عاهدت الله تعالى أن أترك أفلام الكرتون، فكيف أفي بعهدي؟
2019-02-10 04:38:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
عاهدت الله أن أترك الأنمي ولكن لا أظن أنني أستطيع تركه للأبد.
ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يتقبل توبتك وأن يثبتك على الحق، والجواب على ما ذكرت:
- إذا كانت هذه "الأنمي" الأفلام الكرتونية فيها أمور محرمة أو تضييع الوقت، فقد شرع لنا عند حصول الذنب التوبة إلى الله تعالى توبة صادقة، فإذا فعلنا ذلك محي عنا ذلك الذنب، فإن عدنا وجب توبة أخرى، وهكذا.
- وإذا كنت تخافين من العودة إليها مرة أخرى، فإن هذا الخوف يزول عنك إذا أخذت بالوسائل المعينة، ومن ذلك:
* المداومة على عمل الصالحات: قال تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وروى أحمد والترمذي عن معاذ قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).
* استشعار قبح الذنب وضرره في الدنيا والآخرة.
* الابتعاد عن مكان المعصية، وعن الرفقة السيئة التي تذكر بها، ولزوم مجالسة الصالحات، فقد جاء في جواب العالم لقاتل المائة نفس كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء).
*المداومة على ذكر الله تعالى.
* وأما مسألة معاهدة الله التي حصلت منك بألا تعودي، فهذا لم يكن لازما عليك أن تفعليه، وأرجو أن لا تكرري هذا مرة أخرى، وإذا عدت إليها مرة أخرى بعد هذا العهد، فيلزم عليك التوبة من الذنب، وكفارة يمين إطعام عشرة مساكين، لأن العهد نذر، ومن لم يوف بالنذر يلزمه كفارة يمين.
وفقك الله لمرضاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: مراد القدسي، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة الدكتور: عقيل المقطري، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمرحبا بك -ابنتي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
- هذه الأفلام الكرتونية منشؤوها ليس بلدا إسلاميا، ولا تحافظ على المعايير التي تتفق مع عقيدتنا وأخلاقنا وثوابتنا، ولذلك فأكثرها مليء بالمخالفات الشرعية مثل تقليد استعمال السحر والدعوة لممارسته، والاستعانة بقوى خارقة مزعومة وألفاظ وأفعال شركية، وإظهار لشرب الخمر والمخدرات، وفيها من المخالفات الأخلاقية والسلوكية الشيء الكثير.
- تتفاوت تلك المخالفات من فيلم إلى آخر فيصل ببعضها إلى التحريم، كالتي تدعو إلى الرذيلة، والأمر المؤسف أن بعض هذه الأفلام يتم ترجمتها حرفيا.
- تلك الأفلام تعلم البذاءة في الألفاظ والتعري، وعقد الصداقات المحرمة، والتمرد على الأسرة والكذب وغير ذلك.
- هنالك أفلام استطاع المترجمون أن يوظفوها توظيفا صحيحا يتوافق مع القيم الإسلامية؛ لأنهم نظروا إلى أن الأبناء صاروا متعلقين بهذه الأفلام فأوجدوا لهم البديل الملائم فجزاهم الله خيرا.
- لا شك أن تهاون الآباء في الرقابة على تلك الأفلام وضحالة ثقافتهم الإسلامية، وعدم إتيانهم بالبدائل السليمة لأبنائهم أسهمت إلى حد كبير في تعلق الأبناء بهذه الأفلام، وربما شوهت سلوكياتهم وأخلاقياتهم.
- من مضار الإدمان على هذه الأفلام أنها تعطل تفكير الأبناء وتجعلهم يعيشون في عالم خيالي لا يمت للواقع بصلة، وربما أوقفت عقول كثير منهم فصار عمر الولد في العشرين لكن تفكيره تفكير ابن ثمان سنين.
- من أسباب التعلق بهذه الأفلام وجود الفراغ وعدم استثمار الوقت استثمارا صحيحا، ولذلك فمن العلاجات النافعة أن تبدئي بجدول عملي متدرج بحيث تستقطعين من أوقات المشاهدة أوقاتا للقراءة في كتاب الله تعالى وتفسيره، وقراءة السنة النبوية وشروحاتها، وكذلك القراءة في الكتب العلمية المفيدة.
- اتجهي إلى مشاهدة النافع من الأفلام والمسلسلات كالأفلام الوثائقية والمسلسلات التي تحاكي تاريخ الإسلام، وليكن ذلك باعتدال فلا نريد أن تنتقلي من إدمان إلى إدمان آخر.
- ليكن لك برنامج تعبدي تستقطعين وقته من وقت مشاهدة هذه الأفلام، فبتقليل وقت المشاهدة بالتدريج ستستطيعين التخلص منها بإذن الله تعالى.
- لا تعط نفسك الرسائل السلبية بأنك لا تقدرين بل تقدرين على ذلك دون أدنى شك، ألا ترين أنك إن سافرت لا تبالي بذلك فعليك أن تعط نفسك الرسائل الإيجابية بأنك قادرة على تغيير حالك وصدق الله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
- يجب أن تكوني أنت المتحكمة بنفسك وأهوائها، ولا تطلقي لها العنان تنفذ ما تريد وعليك أن توازني الأمور، وتحسبي للمآلات ألف حساب (بل الإنسان على نفسه بصيرة)، (كل امرئ بما كسب رهين).
أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى وأن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فقوة الإيمان تولد في النفس حاجزا يمنع الإنسان من ارتكاب ما يغضب الله تعالى.
- الوقت هو رأس مال الإنسان، وسيسأل عنه بين يدي الله تعالى ففي الحديث: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه).
- لن يندم الإنسان بعد الموت على شيء مثل ندمه على التفريط في عمره، يقول تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
- لقد خلقنا الله للعبادة ولم يخلقنا للعب واللهو يقول تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، ويقول: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).
أوصيك بأن يكون لك كل يوم ورد من تلاوة القرآن الكريم، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة، فذلك من أسباب طمأنينة القلب يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- العهد حكمه حكم اليمين فإن عدت لمشاهدتها فعليك كفارة يمين، وما ينبغي لك أن تفعلي ذلك، بل اعزمي على الترك واعملي بالأسباب وسلي الله التوفيق.
نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.