هل جميع أنواع التواصل مع الجنس الآخر منهي عنه؟
2020-06-30 01:51:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ما رأي الدين في الصداقات المحترمة التي تنشأ بين الشاب والفتاة، سواء بحكم الزمالة في الدراسة أو الكورسات أو العمل أو ما شابه ذلك؟ والتعامل بينهم ليس به تجاوزات من أي نوع، وعلاقتهم نقية، هل مجرد التواصل ووجود صداقة بينهم حرام؟ هل التواصل بكافة أشكاله حرام، حتى وإن لم يرد عليه الطرف الآخر؟ هل يجب منع كل أشكال التواصل مع الجنس الآخر؟
وهل إذا قابل الفتاة شاب أو الشاب قابلته فتاة في الجامعة أو العمل أو الكورسات يجب أن لا يتحدثوا ولا يختلطوا كأصدقاء؟ وإذا كانت هناك صداقة قائمة بين شاب وفتاة بالفعل فما العمل؟ وإذا كان ذلك حرام شرعاً فما سبب تحريمه؟ وما أسانيد ذلك؟
أرجو الرد على كافة تلك الأسئلة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك هذ السؤال الرائع، ونؤكد أن الذي دفعك للسؤال هو دافع من الخير، فاستمع لما يصلك من الخير والشرع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يعيننا على تحري الحلال في سائر أحوالنا، وأن يكتب لنا السعادة ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
رأي الدين واضح في الصداقة التي تنشأ بين الشاب والفتاة، والصداقة المسموح بها لا تحدث بين شاب وفتاة إلا إذا كان محرما لها، يعني أن تكون عمة له، أو يكون خالا لها، أو يكون ذلك في إطار الزوجية، يعني قرابة بين الذكر والأنثى فقط في إطار المحرمية والزوجية، أن تكون محرما له ويكون محرما لها، أو أن تكون زوجة له، ما عدا ذلك فإن هذه العلاقات العابرة ينبغي ألا تتمدد في حياتنا.
وحتى لو كان الشاب في الجامعة وكان هناك فتيات وهناك شباب، فإنه يجعل صداقته مع الشباب، وإذا احتاج أن يكلم فتاة أو كلمته فتاة للسؤال عن درس أو موضوع فلا مانع من الرد في الحدود الشرعية، وعليها أن تكلمه دون خضوع في القول، وأن يكون الكلام في المعروف وبمقدار، وألا يكون هناك توسع وتصنع في الكلام، إلى غير ذلك من الضوابط، قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ، وقلنَ قولاً معروفا) ولا يوجد ما يسمى بالصداقة البريئة؛ لأن البراءة لا تستمر، خاصة إذا كان مع الصداقة تجاوزات: بأن يخلو بها أو تخلو به، لأن الشيطان عند ذلك هو الثالث، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما".
وكم من صداقات -ونحن نكلمك من موقعنا الذي فيه مئات الآلاف من الاستشارات- وربما ما هو أكثر من العلاقات التي بدأت كما تقول شريفة ونظيفة، ثم كان الشيطان ينتظره في المحطات الأخيرة، ولذلك الشريعة حرمت هذا الأمر، وحثت على أن تباعد دائماً بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، حتى في بيوت الله، فتجعل خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، وخير صفوف الرجال أولها لبعدها عن النساء، ولذلك إذا وجدت علاقة فينبغي أن تتوقف، أو تتحول إلى علاقة شرعية، إما أن يحولها بأن يرسل أهله ليتكلموا نريد فلانة لفلان، وإما أن تتوقف هذه العلاقة، لا حل أمام الشاب والفتاة إلا هذا الحل.
والإنسان حقيقة سيقابل في حياته في الجامعة، في الكرسات، في الطريق، وربما في الوظيفة هذه من المصائب التي بلينا بها، أصبح الإنسان يجد في مجتمعه مثل هذه التحديات الكبيرة، وهنا ندعو البنات للانحياز إلى جانب النساء، وعلى الشباب الانحياز إلى جانب الرجال، فإن حصل واقتضت مصلحة العمل أو الضرورة أن يتعامل مع الفتاة فينبغي أن يكون بأدب، وينبغي أن يكون في حدود العمل.
فمن الخطأ حتى بينما هم في عمل واحد أن يحدث تواصل بعد العمل، وأن يحصل توسع في العلاقة، هذا كله غير مقبول من الناحية الشرعية، وكما قلنا إذا كان يرغب في الاستمرار والإكمال، فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، ويحول هذه العلاقة إلى خطبة رسمية، ثم إلى عقد زواج، وإذا خالف الشاب والفتاة وتوسعوا في العلاقة فإن ذلك يلحقه الضرر، أولاً: من الناحية الشرعية لأنها مخالفة، ويلحق الضرر من الناحية الأسرية والاجتماعية، فهذا سيخصم من سعادتهم، سواء تزوجوا من بعضهم أو لم يتزوجوا في كل الأحوال.
أما إن تزوجوا فإن ذلك سيخصم من مخزون الحب، وذاك أيضاً باب لسوء الظن؛ فالشيطان يقول هي: كانت تكلمك دون رابط شرعي كيف تثق فيها؟ كيف تثقين فيه؟ وإن كانت الأخرى بأن تعلق بها ثم لم يتمكن من الزواج كان التعب الفعلي، أنها ستجد نفسها مع شاب آخر غير الذي كانت تريده، وسيجد نفسه مع فتاة أخرى غير التي كان يريدها، ولذلك نحن نقول مجرد ما تنشأ العلاقة لا بد من تصحيحها، لا بد من الوصول إلى أهلها، لتصبح العلاقة مكشوفة للعيان، فالشريعة لا تمنع التعرف لكن بالطرق الصحيحة، بالمجيء للبيوت من أبوابها في طلب الفتاة من محارمها، بالمجيء بأهله ليحصل التعارف والتآلف والتقارب، وعندها نقول: لم ير للمتحابين مثل النكاح.. والأدلة الشرعية في ذلك كثيرة ومعروفة.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.