أصبحت بلا أصدقاء بسبب خوفي من الخلاف مع الآخرين؟

2018-02-07 23:57:29 | إسلام ويب

السؤال:
صباح الخير.

عندي مشكلة نفسية، وهي الخوف من زعل الآخرين والخلاف معهم، وقد أثرت المشكلة علي، فصرت في عزلة لا أصدقاء لي، أخاف من الاجتماعات أو تكوين الأصدقاء، فالخوف أثرعلي حتى في الكلام، لا أرفض طلبا لأحد، أصبحت انطوائيا، ولدي رهبة من رسائل الجوال، فكلما وصلتني رسالة أحس بخوف، ما الحل يا دكتور؟ هل أقدر أن أتخلص من هذه المشكلة بالدواء أو العلاج السلوكي؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الظاهرة النفسية التي تعاني منها، وهي خوفك من أن تُغضب الآخرين في حالة الخلاف معهم أو الدخول في أي خلاف معهم؛ ممَّا أدَّى إلى عزلتك وتجنُّبك، وعدم شعورك بالاطمئنان والأمان في أثناء الاجتماعات، وهذا أدَّى إلى انسحابك اجتماعيًا، وظهور شيء من الانطوائية لديك.

أيها الفاضل الكريم: هذا ناتج حقيقة من أن شخصيتك حسَّاسة، والشخصية الحساسة تكون على هذه الشاكلة. وأنا أيضًا أرى أن فيك درجة طيبة من الحياء، والحياء أمر جيد، وكله خير، أو خير كله، وهو شعبة من شعب الإيمان، لكن يجب أن تُوظّفه التوظيف الصحيح، لا يمنع الإنسان من أن يقول كلمة الحق ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين.

أنت شخص واضح أنه لديك منظومة قيمية ممتازة، وهذا أمرٌ جميل، فقل لنفسك (يجب ألَّا تتحسَّس حول مشاعر الآخرين إذا كانت مشاعر سلبية نحوي، المهم في الأمر أن تُحاول أن تتجنب الخطأ وإيزاء الآخرين بأي صورة من الصور)، وفي ذات الوقت – أيها الفاضل الكريم – اعلم أن انسحابك هذا ودون مبرر واضح للناس يُسبِّب لك حرج مع بقية الناس، وفي هذه الحالة بدل أن تُفرحهم بلقاءاتك تجعلهم في هواجس من أمرهم، فبعضهم قد يظن أنه قد أغضبك أو شيء من هذا القبيل، لذا أنت لا تود التواصل معهم.

فالتحليل المنطقي لهذه الظاهرة وبناء قناعات جديدة أن التواصل الاجتماعي هو الأصل في الأمور، لأن الإنسان بطبعه اجتماعي، والإنسان يحتاج للناس كما يحتاجون إليه.

فحلِّل الأمور بهذه الطريقة، وحاول ألَّا تتجنب اللقاءات، وحاول أن تتمازج اجتماعيًا وتتفاعل مع مَن ترتاح إليه، مع المصلِّين مثلاً في المسجد، مع زملائك، في العمل مثلاً، مع الجيران، مع الصداقات القديمة والجديدة... وهكذا.

وأنا أعتقد أن هنالك كثير من الظواهر والأنشطة الاجتماعية المفيدة والحميدة جدًّا إذا مارسها الشخص تجعله يكون مِقْدامًا ويتخلص من الرهبة والحرج الاجتماعي، من هذه الأنشطة – أخي – تلبية الدعوات، دعوات الأفراح، الأعراس، الذهاب لتقديم واجبات العزاء، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، صلة الأرحام، ممارسة أي نوع من الرياضة الجماعية مثل كرة القدم مثلاً مع مجموعة من الأصدقاء، الانخراط في نشاط اجتماعي أو ثقافي أو خيري، الالتحاق بحلقات القرآن...

فيا أخي الكريم: مثل هذه الأنشطة التي هي في الأصل ذات طابع اجتماعي وفيها خير، وفيها أجر بإذن الله تعالى، تعطي الإنسان ثقة كبيرة في نفسه، وتجعله يتجنب التجنُّب – كما نُسمِّيه – وهذا هو العلاج السلوكي المطلوب في حالتك، فاحرص على هذه الآليات.

وأنا أنصحك بأن تُسجّل في دفتر يوميًا أنشطة اجتماعية، على الأقل نشاط في الصباح ونشاط في المساء، وتُطبِّقها، لأنك حين تكتبها سوف تُؤكد على نفسك، وتُحدِّد وقتها، والزمن الذي سوف تستغرقه بالتقريب. هذا فيه شيء من الالتزام لك بأن تقوم بأنشطة اجتماعية.

وأنا أنصحك أيضًا أن تطور مهاراتك التواصلية، من خلال الاهتمام الكبير بتعابير وجهك حين تلتقي بالناس، واعلم أن تبسُّمك في وجه إخوانك وفي وجوه الناس صدقة، سلِّم على من عرفت ومن لم تعرف، اللغة الجسدية، حركة اليدين – على وجه الخصوص – مهمّة جدًّا، وكذلك نغمة الصوت ونبرته حين الحديث مع الناس، والنظر في عين من تتحدث إليه، ... كل هذا مهم جدًّا ويؤدي إلى ثقة الإنسان بنفسه.

وحتى تكتمل المنظومة العلاجية من حيث مكوناتها النفسية ومكوناتها البيولوجية أنصحك أيضًا بتناول دواء بسيط جدًّا وسليم وبجرعة بسيطة، الدواء يعرف باسم (زيروكسات CR) واسمه العلمي (باروكستين)، أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة 12.5 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعدها توقف عن تناول الدواء، وذلك من خلال أن تجعل الجرعة حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا التدرُّج في تناول الدواء والتوقف منه مهم، وذلك حتى نضمن أنك لم تُصاب بأي نوع من الأعراض الانسحابية التي ربما تحدث في بعض الأحيان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net