اتهام أهلي بأني مريض نفسي جعلني أدخل دائرة المرض
2018-07-11 02:28:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
لا أعلم كيف أبدأ الحديث، ولكن نبدأ بالحمد لله على كل حال نحن فيه.
دائما أشعر بالخنقة والملل وعدم وجود هدف في حياتي، وبدأ هذا الشعور مع دخولي لكلية لا أرغب بها، وكنت قبل الكلية مهتما بالحاسوب وبرمجة الألعاب، وأحب تعلم الأشياء الجديدة، لكن أهلي اعترضوا على وضعي، واتهموني أني عديم المسئولية، علما أني كنت أحصل على المال من خلال تقديم خدمات للناس، لكنهم أصروا على أن أترك الحاسوب.
اتهموني أني مريض نفسي، ووجهوا لي كلاما قاسيا، وبسبب ذلك دخلت مرحلة الفشل، علما أني لم أكن أهتم لكلامهم في البداية، لكني في آخر الأمر تضايقت وصرت أسمعهم وأنا نائم، يرددون أني غير مسئول وخالٍ من الرجولة ومريض نفسي، وكل ذلك إذا رفضت القيام بأي شيء، أو الذهاب مع والدي للعمل.
بدأت الشكوك تدخل رأسي لدرجة أني بدأت أقتنع أني مريض نفسي، فانعزلت عن الناس، ولم أعد أخرج من البيت ولا أقوم بفعل شيء.
ذهبت لمراجعة الطبيب، وطرح علي أسئلة كثيرة، منها عن شعوري ناحية أهلي والأصدقاء، ووضحت له أني أشعر بالسعادة مع أصدقائي، وصرف لي علاج ديبرام 40، ولكن مع الوقت أصبحت لا أستطيع القيام من السرير، وأشعر بدوخة كلما أوقفت العلاج.
أصبحت أكره الواقع، بدأت أشاهد المسلسلات والأفلام، لا يوجد لدي هدف، ولا أستطيع القيام بأي شيء، حيث أتحمس لفعل شيء وسرعان ما أفقد الحماس، فهل هناك حل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك – أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وقد أحسنت حين شعرت بأنك مُطالب بأن تحمد الله سبحانه وتعالى على كل حال، والله عز وجل لا يفعل بالإنسان إلَّا ما هو خير له، {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبُّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
هناك قضايا – أيها الحبيب – ينبغي أن تنتبه لها، وهي -بإذن الله تعالى- مفتاح لمساعدتك وجلاء الأحزان عن قلبك، أول هذه الحقائق: أن الإنسان المسلم في هذه الحياة هدفه الأعظم هو الاستعداد للحياة الآخرة، فهذه الحياة الدنيا ما هي إلَّا مزرعة نزرع فيها لنحصد في آخرتنا، وحينما يغيب هذا الهدف عن الإنسان تُصبح الحياة عِبئًا ثقيلاً، أما الإنسان المسلم الذي يؤمن بالله وبالدار الآخرة فإنه يعلم أن هذه الحياة ما هي إلَّا مرحلة اختبار وامتحان واستعداد، أمَّا العيش الدائم في النعيم أو في العذاب الأليم إنما هو في الدار الآخرة، فإذا انتبهتَ لهذه الحقيقة فستعرف حينها أن لحياتك ثمنًا كبيرًا، وأن دقائق وساعات عُمرك لا يُساويها شيء، فأنت في كل دقيقة يمكن أن تكسب من الأعمال ما يكون سببًا في سعادتك سعادة دائمةً لا تنقطع.
أما الحقيقة الثانية – أيها الحبيب – علاقتك بأهلك، ينبغي أن تُدرك تمام الإدراك أن الأهل هم أرحم الناس بك، وأحرص الناس على مصالحك، فهذه الفطرة فطر الله سبحانه وتعالى عليها الناس، ومن ثمَّ فهم يفعلون ما يفعلون معك لدافع الحرص على مصالحك واختيار ما هو أنفع لك من وجهة نظرهم، فينبغي أن تتعامل مع هذا الاختيار بنوعٍ من الهدوء، بأن تدرس اختيار الأهل إذا اختاروا لك شيئًا، تدرسه بتجرُّدٍ، وتنظر في منافعه، والجوانب الإيجابية فيه، وإذا كان يُعارض ما أنت تختاره وتراه أنفع لك فينبغي أن تستشير العقلاء من الناس، فإذا قرَّرتَ أن تبقى على ما أنت عليه من الاختيار فحينها ينبغي أن تكون حسن الأسلوب في التعامل مع الأهل وإقناعهم بما اخترته، وبيان الجوانب الإيجابية فيه، وأنه يمثِّلُ الرغبة لك، وإذا بيَّنت لهم المنافع المترتبة عليه فإننا نظنُّ أنهم سيتفاعلون مع اختيارك لأن ما يفعلونه دافعه الحرص على مصالحك.
وثالثًا بالنسبة لموضوع الدراسة يجري عليه هذا الكلام السابق، وأنت ما دمت مُحبًّا لنوع من الدراسة – وهي دراسة الحاسوب، وهي دراسة نافعة ومُثمرة - فينبغي أن تحاول إقناع الأهل بتحويل دراستك إلى هذا المجال، وأن تُناقشهم بهدوء، وأن تسمع رأيهم بإنصاف، فربما كان ما يبدونه لك من النصح أنفع لك.
وعلى كل تقدير فإن مناقشة الأهل في هذا الاختيار ومدارسة السلبية والإيجابية فيه أمرٌ نافع لك، فإنه سيؤول إمَّا إلى إقناعك وإمَّا إلى إقناعهم.
ما قد يبدر من الأهل – أيها الحبيب – من إساءة إليك ينبغي أن تُقابله بصدر رحب، ويُعينك على ذلك ما سبق أن ذكرناه لك من أن الأهل الأصل فيهم أن يفعلون ما يفعلون بدافع الحرص على مصالحك ومنافعك، وقد يُخطئون في الأسلوب، فينبغي أن تتفهم هذا، ومداواتك لهذا الأمر بهدوء ومحاولة إقناعهم بما تراه أنت أنفع سيزيل ما بينك وبينهم من الجفوة.
أما ما قررت الفرار إليه - وهو الاستماع إلى آلات اللهو - فإنه فرار إلى ما لا يفيدك، بل يزيدك كآبة إلى كآبتك، فإن الاطمئنان وانشراح النفس لا يجده الإنسان بارتكاب ما حرَّم الله سبحانه وتعالى عليه، وقد بيَّن لنا القرآن العظيم أن طمأنينة القلب بذكر الله، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، كما بيَّن لنا أيضًا أنه عند ضيق الصدر يكون الدواء الإكثار من تسبيح الله تعالى، {ولقد نعلم أنك ضيق صدرك بما يقولون فسبِّح بحمد ربك}.
فننصحك بمعاودة الاشتغال بطاعة الله سبحانه وتعالى، وقد أحسنت بمحافظتك على الصلوات، فزد على ذلك اجتناب ما حرَّم الله سبحانه وتعالى عليك من المسموعات أو المرئيات، وأكثر من ذكر الله تعالى واستغفاره، فذلك سببٌ لجلاء القلب وسعة الصدر.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان.