شكوى أسرية ومضايقات نفسية أخوية.. أريد نصيحتكم
2005-09-12 12:41:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة بالجامعة، في السنة الثانية، أدرس بجامعة في موطني، وأعاني من مشاكل كثيرة لا أعرف حقيقتها هل هي نفسية أو غير ذلك، وكنت دائماً أفكر في زيارة طبيب نفسي، لكن عندما كنت صغيرة لا أملك رخصة قيادة، أما الآن وعندما ملكتها فلا أملك المال الكافي للذهاب كل مرة إلى زيارة الطبيب، حيث أصبحت العيادات الخاصة مهنة تجارية، وشيء طبيعي بأن العيادات الخاصة أفضل من تلك الحكومية، فلا أثق كثيراً بالذهاب لتلك الحكومية، ولا أجد منها جدوى، ولهذا لجأت إلى شبكة الإنترنت، ورأيت العديد من تلك الشبكات، وجربت حظي في إحداها ولكن لم أر إجابة، فأتمنى أن أحصل على جواب منكم، وخصوصاً أن صديقتي قد حصلت منكم استشارة..
مشكلتي أو مشاكلي هي أنني أصبحت لا أشعر بالراحة أبداً بالجامعة، ولا حتى بالمنزل، فبخصوص الجامعة، فإنني أرى أن مستواي ينزل تدريجياً يوماً بعد يوم، فأنا طالبة حقوق وبفعل تخصصي، فهو يحتاج إلى طاقة حفظ كبيرة جداً، أما أنا فلا أجد هذه الطاقة متوفرة لدي، حيث أصبحت كثيرة الشرود أثناء الدراسة وأفكر بأمور أخرى، إما بمشاكل المنزل أو بأسئلة الامتحان، وأتساءل كيف ستكون، أو ما هي تلك الأسئلة، وحينها يبدأ الخوف والارتباك الشديد لدرجة أصبحت آخذ ساعة لدراسة صفحة واحدة فقط، بالرغم أن كميات الامتحان دائماً تتجاوز 150 صفحة، والامتحان النهائي قد يصل إلى 400 صفحة، فأصبحت أدخل قاعة الامتحان دون أن أغطي حتى ربع الكمية المطلوبة للدراسة، أو أنني أتهرب من الامتحان وأقوم بتأجيله ليوم آخر بحجة أنني سوف أدرس، وأوعد نفسي بالدراسة ولكن لا جدوى من ذلك فتاتي ليلة الامتحان بنفس الطريقة بالشرود الذهني والخوف، وهكذا، سابقاً كنت أغطي ثلاثة أرباع الكمية، ثم النصف وبعدها أصبحت لا أغطي حتى ربع الكمية المطلوبة.
هذا بالإضافة إلى أنظمة الجامعة التي لا أرتاح لها، وكثير من الطلبة المعارضين، ولكن لا جدوى فكل فصل يصدر قرار جديد، ويكون معظمه في إنزال مستوى الطالب أو التشديد عليه أو إحباطه، وخصوصاً أن كلية الحقوق بجامعتنا تعتبر نوعاً ما حديثة وغير مهيئة كل التهييئ كباقي كليات الحقوق، فقد اطلعت على خطط الكثير من الكليات، دائماً أرى ربط النظري بالعملي، ومقررات عملية، أما كليتنا فتقتصر على النظري الذي يتطلب الحفظ فقط، حيث تأتي أسئلة الامتحان مقالية، نكتب في السؤال الواحد إجابة درس كامل، فطريقي أثناء الدراسة وأنظمة الجامعة بالإضافة إلى مشاكلي المنزلية كلها أعتقدها عوامل أدت إلى دنو معدلي، حيث يجب أن أحصل على معدل معين لكي أجتاز مرحلة الدبلوم، وأدخل مرحلة البكالوريوس، حيث جميعنا يدري أن شهادة الدبلوم باتت لا تعني شيئاً، فأصحاب شهادة الماجستير يعانون في من إيجاد وظيفة، فما وضع إذن شهادة الدبلوم، مع العلم أنني خريجة القسم العلمي بالثانوية، وكنت دائمة التفوق من بداية حياتي الدراسية من الإعدادية حتى الثانوية، ولكنني لا أنكر بأن قد حدثت أمور كثيرة في أواخر مرحلة الثانوية جعلت من معدلي يتدنى وقد أثرت هذه الأمور في كثيراً، ولكن عندما تخرجت كنت كثيرة التحمس للجامعة، حيث كنت أقول لنفسي بأن كل تلك المشاكل ستزول وسوف تعتمدين على نفسك، فقد كبرت وأصبحت طالبة جامعة، وكنت أقول كذلك بأن حياة الجامعة تختلف عن حياة المدرسة فهي أفضل بكثير، فكنت لا أحب المدرسة ولكنني كنت متفوقة ومحبوبة لدى أغلب مدرساتي، وعندما سجلت بالجامعة ووضعت اختيارات التخصص لم يرشدني أحد، ولم يقولوا لي بأن تخصص الحقوق صعب أو كله حفظ أو لا يصلح لك، حتى إنني سألت أسرتي من والداي وإخوتي، فالكل كان يقول لي: أنت حرة، وهذا شيء يخصك أنت، حيث كنت لا أريد دخول هذه الجامعة، بل كنت أريد أن أدرس خارج البحرين، خصوصاً بأن التخصص الذي كنت أرغب به لا يوجد في هذه الجامعة، فكنت أرغب بدراسة الطيران، ولكن معارضة والداي للتخصص بالإضافة إلى عدم وجود الإمكانية بالمادية، بالإضافة إلى مشاكل واجهت أختي الكبرى في دراستها للطب خارج البحرين جعلت أهلي يقولون: لن يدرس أحد خارج البحرين، وهكذا فقد استسلمت لتخصص الحقوق دون معرفة أي فكرة عن هذا التخصص، ولكونه تخصصاً نوعاً ما حديثاً بالجامعة استسلمت له، فعند بداية دخولي للجامعة كنت طالبة بالمرحلة التمهيدية، وهذه المرحلة لا تعطي أي فكرة عن التخصص الذي سوف نخوضه، وكنت أجهل الكثير من الأشياء بالجامعة الكثير الكثير، حيث أصبحت الآن أعرف أشياء كثيرة جداً لو كنت أعرفها سابقاً لما حدث أن واصلت بالتخصص أو أن دخلته بدون الأخذ بفكره عنه، مع العلم أن أختي الأخرى التي تصغرني بسنتين فهي في ذات الجامعة بتخصص إدارة أعمال، ولكنني لا أرى أنها ساعدتني في شيء، سوى أنها هي التي أوصلتني للجامعة بعد تخرجي من الثانوية لكي أنهي إجراءات التسجيل، وهذا طبعاً لأن والدي لن يخرج من عمله لكي يوصلني وينهي إجراءاتي، فكانت بالبداية علاقتي بها طبيعة لسنا مقربين جداً ولا حتى مبتعدين، فأنا بكورس التمهيدي وهي في كليتها، ولكن لا أتذكر بأنها ساعدتني أو أرشدتني في أمور أو أفهمتني أمور الجامعة، على عكس الذي شعرته منها، فهي كانت تحاول أن تعرف كل تفاصيلي مثلاً من أوقات محاضراتي أو مقرراتي أو أوقات امتحاناتي، دون أن أعرف عنها شيئاً، فلا عجب أن تعرف الأخت عن أختها الصغرى هذه الأمور؛ لكن ليس بالطريقة التي تفعلها أختي، فلهذا تدريجياً بدأت أبتعد عنها وأخبئ أموري عنها، مع علمي أنها أمور سطحية جداً فكانوا صديقاتي يعلمون بها لكن بسبب طريقتها فعلت ذلك، فملاحظتي على أختي أنها تحب أن يأتي لها الآخرون، وحتى إن كانت أختها لكي يسألونها عن الأمور التي يحتاجونها، فهي ليست من النوع الذي يعطي معلومات دون يأتي الشخص بنفسه، وحتى مع علمها أن هذا الشخص قد يحتاج أو أنه في غفلة من أمره فلا ترشده، فإنني أرى من وجهة نظري أنه كان عليها أن تقول لي الكثير من أمور الجامعة، فهي قد اقتصرت فقط على يوم التسجيل، ومن بعدها لم تخبرني شيئاً، فلو كنت في محلها لكنت قد عرفت أختي الصغيرة بالكثير من الأمور؛ لأن هذا ما أفعله الآن مع بعض من صديقاتي من السنة الأولى أو حديثي المقبولين بالجامعة أن واجهت أحدهم ولديه مشكلة أحاول أن أعطيه كافة المعلومات والخيارات لكي يختار بنفسه، فيما لا أرى بأن أختي قد فعلت ذلك غير رغبتها في معرفة شؤوني بطريقة دونية، فمثلا أول يوم تسجيل لي كنت لا أعرف طريقة قراءة الجدول، فأخبرتها كيف يقرؤونه، فكانت رموز وأشياء لا أعرفها فأخذت الجدول مني ومكثت مدة وهي تقرأ الجدول فلم يكن بالجدول سوى ثلاث مقررات، وكونها ليست سنة أولى فمن السهل أن تقرأه، فتضايقت منها وقلت لها أعطني الجدول لا أريد منك شيئاً، فقالت: أفضل خذيه، حتى من بعد قراءتها لم تقل لي شيئاً وأخبرت أمي بالموقف، وطبعاً كالعادة أصبح اللوم علي، فسألت أخت صديقي وأخبرتني بكل شيء دون حتى أن تأخذ الجدول، وحتى بالنسبة لمرافق الجامعة فقد عرفتها لوحدي ودون مساعدة من أختي، وهكذا تدريجياً عرفت أغلب الأمور عن الجامعة دون حتى أن تسألني أختي إن كنت محتاجة في شيء، وهناك العديد من المواقف أيضاً التي جعلت العلاقة بيني وبينها علاقة سطحية جداً وكأنها أحد الزميلات بالجامعة وليس كونها أختي، فمثلا في أحد امتحانات نهاية الفصل الجامعي أختي كانت تريد متى هي أوقات امتحاناتي لكي تتضبط أمور السيارة، حيث هي سيارة واحدة نذهب بها الجامعة، ولأنها كانت تعلم بأنني سنة أولى من السهل أن تعرف مواد طلبة السنة الأولى، فهي تأتي من هيئة التسجيل بالجامعة لكل الطلبة من ذات التخصص، على عكس السنوات الأخرى فالطالب حر في وضع مواده، فسألتني ونحن على الغداء أمام بقية أهلي، تقول لي: هل تأخذين هذه المادة، قلت لها: لماذا هذا السؤال؟ أجابتني قائلة: إن صديقتها التي هي من سنها تريد أن تعرف ما إن ما كانت سهلة أم لا لكي تأخذها السنة القادمة، إنني أعرف صديقتها وأعرف أن صديقتها الآن في مرحلة البكالوريوس، من الطبيعي أنها قد اجتازت هذه المادة، فقد جاوبتها حينها بأنني لا آخذها دون أن أعلم ما هو هدفها الحقيقي، ولكن مع الكثير من هذه الحركات عرفت ما هو، قصدها فكانت تريد أن تعرف موعد الامتحان لهذه المادة وإن كانت تتعارض معها أم لا، في حين أنها تستطيع أن تسألني مباشرة، فبدأت أتعامل معها بالطريقة التي تتعامل معي تماماً، فما عدت أخبرها شيئاً، وكلما تسألني شيئاً كنت أقول لا أدري إلى أن طفح الكيل معها، ولجأت لوالدتي حيث أصبحت والدتي هي التي تسألني وتوصل لها الأخبار، وطبعاً والداي مستاءان من هذا الوضع حيث يقولون إننا إخوة، ومن المفروض أن نكون مقربين وما إلى ذلك، ولكن لا جدوى من الكلام، فأي مناقشة تثور يقع اللوم بالنهاية علي وأكون المذنبة والغلطانة وأنا التي المفروض أن أخبرها بكل شي، حتى مع محاولتي لأفهمهم الوضع وأقول لهم: كيف أختي تتصرف يردون علي بأنني شكاكة وأظن ظن السوء تجاه إخوتي، لم يعد بيدي حيلة غير أنني أعصب وأصرخ حتى إنني أصبحت أعصب وأصرخ بوجه الجميع دون أي إحساس، فبمجرد أن أشعر بأن الذي أمامي قد يسلبني حقي أو قد يضايقني، تبدأ عصبيتي ويرتفع صوتي وأبدأ بالأخذ والرد مع كل أحد، مع والدتي أو والدي أو حتى أصبحت الآن من كثر ضغط الجامعة وصعوبة التعامل بالجامعة وانتشار الواسطات لبعض الطلبة بدأت أتعامل معهم بذات الطريقة، حيث إنني أصبحت لا أسكت عن شيء، فسابقا كنت أستسلم أو أحاول عنده محاولات، أما الآن أصبحت آخذ وأعطي بالكلام حتى أحصل على حقي، فما عادت تفرق معي من هو الذي أمامي، وكلما زاد الذي أمامي قلة الاحترام أتعامل معه بذات الطريقة، أما لو كان محترماً آخذ وأعطي معه ولكن بطريقة اللطف قليلاً، وهذا أيضاً أشعر بأنه يضايقني، فكنت هادئة مع الآخرين لا أتحدث مع أحد في الوسط الخارجي، أما البيت فكنت عادية، حالي من حال إخوتي، فكنا بالمنزل نصرخ ونتشاجر، أصواتنا مرتفعة، أما بالخارج فنحن هادئات حتى أن المدرسات يخبرن والدتي بهدوئنا، ولكن الآن أصبحت طويلة اللسان، ولا يهمني أحد سواء داخل البيت أو خارجه.
لكن أريد أن أخبركم بشيء أنه بداية دخولي للجامعة في مرحلة التمهيدي حيث كنت للتو متخرجة من الثانوية كانت لدي بعض المشاكل بالمنزل، كنت غير مرتاحة ومتضايقة، ولكن بدخولي الجامعة وجدتها فرصة للتغيير وأن أجد نفسي من جديد دون الحاجة للغير، أو حتى حاجتي لأختي التي معي بالجامعة، فاعتبرت هذه المرحلة أكثر مرحلة قد استمتعت فيها، فقد كنت متفوقة بالرغم كان يصيبني نوع من الشعور بالذعر بالرسوب، فقد سمعت حينها إشاعات أن الكثير يرسب، ولكنني كنت متفوقة، وحتى كان هذا واضحاً في مدح بعض الأساتذة لي، وكنت متابعة معهم الدروس، وكذلك كانت أكثر مرحلة خرجت فيها مع صديقاتي ومرحت بالخارج، فكنا نذهب للسينما أو المطاعم أو التسوق، فقد تكونت لي بعض الصداقات التي تفككت الآن إما بسبب تصرفات إحداهن التي رأيتها لا تليق، أو بسبب تصرفات أنانية من الأخرى، أما بقية العلاقات فكانت زمالة ليست كما كنت أخرج معهما وأتحدث معهما، كذلك كنت في هذه المرحلة أتدرب على السياقة لأخذ رخصة السياقة، وكانت فعلاً فترة ممتعة، بالإضافة إلى الجدول الذي كان من نصيبي كان مريحا للغاية فكنت أداوم فقط 3 أيام بالأسبوع، باختصار كان أجمل وأحلى أوقات الدراسة دون ضغط لا نفسي ولا حتى جسدي، أما مع انتهاء هذا الفصل ودخولي للمرحلة الثانية وهي التي تتعمق في تخصص الحقوق ابتدأ الضغط النفسي للدراسة يزداد وأفكار التحويل للتخصص تراودني، ولكني لم أبادر بتغيير التخصص فاقتنعت بأنها البداية، وهذا طبيعي، وسوف أعتاد ذلك، وكذلك حالي من حال بعض الطلبة، وكان رأيهم نفسه بأنها البداية وسوف نعتاد، وسألت بعض الزميلات، كذلك أهلي فكانت الإجابة: أنت حرة -كالعادة- فلم أجد منهم مشورة صائبة.
ومع انتهاء هذه المرحلة كانت درجاتي لا بأس بها، ومع أملي أن أرفعها بالمرحلة التي تليها فلم أحقق ذلك، على العكس واجهت صعوبات كثيرة فيها، وكانت العديد من المشاكل بالمنزل تتفاقم إلى أن انخفض معدلي كثيراً، بالرغم من أنني كنت قد هيأت العديد من الأمور لكي أعود على سابق عهدي بالمدرسة، فعاهدت نفسي أن لا أغيب عن المحاضرات وأن أجلس بالأمام وحاولت أخذ المقررات السهلة أولا، ولكن لا جدوى، إلى أن أصبحت لا أعلم ماذا أفعل حتى أن اليأس قد سيطر علي، وأهلي لا يعلمون بكل مشاكلي بالجامعة سوى لومي بأنني من أختلق مشاكل المنزل، وأن وجهي دائم العبوس وأنني لا أتقرب من إخوتي، بالوقت الذي كنت أعاني الكثير بحياتي الدراسية والجامعية التي هي أهم شيء سوف ينقذني بالمستقبل، فقررت حينها أن أخرج بالدبلوم فقط أو أشتغل أي شيء بسيط ثم أحاول تكملة البكالوريوس مع خوفي الشديد أن أفقد عزيمة الدراسة ولا أواصل، فالكثير كانوا يفكرون هكذا، وعملوا ثم لم ينهوا دراستهم حيث أصابهم نوع من البرود والفتور وعدم الرغبة بالدراسة طالما أن الوظيفة موجودة، فقررت يوماً أن أخبر والداي بهذا الأمر أنني سوف أتخرج بالدبلوم حالياً وثم أواصل، فعندما أخبرتهم كانت ردة فعلهم باردة جداً، ولا كأنني ابنتهم التي سوف يضيع مستقبلها، فقالوا لي بكل برود: أنت حرة، هذا أمر راجع لك، فهم لا يملكون المادة لكي أدرس بالخارج أو حتى أدرس بجامعة خاصة بالدولة تكون أنظمتها ليست متشددة كما جامعتنا، وسبب ذلك هو شرائهم أرضاً وبناؤهم منزلاً كبيراً جداً أكبر بكثير من منزل الإيجار الذي كنا نسكنه، حيث ببناء المنزل ليس فقط لم يعد والداي يملكان المال لدراستنا، بل حتى لسيارة جديدة لكي تنتهي مشاكل السيارة، فنحن ثلاث أخوات لديها رخصة قيادة، وكل واحد منا لها مشوارها، ويحدث الصراع على السيارة حتى بيني وبين أختي التي معي بالجامعة، حيث قد تكون محاضرتي الأولى قبلها وتكون هي بعدي، أو قد أنتهي بعدها وهي قبلي، ومن أحد حلول والداي هو أن أتنازل أنا، وليس أختي، حيث محاضرتي بأحد الفصول كانت تسبق محاضراتها فكانوا يقولون لي: اذهبي أنت بالباص، فقد رفضت ذلك لأنني كنت أذهب بالباص أيام الفصل التمهيدي فلم أكن أملك رخصة، وكنت أعاني بالصيف من الحر فلم يكن مكيفا وبالشتاء من الأمطار التي تتسخ بها ملابسي إلى أن أصل للباص، ولم أكن أقول شيئاً فكان بإمكان أختي أن توصلني للجامعة لأنها كانت تمتلك رخصة القيادة، وكانت حينها هي التي تقود السيارة أكثر شخص بسبب متطلبات الجامعة، فلما حصلت على الرخصة رفضت الذهاب بالباص، وعندما أيضاً انقلبت مواعيد المحاضرات حيث أصبحت محاضرتي متأخرة وأختي تسبقني، فكان نفس الكلام يوجه لي أيضاً فقال لي والداي: اذهبي أنت بالباص، وحتى مع شرحي لهم لم يجد نفعاً، ولكنني أيضاً تمسكت بكلمتي ولم أذهب بالباص ولكن كانت الصراعات مستمرة على السيارة، فمرة كنت أتأخر ومرة أخرى على بترول السيارة ومن الذي سيدفع، ومرة أنني قد عطلت أختي على الرجوع وما إلى ذلك.
وهكذا عندما وجدت نفسي بضيق كبير بسبب الجامعة، لم أستطع أن أكابر فكنت دائماً من أيام المدرسة معتادة أن أخبر والدتي بكل صغيرة وكبيرة تحدث لي، وأن آخذ رأيها في كل شيء، ولكن بسبب تغير والدتي علي، بالإضافة قلت إنني سوف أعتمد في كل شيء على نفسي دون حاجة الآخرين، وأيضاً تعليق إخوتي بأنني دائماً مع أمي، وأيضاً انزعاجي من أمي في أمور أقولها لها وأحلفها أن لا تخبرها لأحد فإنني أعتبرها الصديقة لي والمرشدة والأم وأخبرها بكل شيء لكي أكون مرتاحة، فكانت تخبر إخوتي بها، فلذلك كله تعهدت على نفسي أن لا أخبرها بشيء، وسوف أعتمد على نفسي، ومع كل مشاكلي الجامعية لم أعد أكابر، وصارحت والداي بالأمر بأنني سوف أتخرج بدبلوم فقالوا لي: أنت حرة، فنحن لا نملك المال لكي تدخلي جامعة أخرى، ومع إحباطي الشديد ودون الشعور بالاهتمام والشعور بالإهمال من قبل أهلي، ناقشت بعضاً من زميلاتي بالأمر وما زلت محتارة، حتى إنني حاولت العمل والدراسة معاً، فوجدت بأن هذا يأخذ من طاقتي كثيراً فلن أكون قادرة على متابعة دروسي، وهكذا سوف ينخفض معدلي أكثر، حيث إنني سوف أذهب للعمل وسوف أحضر محاضراتي، ولكنني لن أكون مستوعبة شيئاً بسبب التعب، وكأنما أسجل حضوراً، وسأعود إلى المنزل مباشرة للنوم، حتى إنه لن يكون هناك وقت للجلوس مع أهلي، وكأنما أجلس معهم الآن، فأنا دائماً في غرفتي لوحدي أو على جهاز الكمبيوتر.
لقد أطلت كثيراً بالحديث، ومع هذا لم أكمل بقية مشاكلي ولم أتحدث عن مشاكل المنزل، بالرغم قد لمحت لبعضها وهو اللوم المستمر والشعور بالإهمال ولكن ليس هذا ما يحدث بالمنزل، فهناك الكثير، أما عن مشاكلي الجامعية، فأظنني قلت معظمها وشرحتها نوعاً من التفصيل أملاً في مساعدتي، فبعد أن أحصل على رد منكم سوف أتحدث عن مشاكلي المنزلية.
مني لكم جزيل الشكر.
وأنتظر مشورتكم بفارغ الصبر.
بنت البحرين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ بنت البحرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك التوفيق والنجاح والسعادة والفلاح، ونسأله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،
فقد أعجبني حرصك على الاعتماد على النفس، والإصرار على مواصلة الدراسة، وأنتِ بلا شك قادرة -بإذن الله- على مواصلة الدراسة والنجاح فيها، وأرجو أن تكوني الأفضل في معاملة أختك، وليس عيباً أن يصير الإنسان على أذى وسوء معاملة بعض أفراد أسرته، بل هذا هو المطلوب من المسلم أن يعفو ويصفح، وهذا نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بعد أن فعل به إخوته ما فعلوا، قال لهم في نهاية المطاف: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))[يوسف:92]، وإذا لم يتسامح الإنسان مع إخوته فمع من يكون التسامح والعفو والملاطفة!
وأرجو أن تحمدي الله الذي أوصلك إلى الجامعة، ورزقك التفوق في دراستك، فإن الإنسان ينال المزيد بشكره لله المجيد، وإذا حرصت على ذكر الله وشكره وحرصت على تلاوة كتابه، وواظبت على الصلوات، وراقبت رب الأرض والسماوات، فلن تحتاجي لزيارة الطبيب، وسوف نكون نحن في خدمة إخواننا وأخواتنا، وهذا واجب يمليه علينا انتماؤنا لهذا الدين الذي يجعلنا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
ونحن ننصحك بمواصلة الدراسة، والاجتهاد في المذاكرة، ثم التوكل على الله واهب النجاح والفلاح.
وأرجو أن تحاولي دائماً الفصل بين ما يحدث في المنزل وبين مستقبلك ودراستك، وقلَّ أن يخلو بيت من مشاكل، ولكن الناس يحصروا المشاكل في إطارها الزمني والمكاني، ويعطوها حجمها الحقيقي، وإذا أرادت أختك أن تعرف أخبارك من وراء ظهرك فاحرصي على إخبارها بها مباشرة؛ لأن في ذلك علاجٌ حاسم لهذا الإشكال، واحرصي على الاستمرار في العلاقات الجميلة مع الوالدة التي أمرتك شريعة الله بالإحسان إليها.
ولا أظن أن هناك تخصصاً صعباً، ولكن الإنسان عليه أن يجتهد ويحاول ويكرر المحاولات حتى تفتح له الأبواب، وقد جربت حلاوة النجاح في الأيام التي اجتهدت فيها، ولم تشغلي نفسك بما قيل وبما يقال.
أما الدراسة في خارج البلد، ففيها صعوبة خاصة مع البنات، وإذا وجد الإنسان فرصة للتعلم في بلده، فهذه نعمة عظمى، وأرجو أن تحرصي على نسيان جراحات الماضي، ولعل في هذا الذي حدث خيرٌ كثير؛ لأن من مصلحة الإنسان أن يتعلم ويحاول بنفسه، ويخوض التجارب العلمية المختلفة، ولا شك أن تلك الصعوبات تُقابل كل دارس جديد بالجامعات، ولكن سرعان ما تُصبح الأمور ميسورة، وما أحسن ما جاء في المثل: لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمك.
وأرجو أن تعلمي أن ما يحدث بين الأخوات شيءٌ طبيعي، خاصةً إذا كان في البيت تفريق في المعاملة، وأظن أن الوالدة تُفضلك على أخواتك، وهذا يجلب لك الأتعاب، وكل هذه المواقف سوف تصبح غداً مجرد ذكريات، وسوف تذهب كل واحدة منكن لتعيش حياتها الجديدة في وظيفتها وفي بيت زوجها.
وأرجو أن تدفعك هذه الظروف للخروج عن حياة المنزل مع الأسرة والارتماء في أحضان الصديقات، وقد أسعدني حرصك على مفارقة بعض الصديقات عندما ظهر لك منهنَّ ما يريب، وهذا دليلٌ على كمال أدبك وحسن تصرفك، ولست أدري لماذا أزعجك قولهم لك: (أنتِ حرة...)!؟ مع أنهم أرادوا عدم التدخل وإعطائك مطلق الحرية، وليس في ذلك ما يدل على الإهمال، ولكن الأهل لا يفهمون أن من تسأل مثل هذا السؤال لا تريد الإجابة المباشرة، ولكنها تسعد بالمشاركة والحوار والتشجيع، وهذه ناحية نفسية يجهلها معظم الناس، وهي السبب في كثير من المشاكل الزوجية، فإن المرأة التي تشكو من صعوبة الدراسة لا تريد أن يقول لها الناس أنتِ حرة ..اتركي الدراسة، ولكن الصواب أن نقول لها: سوف يوفقك الله..أنتِ قادرةٌ على النجاح، ومن طلب المعالي سهر الليالي، وكذلك المرأة التي تشكو من تعب الأطفال لا تريد أن يقول الزوج: سوف أحضر لك خادمة وأنتِ رفضت ولا تتعبي نفسك، ولكن الصواب أن يخفف عليها، وأن يعترف لها بصعوبة المهمة، وأن يعطيها فرصة للشكوى وإفراغ ما في نفسها.
وفقك الله لكل خير.