تعبت من خيانات زوجي، ماذا أفعل؟
2019-11-21 03:19:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
لقد سدت أمامي الأبواب، ولم يبق إلا باب الله ثم بابكم.
متزوجة منذ عامين، وعندي طفل عمره عام، مشكلتي هي أنه منذ فترة خطبتي وجدت مكالمة وأحاديث لزوجي مع عدة فتيات، وواجهته بالأمر أمام أمه، ولكنه اعتذر واحتج أنه بعد الزواج سينصلح، فسامحته على أمل ألا يعيدها.
بعد الزواج بثلاثة أشهر اكتشفت مصادفة بينما أدرس من جواله -لأني لم أكن أملك جوالا وقتها- أن فتاة كانت تكلمه في آخر الليل، وهي من صديقاته بالجامعة بكلام يخدش الحياء، عندما واجهته اعتذر، وتاب، وحلف لي أنه لن يعيدها، ثم بعد ذلك بشهر أيضا اكتشفت خيانته مجددا، ثم بعد ذلك ب8 أشهر، وأيضا واجهته واعتذر، ثم بعد ذلك بشهرين وآخرها كان الأمس.
بصراحة تعبت من خيانته وعلاقاته رغم أن عمله أيضا مليء بالفتيات سواء من زميلاته أو من الزبونات.
أشيروا علي ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روجدا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
في بداية الأمر وقبل أن أجيب على استشارتك أود أن أنبهك إلى أنه لا يجوز أن تقولي ولم يبق إلا باب الله وبابكم، بل قولي لم يبق إلا باب الله ثم بابكم، كما نقول مالي إلا الله ثم أنتم، ولا نقول ما لي إلا الله وأنتم، وهذه مسألة عقدية محضة ينبغي أن تتنبهي لها.
أما الإجابة على استشارتك فأقول:
فالذي يبدو أنك لم تنتبهي لوصية رسولنا الكريم حيث قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان.
لعل زوجك ليس على قدر من التدين، ولذلك فقد حصل لك من الفتنة والفساد ما حصل من جراء أفعاله، والذي ينبغي عليك في هذه المرحلة أن تتصبري وتتعقلي وتتحملي ولا تتعجلي باتخاذ أي قرار في هذه المرحلة، فكما أنك تعجلت في قبوله زوجا لك، فتصبري واجتهدي في إصلاحه لتستمر حياتكما، ويتربى ولدك في ظل والديه.
يبدو أن زوجك فيه طيبة، ولذلك تجدينه سرعان ما يعترف بخطئه ويعدك بأن لا يعود، لكن تضعف نفسه فيعود سريعا لما فعله، وهذا يتطلب منك أن تقتربي منه أكثر، وأن تتعرفي على نقاط ضعفه، وتعالجيه من خلالها، فقد يكون من نقاط ضعفه ولده، فذكريه به، وأن أفعاله تلك قد تتسبب في هدم بيته، وسيعود الضرر على ولده.
تفقدي نفسك، فلعلك مقصرة في حق زوجك ببعض الأمور، وهي التي جرته للاستمرار في التحدث مع البنات، فلعل زوجك يريد منك الكلمات العاطفية، وإشباع عاطفته قبل شهوته، ولعلك تدركين أن بعض الناس إذا فقد أمرا بالحلال ذهب ليتسوله بالحرام، ما لم يكن صاحب إيمان بالله تعالى يمنعه إيمانه من فعل ذلك.
الأصل أن زوجك لم يصل بعد لفعل الزنا، وإنما عنده شهوة التحدث مع النساء وهذا قد يجره إلى الوقوع في الزنا والعياذ بالله.
اجتهدي في تقوية إيمانه بالله سبحانه ابتداء بجعله يحافظ على الصلوات الخمس، ثم من خلال مشاركته في بعض الأعمال الصالحة: كصيام بعض النوافل كالإثنين والخميس، وصلاة النوافل كالوتر وقيام الليل، وتلاوة القرآن الكريم، وأداء العمرة، وغير ذلك من الأعمال، فقوة الإيمان تولد في النفس حاجزا يمنع صاحبه من معصية الله ويجعله مراقبا لله تعالى.
لعل من نقاط ضعفه احترامه لوالديه، وخوفه منهما أو من أحدهما أن يعرف عنه ذلك، فإن كان كذلك فهدديه بأنك ستخبرينهم ما لم يصلح حاله ويترك هذا الفعل القبيح.
المطلوب أن يترك زوجك هذا الفعل القبيح من أجل الله سبحانه، وقناعة من نفسه، وهذا سيكون هو العلاج الناجع لأن التهديد والخوف من الناس سيجعله يتخذ أساليب أخرى لا تجعلك تتعرفين على تواصله مع النساء فاجتهدي أن يكون تركه من أجل الله تعالى وقناعة من نفسه.
اجتهدي في تسليط الأصدقاء الصالحين عليه؛ من أجل أن يقتربوا منه، ويأخذوا بيده ويعينونه على الاستقامة، فإن للصديق الصالح بصماته يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
لا تكثري عليه من الحديث حول تحدثه مع النساء؛ لأن ذلك يضيق عليه، ويحصره في زاوية ضيقة، وقد يؤدي إلى نتائج سلبية كعدم المبالاة فبقاء الخوف والهيبة في قلبه أمر حسن.
سليه: هل يرضى مثل هذا الفعل لأمه أو لأخواته أو لزوجته أن يتحدث معهن رجال أجانب وبكلام فيه من الفحش ما فيه؟ فإن قال لا يرضى ذلك لمحارمه! فقولي له: فإن الناس لا يرضون كذلك ما تفعله لمحارمهم، وحفاظ المرء على محارمه يبدأ من حفاظه على محارم الآخرين، وإلا فالجزاء من جنس العمل.
أنصحك ألا تفتشي هاتفه، ووكلي أمره لله سبحانه؛ لأن ذلك باب من أبواب الشيطان الرجيم سيفتح عليك مصائب كثيرة أنت في غنى عنها.
لا تفقدي ثقتك بزوجك، ولا تيأسي من صلاحه أبدا، بل كوني متفائلة، واحتسبي الأجر في إصلاحه، ولعل الله سبحانه يقر عينيك باستقامته.
أكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يصلح زوجك، وأن يلهمه الرشد، واطلبي له الدعاء من والديه، وعليكم أن تتحينوا أوقات الإجابة فربنا سبحانه أمرنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة فقال: (وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖفَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
كلما اقتربت أكثر من زوجك، وتفقدت حاجته، وأحسنت من خدمته واستقباله وتوديعه بالشكل اللائق، ووجد منك الكلمات العاطفية، كلما اقترب منك وابتعد عن الأخريات؛ لأنه يثق بك ولا يثق بهن..
من ضعف إيمانه أنه يحلف لك أنه لن يعود ثم يعود، والذي ينبغي عليه أن يكفر عن أيمانه التي حنث فيها، وكفارة ذلك إطعام عشرة مساكين عن كل يمين حنث فيها، وعليك أن تحثيه على التوبة النصوح، والتي من شروطها الإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على ألا يعود مرة أخرى.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك هذه أو غيرها، ونحن بدورنا ندعوا الله سبحانه أن يلهم زوجك الرشد، وأن يتوب عليه ويصلحه، وأن يرزقكما الحياة الطيبة إنه سميع مجيب.