أفكر بالانتحار للخلاص من مشاكلي وإراحة أهلي؟
2018-01-22 04:45:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضاقت بي الدنيا، ومررت بمشاكل كثيرة، ولدي أربعة أطفال، وأبلغ من العمر35 سنة.
أنا إنسانة متعلقة بأهلي كثيراً، وأعشق قضاء الوقت بينهم بالفترة الأخيرة، أمي أصبحت تتضايق من الأطفال وإزعاجهم، فخففت زياراتي لهم، خصوصاً في أيام اجتماع أخواتي وأطفالهم.
في الفترة الأخيرة والدتي كررت قول: (لا تأتين لنا وخليك في بيتك، أنا لا أستطيع تحمل وجودكم)، لاحظت أنها كررت الكلام لي أكثر من أخواتي، وأنا أسعى لنيل رضاها بكل السبل، وأقدر الظروف التي مرت بها، بسبب سجن أحد إخواني، وسفر الآخر، ومشاكل أخواتي مع أزواجهم.
قلت في نفسي ربما لو أنني تأخرت وقللت زيارتي لها تشتاق لي، لكنني وجدتها لا ترغب بوجودي مع أنها تحب أطفالي، لا أعلم سر تعاملها الغريب معي؟
بيني وبين إحدى أخواتي سوء تفاهم، وأعلم أنها تشي بي عند والدتي، قلب الأم كبير ويتسع الجميع فماذا تطردني؟ لا أستطيع العيش دون سماع صوت أمي كل يوم، ولا أستطيع أن يمر الأسبوع دون رؤيتها، الحياة ليست مضمونة، أخشى أن يتوفاها الله -لا سمح الله- وأنا لم أرها، أو أن يحصل لها مكروها -لا سمح الله-، قد أموت حينها من شدة الحسرة.
أحب لمة أهلي بوجود والدتي ووالدي وإخوتي، لكن لا حياة لمن تنادي، انحرمت من وجودي بينهم لأسباب لا تقنعني، اليوم سمعت كلاما أشد من القتل بعد مشادة وقعت بيني وبين إحدى أخواتي، مع العلم اختصرت الكلام حتى لا تكبر المشكلة، لكن أختي كادت أن تضربني بآلة حادة، وأثارت غضب أمي، وقالت لوالدتي: (إذا أتيت لزيارتكم فلانة لا تأتي، وتقصدني أنا)، قالت أمي: (كلكم اذهبوا لمنازلكم ولا تأتوني إلا بالمناسبات)، ثم طلبت من أخي أن يأخذني معه وهو خارج، وطلبت أن لا أعود لزيارتها، وأن أعتبرها ميتة، جرحني كلام والدتي كثيرا، واتصلت بزوجي وجاء وأخذني.
أعلم بأن أمي غضبت مني، ولكن ليس إلى هذا الحد، لا أرى للحياة أي قيمة، وما تبقى من حياتي لا يستحق العيش، أهلي لا يرغبون بوجودي فما فائدة الحياة؟
أشعر بأن أطفالي لا يستحقون أن أكون والدتهم، ولا يستحقون وجودي في الحياة، ربما لو توفيت حياة الجميع ستكون أجمل، تنهمر دموعي عندما أنظر بعين أطفالي وهم يتحدثون.
أرغب بالانتحار لأنهي هذه المأساة التي أعيشها، شعور أن أعيش مغتربة بالحياة شيء لا يطاق، ربما وجودي سبب القلق لهم، وربما الحياة من دوني أفضل، ليس يئساً ولا ضعفاً ولكن لكي أرتاح ويرتاحون.
أرجوكم ساعدوني فأنا أمر بحالة انهيار تام، ربما كلامي كثير وغير مرتب، لكن أرجو أن تكون وصلت لكم المعاناة التي مررت بها، وعذراً على الإطالة، وأرجو الرد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ alya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلاً الله تعالى أن يفرج همك، ويكشف غمك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك الصبر والحِلم والسعادة، ويحقق لكِ آمالك وأمانيك الطيبة.
بخصوص انزعاج والدتك -حفظها الله وعافاها- من الأطفال, فأنصحك بحسن الظن بها، والصبر عليها، والتفهُّم لعذرها، حيث أن كِبار السن لتراكم المتاعب النفسية والبدنية والصحيّة يغلب عليهم شدّة القلق والتوتر عندهم, ولا يطيقون ما يصدر عن الأطفال من أصوات وإزعاج أو خصومات منهم، فضلاً عن خصومات عامة الناس, ولذا أمرنا الله تعالى بالبر والإحسان إليهم عند كِبَر سنهم، خاصة في قوله تعالى: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُف ولا تنهرهما وقُل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذُل من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
وربما ضاقت صدور بعض الآباء ببعض الأبناء وأبنائهم، خاصة لاعتبارات كثيرة ليس منها قطعاً المجاملة لبعضهم, فالواجب حسن الظن بهم، وتقدير مشاعرهم ونفسياتهم, وهذا أقل الواجب معهم.
جميلٌ منكِ ارتباطك بالبيت والأهل والأسرة والوالدين خاصة, إلا أن من الجميل، أو الأجمل أيضاً عدم الضغط على الوالدة بكثرة الزيارة, فحسبهم ما احتملوه منّا من متاعب قبل الولادة وبعدها، حتى بلغنا الأشُد، وحظينا بنعمة الزواج والأولاد, وقد صح في الحديث: (زُر غِبا -أي قليلاً- تزدد حُبّا), ويمكنك تعويض قلّة الزيارة بالاتصال والتواصل عبر وسائل التواصل والهاتف, فليس من واجب الوالدين الاستمرار على احتمال مشاق الرعاية ونحوها إلى آخر العُمر, بل العكس، حيث والواجب علينا إكرامهم مادياً ومعنوياً.
ومن التطبيق العملي لواجب البر بالوالدين وصلة الأرحام، حُسن الخُلق والمعاملة، وحمل مشاعر المحبة والتقدير، والبُعد عن أسباب النزاع والخِلاف.
أنصحك بأن لا تبالغي في الشعور بالضيق والهم والتوتر, أو التعلق الزائد بالبيت والأسرة, أو المبالغة في ردة الفعل تجاه الوالدة والأهل والأخوات, ويمكنك شغل الوقت والفراغ بإملاء جُل اهتمامك بنفسك وزوجك وأطفالك بالاهتمام بما يسهم في تحصيل المنافع والمصالح الدينية والدنيوية, وذلك بالاهتمام بالتعليم والقراءة والدراسة، وتنمية المواهب والثقافة، ومتابعة البرامج المفيدة, ولا شك أنكِ بعد ذلك قد لا تجدين الفراغ لغير ذلك من الأمور والمصالح, كما ومن الجميل نفسياً شغل الوقت بالنزهة وبعض الرياضة وزيارة الأصدقاء وأهل الزوج ونحوهم, وكما قيل في المثل: "كم من أخٍ لك لم تلده أمكَ".
أوصيك بلزوم الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، وفعل الخير، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء, ففي ذلك أعظم الفضل والثواب والسعادة والراحة والاطمئنان والجزاء في الدنيا والآخرة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الحكمة والصبر والهدى والرشاد والصواب, والله الموفق والمستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل.