وعلاقتُنا بالجن ينبغي أن تُحكم بما شرعه الله تعالى لنا في شريعته، فالجن لا يضرُّون ولا ينفعون إلَّا بتقدير الله تعالى، وقد دلَّت الأحاديث على تلبُّسهم ومسِّهم للإنسان، ولكنّ هذا لا يقع إلَّا بتقديرٍ من الله تعالى، فإذا لم يُقدّره الله فلن يكون، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلَّا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لن يضروك إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله عليك)).

فلا يضر ولا ينفع إلَّا الله، هذه عقيدة الإنسان المسلم الذي لا يجوز له أن يعتقد غيرها.

وأمَّا عن نفع الرقية: فالرقية من أسباب الشفاء، الله تعالى جعلها كذلك، ولكن قد تُفيد وقد لا تُفيد لمانع من الموانع يُقدّره الله، فليس كل مَن رُقي انتفع، فلابد للرقية من شروط وانتفاء موانع، ولكنّها شفاء، الرقية الشرعية التي اجتمعت فيها شروط ثلاثة لتكون جائزة:
أولاً: أن تكون بألفاظ عربيّةٍ مفهومة، ليست بطلاسم وكلماتٍ لا تُفهم.
والشرط الثاني: أن يعتقد الراقي والمرقي أنه لا ينفع ولا يضر إلَّا الله، وأن هذا من الأسباب فقط.
والثالث: خلوّ هذه الرقية من الاستعانة والاستغاثة بغير الله تعالى والألفاظ البدعية.

فإذا حصلت هذه الشروط فهذه رقية شرعية، إذا صادفت قدَرَ الله تعالى بالنفع انتفع بها الإنسان، وقد يكون هناك مانع يمنع، مثل عدم صلاحية المحل، أن يكون الإنسان المرقي غير حسن الظن بالله، ولا ينتظر من الله تعالى الشفاء، فلا تؤثّر فيه الرقية. وغير ذلك من الموانع.

فالخلاصة أن كلامك صحيح في شأن الرقية أنها لا تنفع بنفسها، ولكن بقدر الله تعالى، كما أن كلامك صحيح في شأن الجن وأن الجن لا بد أن نتلقى أخبارهم عمَّن يعلم الغيب، أو يُخبَرُ عن هذا الغيب، وهذا هو مصدر الوحي: القرآن؛ لأنه نازلٌ من عند الله عالمُ الغيب، والحديث: لأنه صادرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يُخبره الله تعالى بالغيب.

وأمَّا هل كل الأمراض التي تُصيب الإنسان هي نتيجة لأمراض روحية؟ فكلامك أيضًا صحيح، فالأمراض النفسية كثيرة والواقع يشهد بذلك، ولا حاجة إلى المراء والجدال في ذلك.

فإذا علمت هذا فنصيحتُنا لك أن تكفّي عن مناقشة هذه المرأة وأمثالها، فإنهم ربما أوردوا عليك شُبهًا لا تجدين لها جوابًا، لا لكونها حقائق ليس لها جواب، ولكن لأنك لا تقدرين على الإجابة عنها، فخيرٌ لك أن تُعرضي عن ذلك، وأن تمارسي رقية نفسك بنفسك، الرقية الشرعية من القرآن الكريم والأدعية النبوية، ودعاء الله تعالى عمومًا، وأن تأخذي بأسباب الشفاء من الأدوية الحسّية ممَّا أباحه الله تعالى من التداوي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تداووا).

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

www.islamweb.net