أفكار الموت تسيطر علي دون إرادتي، كيف أتخلص منها؟
2019-10-16 04:55:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
توفي والدي منذ 8 أشهر، ومنذ ذلك الحين أصبت بوسواس الموت، بدأت تتسلط علي أفكار رغماً عني، وتتردد طول اليوم، مثل أن أحدد يوماً وأقول إني سأموت فيه أو إن خرجت سأموت..الخ، ثم أصرخ قائلة اصمتي، محاولة لأوقف الصوت الداخلي، وأصبحتأعتبر كل حدث هو إشارة لموتي، إذا مات أحد أقول: أنا القادم، وتتسلط علي الفكرة، أو إذا مرضت أقول: إني سأموت بهذا المرض، حتى لو كان بسيطاً.
في نفس يوم وفاة والدي توقعت أنه سيموت ومات فعلاً، وكان مريضاً جداً، وبدأت أخاف من أعراض مرضه أو من توقعاتي أو تخيلاتي! لا أعلم هل أنا مصابة بالوسواس؟! لقد بحثت بالأنترنت ووجدت أنه من الشيطان، ويتعلق بالعقيدة فقط!
بدأت أدعو على نفسي بداخلي رغماً عني، أقول الكلام بداخلي ثم أفزع وكأني لست أنا من قلته! وكأنه هناك شخص بداخلي يتحدث ثم أستغفر وأبكي أو أتوقع أموراً أو أفسرها تفسيرات سيئة ثم أفزع وأبكي وأدعو الله أن لا يحققها.
أتحاور مع كثير من الأفكار بصوت مسموع، عندما أكون لوحدي وأحاول أقنع نفسي أنها غير صحيحة، لكن لا فائدة، الفكرة تكبر وتتمدد وتتسلط أكثر.
سأصاب بالجنون فعلياً، ويبقى سؤال يحيرني طول الوقت، من المتحدث بداخلي نفسي أم الشيطان؟ هل يؤاخذني الله؟ هل سيُصبِح ما أقوله بداخلي حقيقة؟
أرجو إجابتي مشكورين، فأنا منذ فترة أحاول المشاركة في موقعكم، بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لوالدك الرحمة ولجميع موتى المسلمين.
الذي تعانين منه هو نوع من القلق الوسواسي، وغالبًا هو يكون تعبيرًا عن الحزن لفقد الوالد، وهذه الأحداث الحياتية كثيرًا ما تؤثّر في وجدان الناس، وقد تظهر أعراض نفسية خاملة وكامنة، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.
أول ما أنصحك به هو أن تدعي الله تعالى لوالدك بالرحمة، هذا أمر مهم جدًّا، وأن تكوني أكثر إصرارًا على أن تعيشي حياة إيجابية سليمة، وتحقّري هذه الأفكار، ولا تناقشيها، ولا تحاوريها، خاصة الأفكار ذات الطابع الديني، الأفكار التي تأتيك عن الذات الإلهية - على وجه الخصوص - تعاملي معها بصرامة، من خلال تحقيرها، مخاطبة الفكرة (أنتِ فكرة وسواسية، حقيرة، أنت فكرة شيطانية، أنا لن أهتمّ بك أبدًا) وتعظمي الله تعالى بقلبك وبلسانك، وتقولي: "تعالى الله عمَّا يأتي في نفسي علوًّا كبيرًا"، وتقولي أيضًا آيات أول سورة الحديد {سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهل على كل شيء قدير* هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم...}، وآخر سورة الحشر {هو الله الذي لا إله إلَّا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ...}، وغيرها من الآيات التي فيها تمجيد لله تعالى وتعظيم، وانصرفي عن الفكرة الوسواسية، وانتهي، وقولي: (آمنت بالله)، واصرفي انتباهك أيضًا بأن تشغلي نفسك بشيء آخر مفيد، بأن تقومي مثلاً ببعض التمارين الرياضية، أو التمارين الاسترخائية، أو قراءة شيء، أو عمل في البيت، أو الاتصال بصديقة.
صرف الانتباه مهمٌّ جدًّا، لأن الإنسان إذا تماشى مع الأفكار القلقية الوسواسية وبدأ في حوارها سوف يجعلها أكثر إلحاحًا واستحواذًا وتمكُّنًا.
الرياضة مهمة جدًّا لك، لأن الرياضة تؤدي إلى استرخاء نفسي واسترخاء جسدي كبير.
بالنسبة لما ذكرته أنك توقعت والدك ومات بالفعل في نفس اليوم: هذه التوقعات تحدث، والمرض الذي ينتهي بالموت واضح وظاهر، وحتى إن لم يكن ظاهرًا قد تأتي للإنسان خواطر مثل الذي أتاك، فهذا لا يعني شيئًا كبيرًا، لا أريدك أن تتوقفي عند هذا الأمر كثيرًا أبدًا.
حسن إدارة الوقت مهمٌّ جدًّا، لا تتركي مجالاً للفراغ أبدًا، كوني نشطة في داخل البيت، كوني إنسانة ساعية دائمًا لتطوير شؤون أسرتك، الاطلاع والقراءة واكتساب المعرفة والعلم ترفع من قدر الإنسان كثيرًا، الصلاة في وقتها، الورد القرآني اليومي، التفقّه في الدين أمرٌ واجبٌ ومطلوب، والتمارين الرياضية والاسترخائية أنا أركز عليها كثيرًا، لأني أعرفُ فائدتها.
أيها الفاضلة الكريمة: احرصي - على التمارين الرياضية والتمارين الاسترخائية - حرصًا شديدًا، وستجدين من تلك التمارين - إن شاء الله تعالى - نفعًا عظيمًا.
إذًا هذه هي الأشياء التي أنصحك بها، وأريدك أن تجعلي هذا هو منهجك العلاجي، لا تتوجسي، لا تتبعي الفكر الوسواسي أبدًا، وسيكون جميلاً قطعًا إذا أيضًا ذهبت إلى طبيب نفسي ليصف لك أحد الأدوية المضادة لقلق الوساوس، عقار مثل الـ (زولفت) أو الـ (بروزاك) سيكون أحدهما مفيدًا جدًّا لك، وتحتاجين لأحدهما بجرعة صغيرة، ولمدة ليست طويلة أبدًا.
إذًا هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.