هل استجابة الدعاء مقرونة بالداعي أم بالمَدعي له؟
2020-06-22 01:12:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مؤمن بقدرة الله سبحانه وتعالى، لي قريب ابتلاه الله بمرض جعله مُقعدا عن الحركة، والحمد لله أنا مداوم على قيام الليل والصلاة، وقراءة القرآن، وتحري أوقات الإجابة، والدعاء له عسى أن يمن الله عليه بالشفاء والعافية، لكن هذا الأخير رغم رضائه بقضاء الله وحمده على هذا الابتلاء وصبره عليه، فقد يئس من شفائه ومقتنع أنه سيعيش بقية حياته على هذا الشكل وراضٍ بالأمر، علما أنه محافظ على صلاته لكنه مقصر في بعض العبادات، وتوجد عملية جراحية بإمكانه الخضوع لها خارج البلاد، لكن نجاحها غير مضمون 100% وقد تزيد وضعه سوءا.
سؤالي هو كالتالي: هل استجابة الدعاء مقرونة بالداعي أم بالمَدعي له؟ بمعنى آخر هل يحدد الاستجابة من عدمها يقيني بالله سبحانه وتعالى والاجتهاد في الدعاء فتتحقق لأني أنا من يدعو؟ أم يأسه من الشفاء وتقصيره في الطاعات فلا تتحقق لأن مبتغى الدعاء متعلق به؟ هل يكفي دعائي له أم هو مطالب بالدعاء لنفسه وكثرة الاستغفار ونحوه (كونه غير عاجز عن ذلك) لتتحقق الاستجابة، أم يكفي العمل الصالح والاجتهاد البادر مني؟
هل من التعدي في الدعاء أن أدعو الله بأن يرفع عنه الضّر دون اللجوء إلى العملية والأخذ بالأسباب؛ ليقيني التام بقدرته، أم عليه أن يتخذ الأسباب وأدعو أن يوفقه في العملية رغم وجود بعض المخاطر، وأنتظر هل تنجح العملية ويشفى بإذنه، أم تفشل فأواصل الدعاء أن يمنّ عليه بالشفاء بقدرته الخالصة بعد أن أغلقت جميع منافذ الأسباب وبقي رجاؤه هو السبيل الوحيد؟
وجزيتم خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ وسيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب.. نشكر لك أولاً اهتمامك بهذا القريب المبتلى وحرصك على الدعاء له وتمنيك الخير له، وهذه علامة خير فيك نسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقاً وصلاحاً، واعلم بأنك مأجور على ما تفعل من الدعاء لأخيك أو لقريبك، سواء كان محلاً لعطاء الله له أم لا، وسواء استجاب الله تعالى فأعطاك عين ما طلبت، أو أجاب سبحانه وتعالى الدعاء بطريقة أخرى، فأنت لن تعدم خيراً في دعائك لقريبك هذا، فاستمر ولو لم يكن إلا أنك إن دعوت له بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله.
أما هل يستجاب الدعاء لأنك أنت الذي دعوت؟ وهو ليس صالح لذلك، فهذا إن كان الدعاء عبارة عن رقية شرعية، فالرقية الشرعية كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ( الغالب فيها أنها تحتاج إلى أن يكون المحل قابلاً -يعني صالحاً-)، فيكون مؤمنا متيقنا معتمدا على الله، هذا في الحقيقة حكم أغلبي، وإلا فقد جاء في الحديث أن الصحابة رقوا رجلاً مشركاً والفقهاء ينصون على جواز الرقية لكافر، لأن ما في الدعاء من مسألة الشفاء دعاء بأمر دنيوي لا يشترط فيمن ندعو له أن يكون مؤمناً أو صالحاً، لكن هناك أدعية لا تليق أو لا تصح إلا أن يكون الإنسان مسلماً كالدعاء بالمغفرة بعد الموت، فهذا لا يصح أن يدعى إلا للمسلم، كما دلت على ذلك آيات القرآن العزيز والأحاديث النبوية.
وعليه فينبغي أن تجتهد في الدعاء وأن تجتهد أيضاً في نصح قريبك هذا في تحسين حاله، والتقرب من الله جل شأنه، والبلاء سبب أكيد في رد النفوس إلى الله، فإذا لم يرجع الإنسان إلى الله في حال الشدة والبلاء فمتى سيرجع إذاً؟! ودعاؤه لنفسه أنفع من دعاء الناس له، لأن صاحب الحاجة يدعو الله تعالى باضطرار أكبر، والله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المضطر، فقد أجاب سبحانه وتعالى دعوة الكفار حين دعوه دعوة اضطرار.
كما جاء القرآن بذلك فقد قال سبحانه وتعالى: ( فإذا ركبوا في الفلك دعوى الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم مشركون)، فيستجيب سبحانه وتعالى دعوة الإنسان المضطر ولو كان فاسقاً أو كافراً.
والدعاء بتحصيل الشفاء هو من جملة الأسباب، فليس فيه شيء من التعدي، لكن إن كان جرت العادة بأن هذا النوع من الداء يحتاج إلى عملية جراحية أو نحو ذلك فينبغي الأخذ بهذه الأسباب بجانب الدعاء، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: تدووا، فالتداوي من أسباب الشفاء بتقدير الله تعالى، فالله تعالى بنى هذا الكون على أن النتائج مبنية على المقدمات، والمسببات مربوطه بالأسباب، فالطعن في الأسباب والقدح فيها مخالفة للشريعة.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.