ما يساعد على ضبط الصغار
2005-07-07 14:12:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لدي ثلاثة أطفال متقاربون في السن بشكل كبير الأكبر: ثلاثة سنوات ونصف، والثاني سنتان ونصف، والثالث حوالي السنة، وكلهم ذكور، وأعاني من كيفية السيطرة على الوضع في البيت وامتصاص طاقاتهم بشكل جيد يفيدهم ويقلل من توتر الأعصاب المتواصل من خلال بكائهم وإطعامهم وتغيير ملابسهم.
حاولت مراراً أن أنظم لهم برنامجا عن طريق اللعب والزيارات والتعليم، ولكن تمر بعض الساعات التي لا أملك فيها إلا البكاء، لأني فقدت السيطرة على الوضع، وهذا العام أسوء من الماضي، فقد كانا يقضيان وقتاً بهدوء معي بشكل أكبر أما الآن فأجد نفسي عاجزة عن التعامل مع الوضع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.
إن كثرة الحركة والمشاكسات بين الأطفال تُعتبر مؤشرا إيجابياً ودليلا على خير ونبوغ في المستقبل بإذن الله، ونحن نخاف على الطفل الهادئ الذي لا يحرك ساكناً ولا يزعج من حوله، بل من واجبنا أن نبحث له عن علاج، بعكس الطفل الذي يتحرك ويركض؛ لأنه يتيح فرصا للتوجيه والتصويب والتربية.
وعندما يكون الأطفال كلهم ذكورا فإن مهمة الوالدين تزداد صعوبة؛ فإن الإناث من طبيعتهنَّ الهدوء، وعندما يكون الأطفال متقاربين في السن فإن التعامل معهم يصبح من الصعوبة بمكان، ونسأل الله أن يعينك ويسددك، وهناك بعض الأشياء التي تساعدك على ضبط الأمور؛ منها ما يلي:
1- الاهتمام بالجانب العاطفي والحرص على توزيع الاهتمام والنظرات والقبلات.
2- مشاركة الأب في التوجيه والتربية مع ضرورة الاتفاق على منهج موحد في التربية.
3- إيجاد برامج بديلة وشغلهم بالمفيد.
4- إبعاد الأشياء التي فيها خطورة من طريقهم.
5- الخروج بهم إلى الميادين والحدائق حتى يتمكنوا من اللعب والركض بحرية.
6- إذا أمكن تربية حيوانات أليفة؛ فما من نبي إلا رعى الغنم.
7- العدل بينهم، واعلمي أن العدل يصلحهم ويضبطهم ويرضيهم.
8- مراعاة الفوارق الفردية عند التوجيه.
9- إشراكهم في بعض الأعمال خاصة أعمال النظافة حتى ينتفعوا بنتائج سعيهم، ويتعودوا تحمل المسئولية، ويفضل تكليف كل طفل بنظافة مكان معين.
10- إظهار الرغبة في مساعدتهم وشكرهم على كل خطوة إيجابية مع ضرورة إشعارهم بالحب وإشباع حاجتهم للعطف، وتوفير الأمن والأمان لهم.
11- اتخاذ موقف الحياد عند الخصومات بين الأطفال مع الحرص على فك الاشتباك، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين جارتين مختصمتين وحال بينهما، ولم يقف مع أحدهما ضد الأخرى.
12- لا تعلني عجزك أمامهم أو أمام الجيران والأقارب؛ فإن ذلك يدفعهم لمزيد من الشغب.
13- معرفة الآثار الإيجابية للعب، فباللعب يكتسب الطفل مهارات، وينمو ويعرف طبيعة الأشياء، ويفرغ الطاقات، ويلبي حاجة النفس، ودورنا فقط هو اختيار المفيد.
14- معرفة فوائد المشاكسات والخصومات ومنها:
(أ) بروز شخصية الطفل.
(ب) التدريب على الاحتكاك والتفاعل مع الآخرين.
(ت) المحافظة على الممتلكات الخاصة.
(ث) فهم ((قضية)) الحرية الشخصية، مع ضرورة أن يفهم الطفل أن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
15- الاستعانة بالله واللجوء إليه؛ فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، مع الحرص على الطاعة واللقمة الحلال.
16- تجنب الدعاء عليهم وتعويد اللسان الكلمات الطيبة؛ كقولنا: "الله يهديكم ويصلحكم".
وإذا لم نترك الطفل يلعب ويتشاجر فإنه سوف ينقل هذه الأشياء إلى الخارج مستقبلاً، فتكون المشكلة الكبرى، ولذلك من الخير لنا ولهم أن يكون اللعب والاشتباك والإزعاج في البيت وتحت سمعنا وأمام أعيننا ومع إخوانه، وليس مع الآخرين أو في المدرسة أو الطريق.
ولابد مع وجود البرامج من الصبر والحرص على المتابعة والاستمرار فإن الطفل يحتاج لذلك، وأرجو أن يصحب الأب الابن الأكبر معه في بعض الأحيان إلى مواطن الخير، مع ضرورة أن تظهري لهم حاجتك إلى مساعدتهم، واستعمال الحيل المفيدة؛ فإذا اشتكوا فقولي لهم تعالوا لتساعدوني في ترتيب الأدراج؛ فإن هذا هو أفضل أسلوب لفض الاشتباك، أو تعالوا لنقرأ سورة الفاتحة، وإذا لم نشغلهم بالمفيد يشغلونا بغيره.
وأرجو أن نضع نحن البرامج ولا ننتظر من أطفالنا أن يبرمجوا لنا ونسير بحسب رغبتهم، فهم أطفال ولا يعرفون مصلحتهم، ولا داعي للقلق؛ فهذا الوضع سوف يتغير بإذن الله قريباً عندما يذهب الطفل الأكبر إلى الروضة، ويخرج مع الأب إلى المسجد والسوق.
وتذكري أن الأوساخ يمكن أن تزال، وأن الجدار يمكن أن يعاد طلاؤه، وأن البساط يمكن أن ينظف؛ فلا تقيدي حركة الأطفال وتصادري حريتهم في الحركة، واعلمي أن بيوت الأطفال تختلف عن غيرها، وتأكدي بأن كثرة القيود والتوجيهات والأوامر لا مصلحة فيها لأطفالنا، والمربي الناجح يشارك الأطفال همومهم ولعبهم، كما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم رغم أعباء الرسالة يداعب أبو عمير، فيقول: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، وكان الحسن والحسين وأبناء العباس وأبناء جعفر رضي الله عنهم يلعبون ويتسابقون ويجعلون رسول الله صلى الله عليه وسلم هدفاً لسباقهم، فيسقط هذا على ظهره وهذا على صدره وذاك على رأسه، فيحتضنهم ويقبلهم ويشاركهم في البهجة، وقد وُجد الأطفال على ظهر عمر رضي الله عنه، فلما سألوه قال: ينبغي للرجل أن يكون طفلاً مع أهله، فإذا أرادوه كان رجلاً.
ونسأل الله أن يجعلهم قرة عين لك، وأن ينفع بهم بلادهم والعباد، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.