أرغب أن أتزوج وأعف نفسي فما السبيل لذلك؟
2018-01-22 00:48:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في أواخر العشرين، انفصلت عن خطيبي مؤخرا، وأعيش في الغربة وحيدة، لا أختلط مع الرجال، وأريد الاستقرار، وأن يرزقني الله بالزوج الصالح، وأدعو الله بذلك طوال وقتي.
محرومة من رؤية أهلي، ولا أملك أي نوع من الاستقرار، فربما ما أنا فيه هو امتحان من رب العالمين، وأنا راضية بما كتبه الله، ولكن الزواج سنة الحياة، وأنا أرغب بالعفاف وحفظ نفسي في الغربة.
ليس من اللائق على الفتاة عرض نفسها، وأنا أخجل كثيرا من ذلك، ويوجد مواقع الكترونية للزواج، فكرت فيها ولم أتقبل فكرة الزواج بالإنترنت، لا أعلم ما هو الحل، غريزتي الأنثوية والتي تحتم علي الخجل تمنعني من عرض نفسي، فما نصيحتكم حتى أتزوج؟ وأنا أواظب على دعاء سيدنا موسى لتيسير الزواج، وكذلك أدعية تسهيل الزواج الأخرى.
ملاحظة: هناك بعض الأخوات بالغربة اللواتي يعملن كخطابات، ولكن أغلب من يطلبون الزواج يكون هدفهم الحصول على إقامة أو جنسية، ومعظمهم من بنغلادش أو أندونيسيا أو الهند، أعلم أن الجميع خير وبركة، ولكنني أخاف من وضع اسمي، وأن يعرف جميع الجالية بذلك، ولا أستطيع التعرف على الكثير من الناس بغرض الزواج وأهلي ليسوا معي، أريد إكمال ديني، وحفظ نفسي، ولا أعلم الطريقة؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع سائلاً الله تعالى أن يفرج همك، ويكشف غمك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك الزوج الصالح، ويحقق لكِ آمالك وأمانيك الطيبة.
يظهر من لغة وخطاب سؤالك -حفظك الله ووفقك- ما تتميزين به من حسن الدين والخلق والثقافة والتربية, ولا شك كما تعلمين أن هذه النِعم أجزل وأجمل وأفضل نعم الله تعالى على عباده, فلتحمدي الله تعالى على هذه النِعم التي حُرِمها كثير من الناس، قال تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خيرٌ وأبقى}, إضافةً إلى ما أنعم الله به علينا وعليك من نِعم الصحة والعافية والوالدين والأسرة وغيرها، وقال تعالى: {وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفّار}, فاستشعري ذلك العطاء الإلهي متى ما ابتليت ببعض الخيبة والخُذلان والحرمان.
من الطبيعي والفطري بل ومن المطلب الشرعي أن تحرصي -أختي الكريمة- على الزواج، فالزواج ستر وسكن وعفة وسنة كونية وشريعة إلهية، لقوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون}, ولا مانع شرعاً من أن تعرضي نفسك على الخاطبات الثقات, وأحسن من ذلك أن يكون العرض عن طريق من تأنسين منه الثقة والأمانة والحكمة والمروءة, ولا تغفلي عن الاهتمام بمظهرك وجمالك الظاهر كما تهتمين بجمال الباطن أيضاً, وقد ورد في الصحيح : (إن الله جميلٌ يحب الجمال).
أوصيك بالمزيد من الصبر والدعاء وحسن الظن بالله تعالى وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، يقول تعالى في كتابه الكريم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}, وتذكّري أن البركة والرحمة والتوفيق والخير كثيراً ما تكون قريباً منّا، ولا نشعر به إلا بعد وقوعه {وخُلق الإنسان عجولا}, ولا يخفى أن كثيراً من الزيجات غير المدروسة قد منيت وانتهت بالفشل والخذلان في نهاية المطاف للأسف, قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وقال سبحانه: {لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم}.
ومما يسهم أيضاً في تحصيل عون وتوفيق الرحمن والراحة والاطمئنان وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان، أن تحرصي على تنمية الإيمان بلزوم الذكر والطاعة، وقراءة القرآن، وفعل الخير، وبر الوالدين، وصلة الأرحام, كما أن ذلك سبيل لنيل رحمة الله ونعيم الجنان والبعد عن سخطه والنيران, قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، {ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه}، {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}, ولا خير أو أفضل وأجمل من اللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}, ولا يخفاك أن أمر الدعاء إلى ثلاثة أحوال: إما أن تعجَّل للعبد, وإما أن تؤخَّر, وإما أن يُرفع عنك من الشر مثله.
استحضري عبادة حسن الظن بالله ورجائه، والصبر على البلاء، والشكر للنعماء، والإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومرّه من رب الأرض والسماء, والرضا بالقضاء, واستحضار ثواب الجزاء يوم اللقاء, قال تعالى: {ولئن شكرتم لأزيدنكم}، وقال سبحانه: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}, وفي الحديث الصحيح: (فإن النصر مع الصبر, وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسرا).
كثيراً ما يكون مكمن دافع العجلة في الزواج والقلق في تأخره هو مقارنة النفس بالآخرين, أو مراعاة كلام الناس, فلا تعطي الناس الفرصة لإزعاجك والتحكم بمشاعرك وإقلاقك بالدخول في خصوصياتك، ففي الحديث الحسن عند الترمذي: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
نعم لك الحق في الحرص على الزواج, لكن من غير مبالغة، حيث لا مبرر لها، فما زال الأمر في دائرة الحل والاحتمال, واصرفي القلق والهم بالانشغال فيما يعود عليك بالمنفعة في دينك ودنياك، من الانهماك في الدراسة، والطاعة، والذكر، وقراءة القرآن، والعبادة، واتخاذ صحبة صالحة ناصحة, وفي الرياضة ومتابعة المحاضرات والبرامج العلمية والثقافية المفيدة, وانشغلي بالانهماك في الدراسة؛ طلبا للتفوق فيها، وهو مما يقتل فراغك، ويعينك على تنمية ثقافتك وبناء شخصيتك.
أسأل الله أن يفرج همك، ويكشف غمك، ويعطيك سؤلك، ويرزقك الصبر والزوج الصالح والحياة السعيدة والكريمة الآمنة والمطمئنة إنه سميع قريب.