نصائح وتوجيهات لفتاة تعاني قسوة أمها ودعاءها عليها واتهامها بالكلام عنها
2005-07-21 10:54:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا بنت في بداية العشرينات من عمري، أعاني من ظلم أمي وقسوتها عليّ ودعائها عليّ كل يوم جمعة بإجازتها الأسبوعية، رغم أني لم أخطئ بشيء معها وأني بنت أمشي بالطريق الصحيح وأخاف الله، لكن أمي توقع المشاكل دائماً سواء معي أم مع الأقارب، وصرنا مقطوعين من جهة الأم وجهة الأب، ولم يعد لي لا عمات أشكو لهن ولا خالات ألجأ إليهن، والسبب كله من أمي، فلم يعد أحد يسأل عنا.
ومن جهة أخرى أمي تتهمني بأني أتكلم عليها لأقاربنا وأشكو من قسوتها، ولكن الحقيقة أني أخاف أن أقول لهم شيئاً؛ لأني أعرفها ستقسوا عليّ، لكنهم يرون قسوتها، وكيف تؤذيني وتضربني لأشياء لا تستحق ذلك أبداً حين كانوا يزوروننا، لكن حدثت مشاكل كثيرة بسببها حتى قطع عنا الجميع، وزادت بقسوتها عليّ، وتتخيل أشياء ليس لها وجود، فحين أفتح النت تتصور أني أقيم علاقات مع شبان، والموبايل دائماً تأخذه مني بالخفاء ظناً منها أني أتصل بشابٍ ما! وكلما تتشاجر معي تقول ذلك لأبي وتريده أن يمنعني من الإنترنت والموبايل، لكن أبي يثق بي وأحلف له بأن كل ما تقوله أوهام، والحمد لله؛ هو يصدقني؛ لأنه يعرفني جيداً ويعرف أخلاقي التي لا تسمح بأن أفعل هذه الأشياء، ويقول لي: لا تأبهي بها لأني أعرفكِ جيداً وهي تتخيل ذلك لا أكثر، فهي تقول لأبي عني أشياء غير صحيحة؛ لأنها تستمتع بضربه لي وكأنها ليست بأمي التي ولدتني!
ولا أعرف لماذا تقسوا عليّ أنا من دون إخوتي الذكور الذين تحبهم حباً شديداً؟ وكل يوم تصر على إيذائي وجعلي أخدم في البيت، فلم أحس يوماً أن لي أما حقيقية ولم أحس بحنانها؛ لأنها أهملتني منذ صغري واعتنت بإخوتي فقط، إضافة إلى دعائها عليّ كل يوم جمعة بإجازتها، تدعو عليّ أن أعيش طوال عمري حزينة وكئيبة، ولا أتزوج أبدا! وتدعو أيضاً بأن أبقى هنا في البيت أخدمها وأخدم زوجات إخوتي، وأدعية أخرى تتمناها لي وتدعوها بكل جوارحها لأني أحاول دائماً إصلاح المشاكل التي وقعت بيننا مع كل الأقارب، ولا أرضى عن الأخطاء التي تفعلها بإيذاء غيرها بكلامها، فهي هكذا دائماً مع كل الناس الذين تكرههم خاصة أنا.
وكلما يأتي شاب يريد أن يتزوجني عن طريق صديقاتي أغلق الموضوع؛ لأني إنسانة وحيدة وأمي لن ترحب به، إضافة لذلك أخجل من نفسي لو صارت خطبتي وسألني: أين أقاربكِ وأين عماتكِ وخالاتكِ؟ بماذا أجيبه؟، هل أقول له: إننا مقطوعون من جهة أبي وأمي أم ماذا؟ أكيد أنه سيتركني بعد ذلك!
إضافة لدعاء أمي المستمر بأن الله لا يوفقني ولن يكتب لي الزواج، أثر عليّ كثيراً حتى صرت أستحي أن أدعو الله بأن يرسل لي إنساناً صالحا يخلصني من ظلم أميٍ، فما عدت أدعو بذلك لأني أعرف دعوة أمي هي المستجابة، ودعائي غير مقبول؛ لأنها أمي ودعاؤها مستجاب، فحقا ذلك جعلني أيأس من الدنيا وأنا أرى جميع صديقاتي تزوجن، وهن سعيدات مع أزواجهن وأمهاتهن إلا إياي، وحيدة ليس لي أحد غير الله وغيركم، حيث أسألكم أن تساعدوني، أرجوكم، وماذا أفعل مع أمي؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ M_w حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يوفقك لم يحبه ويرضاه، وأن يقدر لك الخير، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
فإن الله برحمته لا يقبل الدعاء إذا كان فيه إثم أو قطيعة رحم، وفي ذلك يقول رسول الله عليه صلاة الله وسلامه: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)، ومع ذلك فنحن ندعوك لزيادة البر والإحسان لهذه الوالدة مع ضرورة الصبر على أذاها، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من آلام.
وعليك بكثرة الدعاء للوالدة بالهداية، واسألي الله أن يعينك على برها، كما أرجو عدم اتخاذ أسلوب العناد معها، فلا تردي لها طلباً إلا إذا كان فيه معصية لله، لكن إذا أمرتك بأمر فيه طاعة لله فعليك بطاعتها، بل والمسارعة في تنفيذ رغبتها؛ فإن أمر الوالدة بأمرٍ مندوب يرفع درجته.
وإذا تكلم الأقارب عن والدتك فلا تشاركيهم، ولا يليق بك التشكي لهم، وعليك بالصبر، وأرجو أن يساعدك والدك وإخوتك في تغيير نظرة الوالدة تجاهك.
ونحن مطالبون بالنظر في الدوافع الحقيقية وراء تصرفات الوالدة؛ لأنها غالباً ما تكون حريصة على مصالحنا وخوفها علينا وشفقتها هو الذي جعلها تتصرف بتلك الطريقة التي ربما ترتكب معها أخطاء كبيرة، ولكن العبرة بنيتها وقصدها لا بتصرفاتها وأخطائها، فالتمسي لوالدتك الأعذار فإن لم تجدي فقولي ربما كان لها عذر لا أعرفه.
ولا شك أن هناك علاقة بين قسوة الوالدة وبين تصرفاتك معها، ربما كان إخوانك يطاوعونها ويجاملونها في الخطأ والصواب، ولابد لمن يسلك طريق الخير من عقبات، قال تعالى: (( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ))[لقمان:17].
وأرجو أن تُواصلي في برك وإحسانك لأرحامك بطريقة لا تثير شكوك الوالدة أو غضبها، وسوف يعذرك الأهل والحالةُ هذه، وإذا جاءك صاحب الدين فلا تترددي في القبول به بعد الاستخارة ومشاورة والدك وأرحامك، فهم أحرص الناس على مصلحتك وأعرف منك بمعادن الرجال، ولا مانع من توضيح الصورة للخاطب، فكثير من البيوت فيها مشاكل، وإذا عرف الإنسان مصائب الآخرين هانت عليه معاناته وآلامه.
وليس من الصواب ردُّ الخطَّاب، وتذكري أنهم سوف يرتبطون بك بالدرجة الأولى وليس بالوالدة، ومعظم من يتقدم لخطبتك على معرفة بظروفك؛ فإن الرجل غالباً لا يشرع في مثل هذه الأمور حتى يعرف كل صغيرة وكبيرة، وإذا دعت الوالدة عليك فاحرصي على أن تتضرعي إلى الله وتسأليه الخير لك ولها؛ فإن الله يستجيب دعوة المظلوم ولن يخيب من يلجأ إلى الله العدل الرحيم سبحانه.
وإذا اجتهد الإنسان في طلب رضا والديه ولم يحصل عليه؛ فإن الله لا تخفى عليه خافية، وهو القائل سبحانه: (( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا ))[الإسراء:25]، ولابد أن نلاحظ أن هذه الآية جاءت بعد الدعوة للإحسان للوالدين، وفيها عزاء لمن أدى ما عليه وقام بما يرضي الله تُجاه والديه ولم يفلح في نيل رضاهما.
ولا داعي لليأس فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فاحرصي على طاعة الله، وأكثري من اللجوء إليه، وأرجو أن تقولي: (ليس لي أحدٌ غير الله ثم أنتم)، فلا يجوز أن تقولي: (الله وأنتم).
وثقي بأن طاعتك لله سوف تجعل الدنيا في خدمتك، ونحن بدورنا لن نُقصِّر مع أخواتنا وإخواننا، وهذا واجب تُمليه علينا هذه العقيدة التي تجعل المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسَّهر، فلا تيأسي واعلمي أن النهار يأتي بعد أشد اللحظات ظلاماً، والفرج يعقب الضيق، ولن يغلب عسر يسرين، فاتقي الله واصبري، وأمِّلي خيراً، وأقبلي على الحياة بروح جديدة وأمل جديد، وليس كل من تزوجت سعيدة، وإنما تنال السعادة بطاعة الله والإكثار من ذكره.
والله الموفق.