أعيش في صراع نفسي وحيرة في الغرب ولا أجد من ينصحني
2020-04-28 03:43:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً.
لقد كان هدفي دينياً ودنيوياً، وكنت ناجحا في كليهما عندما كنت في بلدي -ولله الحمد- وكان لدي ثقة دائماً في نفسي، ولقد درست في كلية الصيدلة، ولكن لم أنته بعد، ولكن منذ أن لجئت إلى بلد أوروبي، وقد كان هدفي إكمال دراستي، ولكن ذهبت ثقتي في نفسي؛ مما جعلني أخاف من الدخول إلى الجامعة مجدداً، وأني أقل مستوى من جامعة أوروبية، وربما سوف تذهب بي ثقتي في نفسي إلى الرضا بالقليل من الأشياء، ولا أدري لماذا.
أنا مقبل على خيارين إما الجامعة أو خيار آخر أقل مستوى، فأريد أن أكون خادماً لديني، ولا أرضى بالقليل، ولكن في نفس الوقت الخوف يتملكني، وأنا الآن في صراع نفسي رهيب ولا أجد من ينصحني، فما الحل؟
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdo96 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بتواصلك معنا- أيها الابن الفاضل- ومن الجميل جدا أن يكون هدفك هو مرضاة الله عز وجل في الدنيا والآخرة، فمن الواضح بأنك على قدر عال من النضج والوعي تسعى إلى تحقيق الهدف الرئيسي الذي من أجله خلقنا، وأتفهم مشاعرك وأنت في بلاد الغربة، ولا شك بأن التغيير الذي صادفته هو تغيير كبير من ناحية اللغة والعادات والقوانين، وغير ذلك، ومثل هذا الانتقال المفاجئ من بيئة الى بيئة أخرى يتطلب الكثير من الجهد والتأقلم، وهذا يجعل الإنسان يقع تحت ضغوط نفسية كثيرة.
والحقيقة أن الانتقال المفاجئ من بلد الى بلد آخر يسبب للبعض ما يشبه (الصدمة النفسية) خاصة إذا كان بسبب ظروف خارجة عن إرادة الإنسان، وهذا يعني بأن الإنسان قد يمر بمراحل تسمى (مراحل ما بعد الصدمة ) ومن ضمن المراحل التي تمر على الإنسان خلالها هو شعوره بالحزن والضعف وقلة الثقة بالنفس، وقد يصبح غير قادر على أخذ القرارات أو التفكير بوضوح، وعلى ما يبدو بأن هذا ما حدث معك، لكن الخبر الجيد - أيها العزيز- بأن هنالك مرحلة إيجابية قادمة بإذن الله تعالى، وهي مرحلة التأقلم والقبول، وفيها يعود الإنسان إلى طبيعته ويعيش حياته بشكل طبيعي، بإذن الله تعالى.
إذَا ما تشعر به الآن من قلة الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات واضحة هو مجرد مشاعر فقط، وليست حقائق, فأنت ما زلت نفس الإنسان الطموح صاحب المبادئ العالية والواثق من نفسه، لكن التغير المفاجئ في ظروفك جعلك تشعر بمثل هذه المشاعر السلبية، وهي مشاعر مؤقتة وليست حقيقية، لذلك فأنا أؤكد لك على أنه بإمكانك تحقيق طموحاتك النبيلة في الدراسة الجامعية، وخدمة الدين حتى وأنت في بلاد الغربة، فمن ناحية الدراسة أؤكد لك على أن مستوى الطلاب الذين يأتون من بلادنا العربية يتفوق على مستوى الطلاب في البلاد الأجنبية في كثير من الأحيان، وهذه حقيقة ملموسة سواء كان ذلك على مستوى الدراسة العادية في المدارس، أو على مستوى الدراسة الجامعية، وسترى كم المبدعين في الغرب الذين هم من أصول عربية.
بالطبع - أيها الابن الفاضل- ستواجهك بعض العقبات وستتخطاها بإذن الله تعالى، فمثلا سيلزمك تعلم لغة البلد وإتقانها، وخذ الوقت الكافي في ذلك، فهذا سيشعرك بثقة كبيرة في نفسك؛ لأن اللغة تسهل التواصل وبناء العلاقات، وهي التي ستجعلك ترى بأن الدراسة سهلة، وبعد إتقان اللغة يمكنك الالتحاق في الجامعة التي ترغب بها، وإتمام دراستك بإذن الله تعالى، وأنصحك بالاستفادة من فرصة توفر التعليم العالي، وسهولة الحصول على أعلى الشهادات في أوروبا وأمريكا، وستجد بأن الطريق لذلك سهل وميسر، ولا يتطلب إلا وجود الشخص الطموح والمجتهد، لذلك وبعد أن تأخذ البكالوريوس استفد من وجودك في أوروبا لإتمام الماجستير والدكتوراه، وخلال حياتك الجامعية ستصادف حتما أناسا طيبين مثلك، ومن أغلب بقاع الدنيا، فاستغل الفرصة وابن معهم صداقات، وأطلعهم على تعاليم ديننا الحنيف، وكن قدوة لهم في ذلك، وكن سفيرا للإسلام، فمن يدري فقد تكون سببا في هداية البعض منهم، وهنا ستكون قد مشيت فعلا في تحقيق طموحاتك في الأمور الدنيوية والدينية حتى وأنت في بلاد الغربة، وسيكون أجرك مضاعفا بإذن الله تعالى، أجر طلب العلم، وأجر الدعوة إلى الدين.
أسأل الله عز وجل أن يوفقك الى ما يحب ويرضى دائما.