كيف نتعامل مع مريض التصلب اللويحي ونعالجه؟
2019-01-28 09:40:03 | إسلام ويب
السؤال:
فتاة بعمر 23 سنة، متزوجة، لديها تنمل في الأطراف مع شعور بالألم، خضعت للرقية الشرعية مرتين، في الأولى اختفى الألم تماما لمدة يومين، ثم بعد أسبوع عند راق آخر أخذت تتقيأ كالرغوة، وفي فمها طعم الصابون، وأحست بألم كثير، ثم بعد دلك خضعت للعلاج، وعملت تصويرا بالرنين المغناطيسي، ووجدوا التهابا في النخاع الشوكي، وأخذت الدواء وشفيت تماما، ثم بعد سنة حدث ثقل على مستوى الجهة اليمنى من الجسم، وعدم القدرة على الحركة، وخضعت للتصوير بالرنين المغناطيسي، ووجدوا أن الالتهاب أصبح في المخ والمخيخ والنخاع الشوكي على مستوى الأعصاب، وتم التشخيص بالتصلب اللويحي، وسؤالي هو:
- هل يمكن أن يؤدي السحر والعين إلى المرض؟
- هل هذا المرض سببه سحر أو عين؟
- وإذا كان سحرا أو عينا هل يمكن الشفاء منه؟
على حسب معلوماتي هذا المرض ليس له علاج، ولكن توجد أدوية تقلل من حدة الهجمات، ولكن لديها آثار جانبية كثيرة، ولا يستجيب لها كل المرض، وهناك أيضا العلاج الطبيعي، ويوجد تحسن وأعطى نتائج إيجابية.
ما نصيحتكم عن كيفية التعامل مع الحالة؟
علماً بأنها حتى الآن تعاني صعوبة في المشي.
هل يمكنها الحمل والإنجاب؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مالك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
كما تعلم فإن التصلب اللويحي المتعدد مرض غير معروف السبب، ويُعتبر واحدًا من أمراض المناعة الذاتية، وهي التي يهاجم فيها جهاز المناعة أنسجة الجسم نفسه.
في هذا المرض تكون المضادات ضد غشاء الميالين (المادة الدهنية التي تغطي وتحمي محاور الألياف العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، وهذا يؤدي إلى توقف هذه الألياف العصبية عن العمل، وبالتالي تحصل الأعراض، والتي تكون كما هي عند هذه المريضة من ضعف في الأطراف، أو تنميل، أو شلل وعدم القدرة على السير بشكل مستقل، ويمكن أن يحصل تكرر في الأعراض بعد فترة من تحسن الأعراض، بينما يمكن أن يشهد آخرون فترات طويلة من الاستقرار دون حدوث أي أعراض جديدة، ومن الأعراض أيضا الرؤية المزدوجة، والإحساس بالصدمة الكهربائية تسري في الجسم بالإضافة إلى الإرهاق والدوخة.
يعاني معظم الأشخاص المصابين بمرض التصلب المتعدد من انتكاس مسار المرض أحيانا، وتحسن الأعراض في أحيان أخرى، فهم يعانون فترات من أعراض جديدة للمرض، أو انتكاسات له تتطور على مدى أيام وأسابيع، وتتحسن عادة بشكل جزئي أو كلي، ويلي هذه الانتكاسات فترات من سكون المرض التي يمكن أن تستمر لأشهر أو حتى سنوات.
أما العلاج فإنه يوجد العديد من الأدوية التي تساعد على التحكم في المرض، ومنع تكرر هجمات المرض، وهناك أيضا أدوية تساعد على التخفيف من أعراض تقلص العضلات التي يمكن أن تحصل مع المرض بالإضافة إلى العلاج الطبيعي، أي أن هناك علاجا للمرض إلا أنه لا يوجد علاج يشفي من المرض بشكل نهائي، فكثير من المرضى يحتاجون للاستمرار في هذه الأدوية، وفي بعض الأحيان إذا كانت الأعراض شديدة، فإنها قد تؤثر على الأعصاب مسببة ضررا مستمرا؛ لذا فإنه مهم جدا المتابعة مع طبيب مختص بأمراض المخ والأعصاب neurologist.
أما عن موضوع السحر والعين، فأحيل ذلك إلى الإخوة المختصين بذلك.
نرجو من الله لها الشفاء والمعافاة.
___________
انتهت إجابة د. محمد حمودة. استشاري أول - باطنية وروماتيزم
وتليها إجابة الشيخ/ عقيل المقطري. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
___________
مرحباً بك -أخي الكريم- ورداً على استشارتك أقول:
علينا قبل كل شيء أن نوقن أن كل ما في هذا الكون يسير وفق قدر الله سبحانه، ولا يمكن أن يتخلف عن ذلك شيء، فمن كتب له المرض أو الشفاء، أو السعادة، أو الشقاء إلى غير ذلك فكل هذا بقدر الله تعالى كما قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال: وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.
يقول شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه: يَا أَيهَا النَّاس لَا تتهموا الله فِي قَضَائِهِ فَإِن الله لَا يَبْغِي على مُؤمن فَإِذا نزل بأحدكم شَيْء مِمَّا يحب فليحمد الله وَإِذا نزل بِهِ شَيْء يكره فليصبر وليحتسب فَإِن الله عِنْده حسن الثَّوَاب.
للحسد والعين والسحر تأثير على البدن والروح معا، وهذا أمر لا ينكره إلا من لم يتذوق نصوص الشرع من القرآن والسنة، فلقد أنزل الله تعالى آيات تتحدث عن الحسد وتأمر بالاستعاذة بالله تعالى من شر الحساد، وما ذلك إلا لما في ذلك من الضرر على الإنسان.
ثبتت النصوص النبوية التي تفيد بأن العين حق، وأن الحسد واقع ملموس، وأن ضرر ذلك كبير في الحال والمآل.
يقول الله تعالى: (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه)، فما أمر الله بأن يقول الرجل ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا لما للعين من تأثير فيؤثر على الزرع والثمر فكيف على البشر.
يقول عليه الصلاة والسلام: (ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليُبَرِّك عليه، فإن العين حق)، وفي حديث آخر (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق)، ويقول صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة من أهلٍ ومالٍ وولدٍ فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى آفة دون الموت).
قال العلامة ابن كثير: قال بعض السلف: "من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين "، وأخرج مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)، وفي حديث أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟، قال: (نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).
وقال نبينا عليه الصلاة والسلام كما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر) فانظر كيف أن العين تمرض الإنسان والحيوان وتؤدي بالرجل إلى الموت وبالحيوان إلى أن يتداركه أهله بالذبح خوفا من الهلاك.
في مسند الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل : يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ ، قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت، ثم قال له: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس، فانظر كيف أثرت العين على سهل حتى أصيب بما يشبه الشلل.
أنصح بالبحث عن راق أمين وثقة لتشخيص حالة هذه الفتاة فإن تبين أنها قد أصيبت بالعين أو الحسد وكان أهلها يتهمون أشخاصا محددين، فالعلاج الناجع في مثل هذه الحال أن يطلب منهم أن يغتسلوا كما مر في الحديث، وإن لم يكونوا يتهمون أحدا بعينه فعليهم بالرقية حتى تبرأ بإذن الله تعالى، ويمكنهم أن يرقوها بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( لا رقية إلا من عين أو حمة )، والحمة اللدغة، وجاء جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ( باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك ).
لست ممن يعلق كل شيء بالعين والحسد والسحر، ودائما أنصح بالكشف الطبي قبل كل شيء، فإن تبين أن كل شيء سليم، فهنا أنصح بالرقية، مع أن الرقية تنفع بإذن الله تعالى وكذلك سماع القرآن الكريم وصدق الله إذ قال: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) وقال: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) وقد أثبتت الدراسات المعاصرة أن سماع المريض للقرآن يقوي مناعة المريض، فيتماثل للشفاء، وهذا من أسرار ومعجزات القرآن الكريم.
أنصح بأن يسير أهل هذه الفتاة بالمسارين بشكل متوازي ومتوازن فيعالجونها لدى الأطباء، خاصة وأن التشخيص يفيد بأنها تعاني من مرض عضوي، وإذا كانوا لا يعرفون أسبابه، فقد يكون من أسباب ذلك تأثير العين والحسد، ولا مانع من ذلك وكذلك يعالجونها بالرقية الشرعية.
على هذه الفتاة وعلى والديها خاصة ألا يغفلوا عن التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى أثناء السجود، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأن يسألوا الله تعالى لها الشفاء.
الصدقة لها تأثيرها كما قال عليه الصلاة والسلام: (داووا مرضاكم بالصدقة).
ماء زمزم فيه شفاء كما قال عليه الصلاة والسلام: (ماء زمزم لما شرب له)، وقال: (زمزم طعام طعم وشفاء سقم)، وفي العسل شفاء: (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
أفضل طريقة لاستخدام العسل هي أن يخلط المريض ملعقة من العسل، مع نصف كوب من الماء، ثم يشربه على الريق، ولا يتناول أي شيء بعده لمدة ساعتين يفعل ذلك يومين، ثم بعد ذلك يأخذ ملعقة من العسل دون أن يخلطها بالماء، ولا يأكل ولا يشرب شيئا لمدة ساعتين.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لهذه الفتاة الشفاء العاجل إنه سميع مجيب.