ما مدى تعارض العلاج النفسي والرقية الشرعية؟

2020-06-16 04:30:53 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

ما هو الصحيح في هذا وما هو غير ذلك؟ لقد شخص الطبيب مرضي بالفصام، وهذا ما أرسله لي الراقي: المرض الشيطاني البين يستحيل علاجه بالمسكنات والأدوية الكيميائية النفسية؛ لأن هذه الأدوية تعمل على تثبيط وتخدير الجهاز العصبي، لتهدئة الأعراض النفسية التي تتسبب بها الأمراض الشيطانية حتى يزول مفعولها ثم يحتاج إلى تكرار الجرعة لتسكينها.

والملاحظ أن العلاج النفسي لا يعمل على اجتثاث المرض الشيطاني واستئصاله من جذوره مهما طال استخدامه، بل يعمل على النقيض من ذلك تماماً، فهو يبلد أعراض المرض الروحي فعلياً، ولكنه من جانب آخر يُمكن المرض ويعمق جذوره ويوطنه إلى مالا نهاية، ويصبح مرضاً خاملاً لا تظهر أعراضه إلا إذا انقطع المريض عن ذلك العلاج، فيصبح ملزماً باستخدامه طوال العمر، وفي المقابل ترى آثاره المدمرة على المريض، وذلك يظهر على جهازه العصبي وعلى شخصيته وطبيعته، ولا يعود المريض إلى وضعه وحاله الطبيعي كما كان عليه قبل المرض.

وهناك الكثير من مرضى الأمراض الشيطانية لا يؤثر فيهم العلاج النفسي مهما بلغت قوته، ولا يهدئ من أعراضهم، بعكس العلاج بالرقية الشرعية الذي يستفز المرض الشيطاني ويستثيره ويقرعه ويضايقه ويؤثر فيه بشكل مباشر، دون تدخل علاجي مادي ذي آثار سلبية، وفي المقابل لا يمكن أن يستثار المرض الشيطاني ويستفز بالرقية ما دام المريض يتعاطى تلك الأدوية التي تبلد الجهاز العصبي، الرجاء الاطلاع على استشارتي السابقة حتى تتعرفوا على الأعراض جيدا.

جزاكم الله خيرا

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء العاجل، والتساؤل الكبير الذي وضعته – أيها الحبيب – بعضه قد لا يكون صحيحًا فيما يبدو لنا على الأقل والله أعلم، وهو أن الرقية الشرعية لا تستثير المريض بأمراض شيطانية ما دام يستعمل الأدوية المسكنة، فهذا ينبغي أن يكون لا علاقة له بالرقية الشرعية، وممَّا يُزيل عنك هذا الإشكال أن تعلم أن الرقية الشرعية سببٌ للشفاء من كل الأمراض والأدواء، ولكن لم يقل ربُّنا في كتابه ولا قال نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه الصحيحة أن العلاج الوحيد لمرضٍ ما هو الرقية الشرعية، فقد يُوجد للمرض الواحد أكثر من سبب.

فإذًا الرقية الشرعية تنفع بإذن الله تعالى ممَّا نزل وممَّا لم ينزل كما جاء في الحديث، والرقية الشرعية حقيقتها دعاء وذِكر، فهو إمَّا رافع لبلاء حاصل، وإمَّا دافع لبلاء متوقع، واستعمال الرقية الشرعية علاجٌ مصاحب للأسباب الأخرى، فإن الشريعة قائمة على الأخذ بالأسباب، والله عز وجل أقام نظام هذا الكون على النتائج المبنية على المقدمات، وعلى المسبَّبات المربوطة بالأسباب، فإذا مرض الإنسان قلنا له: ينبغي لك أن تستعمل الرقية الشرعية، ولكن هل يُكتفى بها عن طلب الأدوية الحِسِّية واستشارة أهل الخبرة من الأطباء لمعرفة ما إذا كان ثمَّ وراء هذا المرض سبب حِسيّ يحتاج إلى دواء؟ هذا من الأسباب التي أمرنا الشرع بالأخذ بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تداووا)).

إذا فهمت هذا – أيها الحبيب – علمتَ أنه لا منافاة بين استعمال الرقية الشرعية وبين الأخذ بالأدوية التي يُقرِّرُها الطبيب المختص بناء على نوع هذا المرض، وأن الرقية سببٌ إمَّا مستقِلٌّ بالشفاء لبعض الأمراض، وإمَّا سببٌ مُصاحبٌ في الأمراض الأخرى، لما ذكرناه لك.

فنصيحتنا لك أن تستمر على الرقية الشرعية، وأن تُكثر منها، أن ترقي نفسك أنت وتتوجّه بقلبك إلى الله تعالى، فتذْكُرُه، وتدعوه وتقرأ كلامه وأنت راجٍ منه الشفاء، معتقد، مُوقن أنه سبحانه وتعالى قادر على شفاءك، ومع هذا ينبغي أن تستشير الأطباء فيما تُعانيه من مرض، فإذا وصفوا لك دواءً فخذ به، فهو من جُملة ما أُمرتَ به شرعًا في قوله صلى الله عليه وسلم: ((تداووا)).

وممَّا ينبغي أن تنتبه له – أيها الحبيب – أن الشفاء بيد الله تعالى، وأنه غير مرتَّب الحصول على الأخذ بأسباب الشفاء، فإن الله تعالى قد يُقدّر للإنسان طول المرض حتى يموتُ وهو مصاحبٌ لذلك المرض، لِحَكَمٍ إلاهية أخرى يُريدُها سبحانه وتعالى من وراء هذا الابتلاء، لرفع الدرجات، ومحو السيئات، ونحو ذلك من الحِكَم، وردّ هذا العبد إلى بحيث يُكثر ذِكْر الله ودعاؤه والابتهال والتعلُّق به سبحانه وتعالى، ونحو ذلك من المصالح الكثيرة التي تعود على الإنسان بسبب مرضه.

أسأل الله بأسمائه وصفاته أن يشفيك ويُقدّر لك الخير.

www.islamweb.net