هل لي أجر في دراسة الحقوق قسم اللغة الإنجليزية؟
2020-04-28 04:48:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من فضلكم أنا أدرس في كلية الحقوق قسم اللغة الإنجليزية، وتخصصت في مجال قليل وصعب، وهي الترجمة القانونية والعقود، فقال لي شيخ ذات مرة إن الذي أدرسه ليس له فائدة، وليس عليه أجر أو ثواب، وقال لي: هذا الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة) رواه مسلم.
قال إن هذا الحديث ينطبق على العلم الشرعى فقط، ومنذ ذلك الحين أشعر بحزن وتركت معظم الدراسة، واجتهادي الشخصي الذي أتعلمة خارج الجامعة أي كورسات الترجمة وغيرها، وأشعر أنه ليس لي فائدة.
مع العلم أن جامعتي تبعد عن منزلي نحو ساعتين ذهاب وساعتين عودة، وأتعب كثيراً فيها، هل هذا كلهة يذهب دون أجر؟ وهل دراستي للقانون تعتبر علماً؟ وماذا أفعل؟ أشعر بخيبة أمل!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك - أيها الولد الحبيب - في استشارات إسلام ويب، نشكر لك حرصك على ما يقرّبك إلى الله وتنال به أجرًا، وهذا دليلٌ على حسن إسلامك، نسأل الله لك التوفيق والمزيد من الهداية والتسديد.
لا شك - أيها الحبيب - أن أشرف العلوم على الإطلاق العلمُ بالله تعالى بشرعه ودينه الذي يُقَرب إليه، ولكن هذا لا يعني أن غير العلم الشرعي - أو غير علم الشريعة - من العلوم التي تحتاجها الأمّة ليس فيه أجر، بل سائر العلوم، كل العلوم التي تحتاجها الأُمّة هي من الفرائض التي كلَّف الله تعالى بها هذه الأُمّة.
معلوم أن الفريضة فيها أجرٌ عظيم، فالله تعالى يقول في الحديث القدسي: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بأحبّ مما افترضتُه عليه)، فكلُّ علمٍ نافعٍ تحتاجه الأُمَّة فهو فرضٌ عليها، أي على مجموع الأُمّة، وتأثم الأُمّة إن ضيّعته أو ضيعتْ القدر الكافي منه، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الشخص الذي يسعى في تحصيل الفرض من هذا النوع - الذي يُسمِّيه الفقهاء الفرض الكفائي - الشخص الذي يسعى في تحصيل هذا الفرض والقيام به أفضلُ من الشخص الذي يسعى في واجبٍ آخر من الواجبات المُعيّنة على شخصٍ مُعيَّن، لأن هذا الذي يسعى في تحصيل الفرض الكفائي يسعى لإسقاط الإثم عن مجموع الأُمّة.
بهذا تعلم - أيها الحبيب - أن كلام هذا الشيخ الذي قال لك بأن الأجر إنما يكون لمن درس علم الشريعة كلامٌ غير صحيح، أي كلامٌ ناقص، فكلامُه صحيح فيما اختصّ بالعلم الشرعي، لكن العلوم الأخرى التي تحتاجها الأُمّة أيضًا هي من القُربات والأعمال الصالحة التي يُتقرَّبُ بها إلى الله تعالى، والله تعالى لا يُضيع أجر من أحسن عملاً.
الترجمة من اللغات إلى اللغة العربية أو العكس هو من العلوم التي تحتاجها الأُمّة بلا شك ولا ريب، فهذه الأُمّة تحمل رسالة الله تعالى إلى العالمين، ويجب عليها أن تُبلّغ هذا الدين لكافة أهل الأرض على اختلاف لغاتهم، فتحتاج هذه الأُمّة من أبنائها من يدرس لغات العالم كلّها، ولا يجوز للأُمّة أن تفرّط في ذلك، ومن سعى في تعلُّم لغةً من هذه اللغات بقصد ترجمة هذا الدِّين إلى تلك اللغة وإيصاله إلى مَن يتكلَّم بتلك اللغة فهو قائمٌ بعملٍ جليلٍ، وقائمٌ بفرض من فرائض الله تعالى، وله عند الله تعالى أجر الفريضة.
لا تلتفت إذًا إلى هذه الكلمات التي قالها هذا الأخ وثبّطك بها عمَّا أنت فيه، واسعَ في إتقان هذه اللغة واستغلال ذلك في نفع دينك وأُمّتك، واعزم النيّة على هذا، فإن فعلت هذا فإنك على خير كثير، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق.
أمَّا بخصوص القوانين: فإن كانت القوانين هذه موافقة للشريعة الإسلامية - أي ليس فيها ما تُحرِّمُه الشريعة - فترجمتُها والاشتغال بها عملٌ صالحٌ، لأنه نافعٌ للأُمّة.
أمَّا إذا كانت قوانين وضعية مخالفة مُصادمة للشريعة فهذه لا يجوز العمل لنصرتها وتطبيقها، ولكن يجوز لنا أن ندرسها وأن نتعلّم ما فيها لنُميِّز بينها وبين شرع الله تعالى ونحذّر ممَّا فيها من مخالفات، ونُبيِّن وجه المصادمة فيها لشرع الله تعالى، وبذلك تتحوّل دراستها إلى قُربة تُقرِّبُ الإنسان إلى الله تعالى، ما دامت الأُمّة تحتاج إلى ذلك النوع من التنبيه والإيضاح.
نرجو بهذا - أيها الحبيب - أن يكون الأمر قد اتضح لك جيدًا، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.