أشعر أن في داخلي شخصان: عاطفي ومنطقي، فما سبب ذلك؟
2019-10-09 04:37:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا طالب جامعي، أعيش وحيدا، قليل الخروج منذ الصغر، تصرفاتي طبيعية عند الخروج من الأصدقاء، أضحك وأتكلم، لكن عندما أعود أرجع للحزن والشعور بالملل، حتى صرت جامدا بلا مشاعر، وكرهت الحياة، وأشعر بالاكتئاب دائما، وأخاف من الوقوف أمام مجموعة، أو المشي في الأماكن العامة كالمطاعم والأسواق، وأشعر بتبلد المشاعر، حيث ماتت والدة صديقي ومات عمي ولم أهتم للأمر، حتى لو تعرضت لمكروه فلا أهتم، أحس أن الحياة لعبة وعقبات، علما أني لا أستطيع مراجعة الطبيب النفسي بسبب أحوالي المالية، والحقيقة لا أعلم ما هي مشكلتي؟
أعاني من تشوهات في الوجه لذلك أخاف الأماكن العامة، وأشعر بالاكتئاب، وتم التنمر علي في مواقف مختلفة وفي أوقات متفاوتة من حياتي.
أقضي أسبوعا لا أتكلم مع أحد، حيث أقيم في السكن الجامعي بعيدا عن أسرتي، لكني أتكلم مع الغرباء في مواقع التواصل الاجتماعي، أموري الجامعية ودراستي جيدة، ولكني مرهق من العيش، أضرب نفسي أحيانا عندما أؤدي الدراسة بطريقة سيئة أو أبكي، أتمنى أن تكون مشكلتي واضحة بالنسبة لكم.
لا أعاني من الوسواس القهري، وأنا شخص ذكي جداً حسب ما يصفني أصدقائي، رغم أن ذاكرتي ضعيفة قليلا، أشعر أن هنالك شخصان في داخلي، شخص عاطفي لا أسمعه، وشخص منطقي، وآخر مكسور، هل هناك دواء يزيل الرهاب الاجتماعي والاكتئاب؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
في مثل سِنّك قد يتعرض الإنسان - أو الشاب - لتغيرات نفسية وفسيولوجية ووجدانية واجتماعية كثيرة، وما تعاني منه من ميول للعزلة وبعض أعراض القلق وربما المخاوف أيضًا والوسوسة، وشيء من عُسر المزاج - لا أريد أن أصفه بالاكتئاب - وفي بعض الأحيان تكون غير مهتمٍّ بأمورٍ هامَّة - كما ذكرتَ - : هذا يأتي تحت نطاق ما نُسمّيه بالاضطرابات الوجدانية البسيطة، وكل الذي تحتاجه هو أن تُغيّر نمط حياتك.
الإنسان عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، الفكر السلبي يجب أن نُحوّله إلى فكرٍ إيجابي، وإذا فشلنا في ذلك يجب أن نحرص على أداء واجباتنا، أي: نحرص على أن نكون فعّالين مهما كانت مشاعرنا وأفكارنا. الصلاة في وقتها يعني الصلاة في وقتها، أن أستيقظ في الوقت المحدد، أن أدرس في وقتٍ معلومٍ ولوقت معلومٍ يجب أن أقوم بذلك، أن أرفّه نفسي وأن أخرج يجب أن أقوم بذلك، أن أمارس الرياضة فيجب أخذ القرار في ممارسة الرياضة، وهكذا.
أنا أعتقد أنك محتاج لأن تُحدد جداول يومية، تُدير من خلالها وقتك، وتُحفّز نفسك من خلال الإصرار على الإنجاز، وأن تعرف أن التعريض والتعرُّض الاجتماعي الإيجابي هو الذي يفيدك، بمعنى: أن تكون رياضتك رياضة جماعية مع شباب، الحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، أن تنام ليلاً مبكّرًا، أن تستيقظ مبكّرًا، أن تذهب إلى مرفقك الدراسي مبكّرًا، وأن تكون جالسًا في الصف الأول، هذا - يا أخي - تغييرٌ كاملٌ لنمط الحياة، وهذا يؤدي إلى إزالة الشوائب النفسية والقلق والخوف والتوتر.
هذه هي الوسائل العلاجية التأهيلية المتاحة، وأنا قناعتي بها حقيقة قناعة راسخة جدًّا، أفضل من الأدوية كثيرًا، الدواء نعم قد يحتاج له الإنسان، لكن يجب ألَّا يعتقد أنه هو المكوّن أو المحور الرئيسي الأساسي، خاصّة في مثل حالتك، نعم في أمراضٍ شديدة - كالفصام مثلاً - الدواء يُعتبر هو خطّ العلاج الرئيسي، ثم تأتي الأمور الإرشادية والتأهيلية الأخرى، لكن في حالتك التطبُّع الإيجابي، والتفكير الإيجابي، وتغيير نمط الحياة، وأن تجعل حياتك إيجابية هو خط العلاج الرئيسي.
بر الوالدين مهمٌّ جدًّا؛ لأنه يُحفّز النفس نحو الخير ونحو الانعتاق التام من التشاؤم والتذمُّر وافتقاد الفعالية النفسية.
أنت في إمكانك أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، وتحتاج لمقابلة أو مقابلتين، ليس أكثر من ذلك، ويمكن أن يصف لك دواء واحد مثل الـ (سيرترالين) مثلاً، والذي يُسمَّى (زولفت) وربما يكون تحت مسميات تجارية أخرى.
السبرالكس أيضًا يُعتبر من الأدوية المثالية لحالتك هذه، لكن اذهب إلى الطبيب، ودعه يُقرِّر ويصف ما يفيدك من أدوية، و-إن شاء الله- تجده، وارجو أن تأخذ بما ذكرناه لك من إرشاد، وأتمنى أن نسمع عنك كل خير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.