أرغب في الموت بسبب التحاقي بدراسة لا أحبها، فما الحل؟
2020-04-08 21:55:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أريد نصيحة للخروج من هذه الحالة التي أصبحت تبدو لي كالموت، بدأ الأمر حينما بدأت دراسة الطب بعد الباكالوريا، اخترتها رغم أنني لا أحب كثيرا العلوم والحفظ وأميل أكثر للفهم والرياضيات، اخترتها لأنني لم أرغب في أن أكون عبئا على أحد.
منذ أول يوم أحسست ببعدي التام عن هذه الكلية، وأصبحت تأتيني لحظات أنفصل فيها عن الواقع وأجهل وجودي، لم أملك حاسوبا أو غرفة خاصة للدراسة، وأخوتي الصغار يحدثون ضجيجا، وبتجمع كل هذا، في كل لحظة كنت أشعر بندم عميق لأنني لم أختر مدرسة أو كلية أخرى، فبدأت تظهر لي عيوب الكلية، وأعظمها طول الدراسة.
ازددت ندما، وأصبح البكاء روتينا يوميا، لم أكن أدرس بالطبع، وكنت في الحصص التطبيقية أرى أنني لا أعرف شيئا وأنني غبية، لكنني كابرت ونجحت، واجتزت في آخر السنة امتحانات المدارس والكليات مجددا، وقبلت في بعضها، وقررت أن أذهب لكن أهلي أقنعوني بعدم الذهاب، ورغم ذلك رغبت في الذهاب، وأخبروني إن لا أحد سيعتني بي ماديا في مدينة أخرى؛ لأنهم يرون أن الطب هو أحسن مجال دراسة.
أريد الموت من شدة الشعور بالألم والياس، منذ عامين وأنا هكذا في هذه الحالة، أشعر بندم وفشل عميقين، حاولت أن أنتحر لكن لم أستطع تنفيذ ذلك، كيف يمكنني الخروج من كل هذا؟ إضافة إلى شعور الوحدة والبكاء المستمر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rim حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأتفهم مشاعرك - يا ابنتي- وأحترم رغبتك في تحقيق طموحاتك ودخول الكلية التي ترغبين بها، لكن آلمني جدا حديثك عن الموت ورغبتك في الانتحار، لا -يا ابنتي- لا تفكري بمثل هذه الطريقة، فأنت إنسانة على خلق ودين وتعلمين بأن قتل النفس أو حتى محاولة ذلك هو حرام ومصير الإنسان في النار، فأجسادنا ليست ملكا لنا بل هي أمانة سنسأل عنها يوم القيامة، والإنسان المؤمن مهما بلغت أحزانه لا يقنط من رحمة الله جل وعلا، فأبعدي مثل هذه الأفكار عن ذهنك، ولا تجعلي للشيطان مدخلا إلى نفسك، فأنت ما زلت في عمر الزهور والمستقبل أمامك، وحتى لو لم يحالفك الحظ في الاختيار الأول فإن أبواب العلم ما تزال كلها مفتوحة أمامك، فانهضي من جديد وأبعدي عنك الحزن وانظري إلى المستقبل نظرة أمل وتفاؤل.
والحقيقة هي أن الطالب الذي ينهي الثانوية كثيرا ما يكون غير قادر على اختيار الفرع الذي يناسبه، أو الذي سيؤهله لممارسة المهنة التي يحبها مستقبلا، وله العذر في ذلك فهو لم يتعرف مسبقا على طبيعة المواد التي سيدرسها، ولا على طبيعة المهنة التي سيمارسها، فقد تكون تصوراته شيئا ويكون الواقع العملي شيئا آخر، ولذلك فقد بدأت بعض المدارس في الخارج بإدراج برنامج خاص ضمن الخطة الدراسية للطلاب المقبلين على إنهاء الثانوية ودخول الجامعة، هذا البرنامج يهدف إلى تعريفهم على طبيعة بعض التخصصات والمهن بشكل عملي، وجعلهم يداومون فيها مدة أسبوع أو أسبوعين، فهذا يساعدهم في اختيار التخصص الجامعي، وكم نتمنى لو تنهج وزارات التربية والتعليم هذا النهج؛ لأن المردود سيكون مجزيا، وسيزداد عدد المبدعين في كل المجالات.
بالنسبة لمشكلتك فمن الواضح بأن لديك حالة اكتئاب شديد، لكن لم يتبين لي من رسالتك هل هذه الأعراض سبب أم نتيجة لما حدث أو يحدث معك الآن، أي هل كانت لديك نفس الأعراض قبل دخول الجامعة؟ أم ظهرت بعد خلافك مع أهلك وشعورك بأنك أضعت سنتين؟وأهمية معرفة التوقيت هي من أجل معرفة حقيقة رغبتك في عدم الاستمرار في كلية الطب، هل نتجت عن قرار واضح تم اتخاذه وأنت بحالة نفسية جيدة ؟ أم نتجت عن قرار اتخذ وأنت بحالة نفسية سيئة؟ من المهم جدا معرفة ذلك؛ لأنه إذا كانت أعراض الاكتئاب عندك قديمة فأنصحك بعدم اتخاذ أي قرار قبل علاج حالة الاكتئاب، فأي قرار يتخذه الإنسان وهو بحالة نفسية سيئة قد لا يكون قرارا صائبا، ويجب علاج حالة الاكتئاب أولا، وعندما تتحسن يمكن حينها أن تبحثي في الأمر، وتتخذي القرار الذي يناسب طموحاتك.
وطالما أن الخلاف مع أهلك هو خلاف مادي فقط، أي أن أهلك لا يمانعون من دراستك للفرع الذي ستختارينه، فقد يكون من الممكن إيجاد حل لهذه المشكلة، فيمكنك مثلا اختيار تخصص آخر قريب من التخصص الذي تحبينه ويكون متوفرا في مدينتك، ويمكنك أيضا العمل لفترة بوظيفة لا تتطلب شهادة جامعية، وذلك من أجل إدخار مبلغا من المال يغطي تكاليف دراستك، حتى لو أدى ذلك إلى تأجيل دخول الجامعة لسنة أخرى، ويمكنك أيضا العمل بدوام جزئي فقط بحيث تتمكنين من الدراسة والعمل معا، وهنالك بعض الجامعات التي يمكن الدراسة فيها عن بعد على الإنترنت، فانظري في كل هذه الخيارات وغيرها -إن وجد-.
وبالطبع هنالك احتمال لأن يغير أهلك رأيهم، فقد يكونون قالوا لك ذلك لكونهم غير واثقين من رغبتك في إكمال دراستك، وبالتالي هنالك احتمال كبير لأن يساعدونك ماديا عندما تظهرين جديتك ونجاحك في دراسة التخصص الجديد.
بقي أن أقول لك نقطة هامة -يا ابنتي- وهي: اختاري الفرع الذي تشعرين بأنك تحبينه وستبدعين فيه والذي لديك شغف بممارسة المهنة التي سيؤهلك لها، فعندما يمارس الإنسان المهنة التي يحبها سيكون هذا مصدر سعادة دائم له يرى فيه ذاته.
أسأل الله -عز وجل- أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.